قول النبي صلى الله عليه وسلم : ” أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر ، وبيدي لواء الحمد ولا فخر ، وما من نبي يؤمئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي ، وأنا أول شافع ، وأول مشفع ولا فخر ” رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة من حديث أبي سعيد رضي الله عنه، وصححه الألباني .

يفيد الحديث : أن محمداً صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم ، ويجب على كل مؤمن أن يؤمن بذلك .

والسيد : هو ذو الشرف والطاعة والإمرة ، وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم من طاعة الله سبحانه وتعالى: { من يطع الرسول فقد أطاع الله } النساء : 80.

ونحن لا نشك أن نبينا صلى الله عليه وسلم سيدنا ، وخيرنا ، وأفضلنا عند الله سبحانه وتعالى ، وأنه السيد المطاع الذي تجب طاعته فيما يأمر به ، صلوات الله وسلامه عليه ، والانتهاء عما ينهانا عنه ، وأن لا نتجاوز ما شرع لنا من قول أو فعل أو عقيدة أو شريعة ، فلا نبتدع في دين الله ما ليس منه ، ولا ننقص من دين الله ما هو منه ، فإن هذا هو حقيقة السيادة التي هي من حق النبي صلى الله عليه وسلم علينا .

ومما يجدر ذكره هاهنا : هو ما شرعه لنا في كيفية الصلاة عليه في التشهد ، أن نقول : ” اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ..” .

ولا نعلم أن رواية وردت بصيغة ” سيدنا ” ، يعني أن يقول المصلي : ” اللهم صل على سيدنا محمد ! وعلى آل سيدنا محمد ! ” فهذه الصيغة لم ترد عن النبي عليه الصلاة والسلام ، ولذا فإن الأفضل ألا نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بها ، وإنما نصلي عليه بالصيغة التي علمنا إياها في الأحاديث الصحيحة الكثيرة .

وعلى هذا فإن كل مبتدع لأذكار ، أو صلوات على النبي صلى الله عليه وسلم ، أو عبادات لم يأت بها شرع الله تعالى على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، فإنه يتنافي مع دعواه وقوله : إن محمداً صلى الله عليه وسلم سيدنا ؟!

لأن مقتضى هذه العقيدة أن لا يتجاوز ما شرع ، وأن لا ينقص منه ، وأنه متبع لا مشرع أو مبتدع ، فليتأمل المسلم وليتدبر هذا المعنى العظيم.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” السيد الله ” رواه أحمد وأبو داود ، والجمع بينه وبين قوله هاهنا : ” أنا سيد ولد آدم ” أن السيادة المطلقة لله تعالى وحده ، فإنه تعالى الذي له الأمر كله ، فهو الآمر وغيره مأمور ، وهو الحاكم وغيره محكوم ، وأما غيره فسيادته نسبية إضافية تكون في شيء محدود ، أوفي زمن محدود ، أو مكان محدود ، أو على قوم دون قوم .

أما قوله ” ولا فخر ” أي : أقول ذلك شكرا لله تعالى ، وتحدثا بنعمة الله علي ، ولا أقوله تفاخرا ولا تكبرا وتعاظما على الناس .

وقيل : أنا لا أفخر بالعطاء ، ولكن أفخر بالمعطي سبحانه الذي أعطاني هذه الرتبة والمنزلة .

وقد أمره الله سبحانه بقوله { وأما بنعمة ربّك فحدّث } الضحى : 11 .

وأما قوله ” وأنا أول شافع ” أي : يوم القيامة وفي الجنة وغيرها

وقوله ” وأول مشفع ” أي : من تقبل شفاعته في جميع أقسام الشفاعة .

وأقسامها هي :

1- الشفاعة العظمى الخاصة به صلى الله عليه وسلم من بين سائر إخوانه النبيين ، وهي شفاعته صلى الله عليه وسلم لإراحة الناس من هول الموقف يوم القيامة ومن الهم والكرب الذي يصيبهم .

2- شفاعته صلى الله عليه وسلم في إدخال قوم الجنة بغير حساب ولا عذاب .

3- شفاعته صلى الله عليه وسلم في رفع درجات قوم فوق ما يقتضيه ثواب أعمالهم .

4- شفاعته صلى الله عليه وسلم في قوم استحقوا العذاب ألا يعذبوا .

5- شفاعته صلى الله عليه وسلم في تخفيف العذاب عمن يستحقه ، كشفاعته في عمه أبي طالب ، فيجعل في ضحضاح من النار بدلا من الدرك الأسفل .

6- شفاعته في أن يؤذن لجميع المؤمنين في دخول الجنة .

7- شفاعته صلى الله عليه وسلم في أهل الكبائر ممن دخل النار ، فيخرجون منها .

8- شفاعته لأهل المدينة ولمن مات بها .