هذه أحاديث نبوية شريفة تعلمنا صفة نوم الرسول صلى الله عليه وسلم وبعض السنن المتعلقة به، القولية منها والفعلية :

1 – كان ينام أول الليل، ويُحيي آخره [متفق عليه]

كان صلى الله عليه وسلم ينام أوائل الليل ويستيقظ عند نصف الليل الثانى فيستاك ثم يتوضأ ثم يصلى إلى أن يبقى من الليل نحو سدسه فيضطجع مع أهله فإن كان له حاجة إلى أهله ألم بهن وإلا حدثهن أو نام إلى قبيل الفجر، فلم يكن يأخذ من النوم فوق القدر المحتاج إليه ولا يمنع نفسه من المحتاج إليه منه وكان ينام على شقه الأيمن ذاكرا الله حتى تغلبه عيناه غير ممتلئ البدن من الطعام والشراب.

2- كان صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه، وضع كفه اليمنى تحت خده الأيمن وقال: “رب قِني عذابَك يوم تبعث عِبادك ثلاث مرات” [رواه الترمذي وقال حسن صحيح].

وقوله (إذا أخذ مضجعه وضع كفه اليمنى تحت خده الأيمن) فيه دليل لندب التيمن فى النوم لأنه أسرع إلى الانتباه لعدم استقرار القلب، ولأنه معلق بالجانب الأيسر فيقلق ولا يستغرق في النوم، فيكون الاستراحة أبطأ للانتباه قالوا: والنوم عليه وإن كان أهنئ لكن إكثاره مضر بالقلب يسبب ميل الأعضاء إليه[1].

وكان يدعو بقوله: “رب قِني عذابَك يوم تبعث عِبادك ثلاث مرات”، وهو من الأدعية التي نقلت من أفعال النبي صلى الله عليه وسلم.

3 – كان النبي صلى الله عليه وسلم إِذا أوى إِلى فراشه قال: “باسمك اللهم أموت وأحيا، وإذا استيقظ قال: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا، وإليه النشور [رواه مسلم]

4- ومن الأدعية التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد النوم، جمع كفيه فنفث فيهما، وقرأ فيهما: قل هو الله أحد، قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، ثم مسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده، يصنع ذلك كلاث مرات [متفق عليه].

5- وكان من توجيهه – صلى الله عليه وسلم – لكل مسلم ومسلمة أنه قال: «إذا أوى أحدكم إلى فراشه، فليأخذ داخلة إزاره -أي طرفه- فلينفض بها فراشه وليسم الله، فإنه لا يعلم ما خلفه بعده على فراشه، فإذا أراد أن يضطجع فليضطجع على شقه الأيمن، وليقل: سبحانك اللهم ربي بك وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفس فاغفر لها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين» (1).

6 – وكان من توجيهه صلى الله عليه وسلم كذلك أنه قال: «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن»

7 – وكان صلّى الله عليه وسلّم لا ينام حتّى يقرأ سورتي الإسراء والزّمر[2].

 وفي رواية أخرى أنه كان صلّى الله عليه وسلّم لا ينام حتّى يقرأ: (ألم تنزيل) السّجدة و: (تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ)[3].

8 – وكان صلّى الله عليه وسلّم يأمر نساءه إذا أرادت إحداهنّ أن تنام.. أن تحمد ثلاثا وثلاثين، وتسبّح ثلاثا وثلاثين، وتسبّح ثلاثا وثلاثين، وتكبّر ثلاثا وثلاثين.

9 – وكان النّبىّ صلى الله عليه وسلم إذا عرّس بليل اضطجع على شقّه الأيمن، وإذا عرّس قبيل الصّبح نصب ذراعه ووضع رأسه على كفّه. [رواه مسلم].

10– وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ‌عرّس ‌بليل اضطجع على شقه الأيمن، وإذا عرّس قبيل الصّبح نصب ذراعه ووضع رأسه على كفه. [رواه مسلم]. وذلك إذا نزل للاستراحة والنوم في أول الليل وهو مسافر أنه يضطجع على الشق الأيمن، أما إذا نام قبيل الفجر نصب ذراعه ووضع رأسه على كفه ليتمكن من القيام لصلاة الفجر، لانه قد كان يسهر في مصالح الأمة.

والحكمة من هذه السنة تعليم الامة بذلك، لئلا يثقل بهم النوم، فتفوتهم صلاة الصبح أول وقتها، ويسن للمسافر تحرى ذلك، اقتداء به صلى الله عليه وسلم، وتحصيلا لفضيلة صلاة الصبح أول وقتها.  

11 – أما فراش النبي صلى الله عليه وسلم ووسادته مصنوعان من أدم، قالت عائشة رضي الله عنها: «إنما كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ينام عليه من أدم حشوه ليف» [متفق عليه].

ودخل عليه نفر من أصحابه ودخل عمر، فانحرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ير عمر بين جنبيه وبين الشريط ثوبًا، وقد أثر الشريط بجنب رسول الله، فبكى عمر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ما يبكيك يا عمر»؟ قال: والله إلا أن أكون أعلم أنك أكرم على الله عز وجل من كسرى وقيصر، وهما يعبثان في الدنيا فيما يعبثان فيه، وأنت رسول الله بالمكان الذي أرى! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة»؟ قال عمر: بلى، قال: «فإنه كذلك» وسادته التي ينام عليها بالليل من أدَم (جلد) حشوها من لِيف”. [صحيح، رواه أحمد].

قال ابن القيم:  وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينام تارة على الفراش المحشو بالليف كما مر، وتارة على النطع، وتارة على الحصير، وتارة على الأرض.

12 – وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينام قبل صلاة الوتر، ثم يستيقظ لها، قالت عائشة: يا رسول الله، أتنام قبل أن توتر؟ فقال: يا عائشة: إن عيني تنامان، ولا ينام قلبي” [متفق عليه].

13 – وكان عليه الصّلاة والسّلام إذا استيقظ من نومه يتسوك سواء في الليل أو في النهار .

‌تقول عائشة رضي الله عنها: كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكه، وطهوره، فيبعثه الله عز وجل لما شاء أن يبعثه من الليل، ‌فيستاك ويتوضأ، ويصلي تسع ركعات.

كان رسول الله – عليه السلام – إذا قام فتهجد، يشوص فاه بالسواك. [البخاري ومسلم]

وكان صلّى الله عليه وسلّم يستاك في اللّيل مرارا، وكان النبي يقول: “أكثرت عليكم في السواك. [البخاري]

14– الاستنان قبل النوم: وكان صلّى الله عليه وسلّم لا ينام حتّى يستنّ. والمراد بالاستنان تنظيف الأسنان بدلكها بالسواك.

15- وكان إذا تقلب في نومه صلى الله عليه وسلم ذكر الله تعالى، قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا تضوّر من اللّيل.. قال: «لا إله إلّا الله الواحد القهّار، ربّ السّماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفّار» [صحيح ابن حبان]. ومعنى (تضوّر) : تلوّى وتقلّب في فراشه.

وفي صحيح البخاري حديث شريف يرغب بالذكر لمن تقلب أثناء النوم، قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من تعارَّ من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير، سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر و لا حول و لا قوة إلا بالله ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا استجيب له، فإن فتوضأ و صلى قُبلت صلاته. [البخاري]

16- ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ من النّوم فوق القدر المحتاج إليه ولا يمنع نفسه من القدر المحتاج منه.

17- وثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا استيقظ من منامه يقول: «الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور». [البخاري ومسلم]


مصادر :

وسائل الوصول إلى شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، المؤلف: يوسف بن إسماعيل بن يوسف النَّبْهَاني (ت ١٣٥٠هـ)

أشرف الوسائل إلى فهم الشّمائل (ومعه: جواهر الدّرر في مناقب ابن حجر)

أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي السعدي الأنصاري، شهاب الدين شيخ الإسلام، أبو العباس (ت ٩٧٤هـ)

مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع، المؤلف: محمد بن جميل زينو

[1]  «أشرف الوسائل إلى فهم الشمائل» (ص365).

[2]  رواه الترمذي وقال: حديث حسن.

[3]  رواه الإمام أحمد والترمذي ، وصححه محققو المسند.