الاقتصاد عصب الحياة، وقد أولاه الإسلام اهتمامًا يليق بضرورته في الحياة، ووضع له من الأسس والضوابط ما يرشِّده وينمِّيه، ويحفظه من الهدر والاعتداء، حتى لا يكون سببًا في العداوة والشقاق.. وفي هذا الحوار نتعرف من د. عبد المجيد العمري ، على علاقة الإسلام بالاقتصاد وما يقدمه فيه مما يمكن أن يندرج تحت نظرية متكاملة أو أسس راسخة مهمة، إضافة إلى الحديث عن دور القرآن والسنة في هذه النظرية أو الأسس، وعن الاقتصاد المعاصر ومدى اقترابه أو ابتعاده عن “فلسفة الإسلام الاقتصادية”، والتحديات التي يفرضها هذا الاقتصاد على المجتمعات الإسلامية، وكيفيه التغلب عليها.
ود. العمري أكاديمي يمني، أستاذ مساعد بمعهد الصيرفة والتمويل الإسلامي بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا ، حصل على الدكتوراه في فقه المعاملات المالية، من جامعة سيدي محمد بن عبد الله- فاس- المغرب، وله العديد من الكتب والأبحاث التي تقدم إسهامات متميزة حول الاقتصاد الإسلامي وقضاياه المعاصرة، ومن كتبه: القواعد الفقهية والضوابط الشرعية للمعاملات المالية المعاصرة. قضايا مالية واقتصادية شرعية معاصرة. الاقتصاد الرقمي وأثره في نمط الحياة المعاصرة. ومن أبحاثه: مفهوم زكاة المستغلات وتطبيقها على صكوك الاستثمار طويلة الأجل. تطوير الأعمال: في سياق التنوع الاقتصادي في البلدان النامية. ضوابط الرقابة الشرعية على البنوك الإسلامية: دراسة تحليلية نقدية. فإلى الحوار:
• نظرة الإسلام إلى التنمية شاملة تجمع بين تطوير الموارد الطبيعية والبشرية
• القرآن ناقش قضايا الحياة والمال والتجارة والإنتاج، في سياق تكاملي عجيب
• السنة أرست عدم التدخل في السوق
• من المهم تحديث “العقلية الفقهية” بالمفاهيم الاقتصادية، ودمج تخصصات تكاملية
• نحتاج دراسات في الهندسة المالية، وتشكيل صيغ جديدة تتسم بالفاعلية والمواكبة
كيف هي علاقة الإسلام بالاقتصاد؟ وهل يقدم الإسلام ما يمكن أن نعتبره “نظرية اقتصادية”؟
الاقتصاد منتج بشري فطري تتطلبه الحياة، وهو يتوافق مع الفطرة البشرية من الحفظ والتدبير والتسيير للاستمرار والبقاء. والإسلام دين الفطرة والعدل والمساواة، ولذا يعتبر الإسلام هو الأصل، والنظريات الاقتصادية الحديثة خرجت عن هذا الأصل.. ومؤشرات الفشل والإخفاق والأزمات الاقتصادية الحادة، دليل خروجها عن الأصل.
ومن هنا يمكن القول إن للاقتصاد الإسلامي نظرية خاصة به، وهذه النظرية تقوم على أساس حفظ الموارد وتنميتها، وترشيد النفقة وتسييرها وفق مقاصد الشريعة، وتقوم على أساس ما يسمى حديثًا “الاقتصاد الحقيقي” اقتصاد الإنتاج والسوق، اقتصاد ملموس يتمتع بدورة اقتصادية كاملة وواضحة المعالم، بعيدًا عن اقتصاد الوهم، اقتصاد الأوراق المالية، وأذون الخزانات، وما يسمى “بخلق النقود” وتراكم الكتلة النقدية بناء على معادلات غير منطقية ولا تنطلق من قانون العرض والطلب والندرة والكثرة.
إن الإسلام ينظر إلى التنمية نظرة شمولية تجمع بين تطوير كل من الأرض، الموارد الطبيعية، والموارد البشرية، لذلك اهتم الإسلام بالتنمية، واعتبرها عبادة لله تعالى، وجعلها من واجبات الاستخلاف، قال عز وجل: {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} (هود: 61).
إذن، ما دور القرآن الكريم والسنة النبوية في تشكيل هذه “النظرية”؟
يعتبر كتاب الله تعالى مَعْلَمَ هداية، يمتلئ بالحكمة والحقائق، والقرآن ناقش قضايا الحياة والمال والتجارة والعمل والإنتاج، في سياق تكاملي عجيب؛ ففي مطلع سورة النساء الآية 5 سمَّى المال “قوامًا”: {أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا}، وفي سورة العاديات الآية 8 سمّاه “خيرًا”: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}.
وقد تنوع خطاب القرآن الكريم في تشكيل هذه “النظرية” من خلال: تقديس العمل والضرب في الأرض، سن تشريعات دقيقة في حفظ الحقوق والأمانات، محاربة الربا وتكديس المال، مشروعية الزكاة والنفقات للحد من الهوة بين طبقات الفقراء والأغنياء، وضع منطلقات عامة من خلال التأكيد على مصطلحات تعتبر محورية في رسم التشريعات الخاصة، منها: النهي عن الفساد في الأرض، الطغيان، ومفهوم الخلافة، والأمانة، والرقابة، والمتابعة.. وتعتبر سورة يوسف أنموذجًا رائعًا في مواجهة الأزمات.
وأما السنة النبوية فهي المورد الخصب في تشكيل “النظرية الاقتصادية”؛ ومن أهم معالمها: عدم التدخل في السوق، والإبقاء على قاعدة العرض والطلب. وقد جاءت الإشارة إلى هذه العلة في قول النبي ﷺ: “لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقِ اللهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ” (رواه مسلم)، وفي تقديس العمل والإنتاج يعتبر “حديث الفسيلة” مَعْلمًا نبويًّا كبيرًا: “إن قامتِ الساعةُ وفي يدِ أحدِكم فسيلةٌ، فإن استطاعَ أن لا تقومَ حتى يغرِسَها فليغرِسْها” (الأدب المفرد). وهذا فيه تأصيل للحفاظ على الثروات للأجيال القادمة، فإذا يئست من ثمرة عمل فلا تترك العمل، عسى أن تنفع ثمرته غيرك. ولذا كان جيل الصحابة مثالاً في التفاني والعمل والإنتاج.
فعن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول لأبي: ما يمنعك أن تغرس أرضك؟ فقال له أبي: أنا شيخ كبير أموت غدًا، فقال له عمر: أعزم عليك لتغرسنها؟ فلقد رأيت عمر بن الخطاب يغرسها بيده مع أبي (سلسلة الأحاديث الصحيحة، 1/ 39).
وللمجدد الإمام ابن خلدون كلمات نيرات مضيئات لتحقيق التنمية في نظر الإسلام: “الملك لا يتم عزه إلاّ بالشريعة، والقيام لله بطاعته، والتصرف تحت أمره ونهيه، ولا قوام للشريعة إلاّ بالملك، ولا عزّ للملك إلاّ بالرجال، ولا قوام للرجال إلاّ بالمال، ولا سبيل للمال إلاّ بالعمارة، ولا سبيل للعمارة إلاّ بالعدل، والعدل الميزان المنصوب بين الخليقة، نصبه الربّ، وجعل له قيمًا، وهو الملك.
وكيف جاءت حياة النبي ﷺ مطبقة لـ”نظرية الإسلام الاقتصادية” أو الأسس الإسلامية في الاقتصاد؟
مارس النبي ﷺ التجارة في مطلع حياته، وكان يُعرف بالصادق الأمين، وكانت مكة حاضرة تجارية كبيرة، ولذا ظهر كثير من المعاملات التي تخالف العدل والميزان، فحارب النبي ﷺ صورًا عديدة منها الغش وربا، والمخابرة والمزابنة وبيع الثنيا، والملامسة. ومن خلال النصوص النبوية تشكّل ما يسمى أسباب النهي عن البيوع، والتي ترجع إلى الضرر والغرر والجهالة والغبن والخصومة والتمايز الطبقي والاحتكار.. وهذه المفاسد تتفق مع الفطر السليمة والنفوس المستقيمة.
و”نظرية الاقتصاد الإسلامي” لا تقوم فقط على محاربة الفساد والتكديس والربا، بل فتحت آفاقًا كبيرة في سن عقود وتشريعات تختلف مكانًا وزمانًا؛ فالاقتصاد المدني كان يقوم على الزراعة، ولذا قَبِلَ النبي ﷺ عقودًا جديدة مثل عقود السَّلَم وبيع العرايا، وعقود الاستصناع، وهذه العقود فيها من الجهالة المغتفَرة لكنها تتسم بالنفع والتكامل الاقتصادي، فبيع السلم يعتبر صيغة اقتصادية تمكن صاحب الأرض من الزراعة، وتساعد صاحب المال في توفير الإنتاج وفق شروط معينة ومحددة سلفًا، والقاعدة العامة في الشريعة: الأصل في العقود الحل؛ لأن العقود صيغ تفاهمية بشرية دوافعها الاحتياج والتكامل، فإذا ظهر الضرر والفساد والربا فتمنع لما تسببه من أضرار.
هل شهد التاريخ الإسلامي تفعيلاً وتطويرًا لهذه الأسس؟
التاريخ الإسلامي مليء بالإشراقات الاقتصادية اليانعة؛ ففي عصر الخلافة الراشدة نلاحظ الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه- مع اعترافه بالملكية الفردية، وبيان أن الرسول ﷺ يقول: “من قُتِل دون ماله فهو شهيد، ومن قُتِل دون دمه فهو شهيد، ومن قُتِل دون دينه فهو شهيد، ومن قُتِل دون أهله فهو شهيد”- لم ينسَ تفعيل قانون التشارك الحياتي في ضروريات الحياة: “الناس شركاء في ثلاث؛ الماء والكلأ والنار”.
ومع تقديسه الحق الفردي إلا أنه ومراعاة للمصالح العامة التي يمكن أن تضار ببعض أنماط الملكيات الخاصة، تبرز قصة بلال بن الحارث المزني؛ فقد جاء بلال بن الحارث المزني إلى رسول الله ﷺ فاستقطعه أرضًا فقطعها له طويلة عريضة، فلما ولي عمر قال له: يا بلال، إنك استقطعت رسول الله ﷺ أرضًا طويلة عريضة فقطعها لك، وإن رسول الله عليه السلام لم يكن يمنع شيئًا يُسأله، وأنت لا تطيق ما في يديك، فقال: أجل، فقال: فانظر ما قويتَ عليه منها فأمسكه، وما لم تُطق وما لم تَقْوَ عليه فادفعه إلينا نقسمه بين المسلمين، فقال: لا أفعل والله شيئًا أقطعنيه رسول الله، فقال عمر: والله لتفعلن. فأخذ منه ما عجز عن عمارته فقسّمه بين المسلمين.
وبذلك تم إرساء قاعدة مهمة في مجال الاستثمار الفعال للملكيات الخاصة، جديرة بالاقتداء المعاصر، وهي أن لولي الأمر أن يتصرف بما يحول دون إساءة استغلال الملكيات الخاصة وإهدارها بشكل يضر بالمصلحة العامة.
الاقتصاد المعاصر.. إلى أي مدى يقترب أو يبتعد عن “فلسفة الإسلام الاقتصادية”؟
يقيّم الاقتصاد المعاصر مدخراته بسعر الفائدة، ويقوم النظام برمته على “النظرية الرأسمالية” التي تعتمد خلق النقود، وأذون الخزانات، والأوراق المالية، والتوسع في الديون، وبناء “اقتصاد وهمي” لا يتسم للواقع بصفة.. وهذا التوسع هو الذي أوصل العالم إلى حافة الانهيار في أزمة 2008م ولا زال العالم يعيش نفس الإيقاع، ولذا كثير من الدراسات تؤكد أن هناك أزمة حقيقية قادمة ستشل النظام الاقتصادي العالمي؛ فالربا عنصر خفي يساعد على التضخم، وهناك صيغ جديدة استلذها النظام الرأسمالي عمّقت الهوة بين الاقتصاد الحقيقي والوهمي، منها بيع الخيارات والمستقبليات، والبيع على الهامش، وتوريق الديون، وتداول الرهون ونحوها من الصيغ التي تؤسس للتضخم والاقتصاد الوهمي.
فلا شك أن هناك مسافة كبيرة بين مبادئ الاقتصاد الإسلامي والاقتصاد المعاصر، وتتفاقم الأزمة بسبب أن الاقتصاد الإسلامي حتى الآن لم يصل إلى مراكز القرار العالمي، فمستوى الوعي، والحراك الفكري لا زال في بدايته.
ما التحديات التي يفرضها الاقتصاد المعاصر على المجتمعات الإسلامية؟
هناك تحديات كثيرة يفرضها النظام الاقتصادي المعاصر؛ فالسياسة والاقتصاد مثل العربة والخيل، كلاهما يقود الآخر، والشعوب الإسلامية لا زالت تعاني من هيمنة سياسية، والنظم المعاصرة التي قامت في الوطن العربي والإسلامي استنسخت التجارب الغربية في الاقتصاد؛ فهيمنة البنك المركزي بسياسته جعلت الكثير من محاولات التغيير محدودة، فالتشريعات والنظم الربوية هي التي تسير الدولة.. فبناء اقتصاد إسلامي يحتاج بالضرورة إلى قرار سياسي نابع من الإيمان بهذا الدين وصلاحياته لعموم الزمان والمكان.
المصارف الإسلامية، على سبيل المثال، لا تجد نفس الامتيازات التي تحصل عليها المصارف التقليدية، وحتى الآن كثير من الصيغ الإسلامية الحديثة التي برزت في بعض الدول- مثل الصكوك والمرابحة والاستصناع والسلم- لا توجد لها تشريعات خاصة لدى البنك المركزي.
مع الإشارة إلى أن هناك دولاً حدّثت من تشريعاتها، وأوجدت مناخًا ملائمًا للتوسع في المصارف الإسلامية؛ مثل ماليزيا، إندونيسيا، سنغافورة.
كيف يمكن التغلب على هذه التحديات؟
عملية التغيير تراكمية، فلا بد من حراك علمي وفكري مستمر؛ ولذا تجد تباينًا في عملية التغيير من دولة إلى أخرى. ومن المهم في نظري في هذه المرحلة بناء مراكز ومنتديات متخصصة، وإدخال مقررات الاقتصاد الإسلامي والمصارف الإسلامية إلى الجامعات العالمية؛ فالمجتمعات الغربية، وكذا الإسلامية التي تلوثت، تؤمن بالفائدة، والربح والنفع.. وفلسفة الاقتصاد الإسلامي فيها كل ذلك، بل فيها تفادي المخاطر، وتشجيع الاستثمار، وتجنب الأزمات المستقبلية، وفق أسس ومعادلات اقتصادية واضحة.
وما دور التكامل الاقتصادي بين الدول الإسلامية، في هذا التغلب؟
التكامل الاقتصادي يعتبر نافذة كبيرة لبناء سوق اقتصادي إسلامي؛ فالكتلة الاقتصادية الضخمة تؤسس لتوطين الاقتصاد والمال والتجارة. والدول الإسلامية تعتبر سَلَّات غذائية وموادَّ خامًا جاهزة يمكن دمجها في اقتصاد واحد، من خلاله يمكن فرض رؤى وفلسفة عالمية جديدة.
وعملية التكامل يمكن أن تكون في نقل التجارب الناجحة في الدول التي قطعت مسافة جيدة في عملية التحديث؛ فالصكوك الإسلامية في ماليزيا تعتبر فكرة اقتصادية واعدة يمكن استنساخها في بقية دول العالم الإسلامي، كذلك التمويل الجماعي في إندونيسيا، وتجربة سنغافورة في الوقف النقدي، وهناك تجارب في التمويل الأصغر في الهند وباكستان حريّة بالدراسة والاستفادة منها، وهناك تجارب خاصة ببعض البنوك والمصارف مثل بيت التمويل الكويتي، وبنك التنمية جدة.. فالتكامل عنصر ضروري للانطلاق، ومن المهم البداية من حيث ما انتهى الآخرون، والاستفادة من تجارب بعض الدول التي عمرها يفوق الـ40 عامًا في التحديث والتطوير.
هل الاجتهاد الفقهي المعاصر قادر على مواكبة التطور المفاهيمي والإجرائي في الاقتصاد العالمي؟
من حيث القدرة بدون شك؛ فالدِّين صالح لعموم الزمان والمكان، ويتسم بالمرونة والتعليل والتقصيد.. ويبقى المهم في نظري تحديث “العقلية الفقهية” بالمفاهيم الاقتصادية، والجمع بين تخصص الفقه وتخصص الاقتصاد.. وكذا تخصص الفقه والقانون.. ودمج تخصصات تكاملية حتى تكتمل الصورة ويحسن بناء تصور للقضايا المعاصرة، بما يسميه الفقهاء تحقيق المناط.. كذا توقيف ما يسمى بالاجتهاد الفردي، وتشكيل مجمعات فقهية فيها كفاءات متنوعة. وتجربة مجمع الفقه الإسلامي حريّة بالتطوير والتحديث والاستنساخ لكل دول العالم.
وما دور المجامع الفقهية في ذلك؟
شكلت مخرجات المجامع الفقهية إطارًا عامًّا ضابطًا لكثير من القضايا المعاصرة، ويعتبر “مجمع الفقه الإسلامي”، كذا هيئة “أيوفي” بالبحرين بمعاييرها الشرعية والمحاسبية، وهيئة مجلس الخدمات الماليزي، من منجزات العصر الحديث، التي وحّدت الرؤية، وأوقفت كثيرًا من محاولات التغريب، وبنت أساسًا جمع بين التعليل والتحليل.. وأعتبر كلَّ ذلك ثورة علمية حديثة يجب تطويرها وتفعليها.
وهل يمكن بلورة اقتصاد إسلامي منفك عن الاقتصادية العالمي، لاسيما فيما يتصل بالمخالفات الشرعية فيه؟
هناك أكثر من ألف مؤسسة إسلامية سواء مصرفية، أو تكافلية، أو مؤسسات التمويل الأصغر.. وهذه المؤسسات أثبتت نجاحها، وهناك أطر تشريعية وقانونية تؤسس للتوسع، وتبقى إشكالية الانفكاك بين البنك المركزي والمؤسسات الإسلامية القضية الكبرى؛ فلا أتصور أن يكون هناك اقتصاد إسلامي نظيف من المخالفات بدون هندسة بنك مركزي إسلامي ثم بنك إقليمي دولي إسلامي؛ لأن عملية الارتباط وثيقة.. فمحاولات الابتعاد عن الربا ممكنة، لكن بناء اقتصاد إسلامي يحتاج مزيدًا من الوقت والحراك الفكري والثقافي.
وما أهم القضايا الاقتصادية المعاصرة التي تحتاج لدراسة واجتهاد ؟
الاقتصاد هو المناخ الخصب المتجدد، وبنظري نحتاج مزيدًا من الدراسات العميقة في الهندسة المالية، وتشكيل صيغ جديدة تتسم بالفاعلية والمواكبة، كذا نحتاج تقنين كثير من التشريعات الإسلامية المعاصرة المتعلقة بالجوانب الحياتية، مثل قانون الشركات، وقانون التجارة والجمارك والعلاقات الدولية وغيرها من القضايا الملحة.
وحتى تكون الدراسات أكثر نفعاً وفائدة نحتاج مزيدًا من تقييم أداء مؤسسات التمويل الأصغر، ودمج دراسات الجدوى وتطويرها؛ حتى يتم تشكيل اقتصاد حركي يستهدف البنية التحتية ببعدها البشري والإنتاجي.