طالب الدكتور محمد فؤاد، الأستاذ المساعد بكلية الإعلام جامعة الأزهر، بوضع معايير أخلاقية، والالتزام بها، لتجنب الأضرار التي تنتج عن ظاهرة “الإعلام الرقمي”؛ موضحًا أن التشريعات القانونية تؤدي دورًا في ضبط الأداء الإعلامي، لكنها وحدها ليست كافية، ولابد من التوعية بأهمية الالتزام بالمعايير المهنية والمواثيق الأخلاقية للإعلام الرقمي.

وقال محمد فؤاد، على هامش المؤتمر الخامس لكلية الإعلام، والذي ترأس لجنته التنظيمية: إن “الإعلام الرقمي” يشغل حيزًا كبيرًا من حياة الأفراد والمجتمعات الآن؛ فقد غزت وسائل هذا الإعلام البيوت والعقول. ومنذ اللحظات الأولى لاستيقاظ الشخص حتى ذهابه إلى النوم وهو يطالع الأخبار ويستقي المعلومات، ويتواصل مع الأهل والأصدقاء.. فإلى الحوار:

نود أن نبدأ بتوضيح مفهوم “الإعلام الرقمي”.

ظهر مفهوم “الإعلام الرقمي” في مقابل “الإعلام التقليدي”؛ فهو يتميز باعتماده على الأجهزة الحديثة سواء في الإنتاج أو العرض. ويتميز “الإعلام الرقمي” بالتفاعلية، واستخدام الوسائط المتعددة، والسرعة، والفورية، والتشاركية، وغيرها من المميزات والخصائص.

كيف ترى الدور الذي بدأ يأخذه “الإعلام الرقمي” في حياتنا؟

بكل تأكيد، تشغل ظاهرة الإعلام الرقمي حيزًا كبيرًا من حياة الأفراد والمجتمعات الآن؛ فقد غزت وسائل “الإعلام الرقمي” لا أقول البيوت فقط، ولكن العقول.. فمنذ اللحظات الأولى لاستيقاظ الشخص حتى ذهابه إلى النوم، وهو يطالع الأخبار ويستقي المعلومات، ويتواصل مع الأهل والأصدقاء.

لماذا جاء مؤتمر “الإعلام الرقمي وإدارة الأزمات”؟

جاء المؤتمر الخامس لكلية الإعلام جامعة الأزهر هذا العام بعنوان: “الإعلام الرقمي وإدارة الأزمات”؛ وذلك ليواكب المستحدثات المحلية والعالمية؛ فلا يخفى على أحد ما يمر به العالم أجمع الآن من أزمات على الأصعدة كافة، سواء في النواحي الصحية أو الاقتصادية أو السياسية، وغيرها.

ما أهم أهداف المؤتمر ومحاوره؟

من بين أهداف المؤتمر التعرف على دور “الإعلام الرقمي” في إدارة الأزمات بأنواعها، وتقييم الأداء الإعلامي عبر المنصات الرقمية في مواجهة الأزمات، والوقوف على التأثيرات السلبية للإعلام الرقمي في أوقات الأزمات، إضافة إلى رصد تأثير ظاهرة “الإعلام الرقمي” في توعية الجماهير بالأزمات المحلية والدولية وكيفية مواجهتها، فضلًا عن تقديم الحلول والمقترحات لتحسين أداء “الإعلام الرقمي” في إدارة الأزمات.

صورة مقال د. محمد فؤاد: التشريعات القانونية لا تكفي لضبط "الإعلام الرقمي"
مؤتمر الإعلام الرقمي وإدارة الأزمات

وتضمن المؤتمر خمسة محاور، شملت: الإعلام الرقمي والأزمات الدولية، والإعلام الرقمي والأزمات الاقتصادية، والإعلام الرقمي والأزمات البيئية والتغيرات المناخية، والإعلام الرقمي والأزمات الصحية، والإعلام الرقمي وصناعة الأزمة.

نريد أن نلقي نظرة عامة على الأوراق المشاركة بالمؤتمر وإسهاماتها.

تضمن المؤتمر عددًا من الأوراق البحثية أسهمت في رصد ومتابعة ما يتعرض له العالم اليوم من أحداث وأزمات ودور الإعلام الرقمي في إدارتها في ظل المواثيق والمعايير الأخلاقية التي تفرضها الممارسة الإعلامية في حل الأزمات، وخرجت ببعض التوصيات لحل تلك الأزمات.

ما أهم ما خلص إليه المؤتمر من توصيات؟

جاءت توصيات مؤتمرنا الخامس “الإعلام الرقمي وإدارة الأزمات”؛ على النحو الآتي:

  • 1- ضرورة الاستفادة من مكانة الأزهر الشريف داخليًا وخارجيًا في توجيه المسلمين نحو الاستخدام الرشيد للوسائط الرقمية في ضوء الشرع الحنيف، وما يرتبط بالكليات الخمس ويحافظ عليها، وبما يرسخ الهوية الأصيلة للمسلمين في أنحاء المعمورة، دون أن يحول ذلك بين التفاعل الحضاري ومواكبة مستجدات العصر.
  • 2- النظر للإعلام الرقمي على أنه ليس حتمية لازمة بقدر ما هو أدوات يمكن توظيفها إيجابيًّا بما يتلاءم مع واقع الأزمات المعاصرة، بحيث يكون مرصدًا للإنذار المبكر للأزمات والتنبؤ بها، وقاعدةً معلوماتيةً لصانعي القرار، وتغذية راجعة لتعديل المسار من قبل المستخدمين.
  • 3- الاستفادة من الوسائط الرقمية في تقديم خطاب متوازن للدولة المصرية حول الأزمات الكبرى للعالم؛ مثل الإرهاب الإلكتروني، وأزمات الطاقة، وأزمات الغذاء، ونفاد الموارد؛ بما يُكون الرأي الاجتماعي الرشيد لفهم تداعيات هذه الأزمات وتداعياتها على الواقع المحلي والدولي.
  • 4- توظيف منصاتها الرقمية لبناء الوعي الصحي لدى مستخدمي تلك المنصات؛ اختصارًا للجهد والوقت والتكلفة، وحرصًا على تنفيذ رؤية الدولة في القطاع الصحي والمبادرات الصحية، التي تبنتها مؤسسة الرئاسة الهادفة إلى جودة الحياة للمواطن المصري.
  • 5- تفعيل التشريعات الوطنية في ضوء اتفاقية “بودابست” للجرائم الرقمية والمعلوماتية، واستثمار قدرات المشرع المصري في سن ما يتطلبه التسارع التقني من تشريعات من أجل السيطرة على الجرائم الإلكترونية متعددة الأوجه والأشكال، وضبط أداء المستخدمين للتقليل من الاعتداء على الأشخاص والممتلكات والخصوصيات والملكية الفكرية.
  • 6- دعم مفهوم التربية الرقمية الذي يؤسس لوعي جديد يرتبط بالاستخدام الرشيد للإعلام الرقمي، من خلال بناء مقررات رئيسية في مختلف المراحل التعليمية لتأهيل مستخدمي منصات الإعلام الجديد وتوعيتهم بكيفية الاستخدام الصحيح لتلك المنصات، والعلم بمخاطر الانحرافات والعقوبات التي يمكن أن يتعرض لها في حال سوء توظيفها.
  • 7- ضرورة التكامل والتنسيق بين المؤسسات الأكاديمية والجهات التنفيذية في مجال الرصد والبحث والتحليل لما ينشأ من أزمات ومشكلات بسبب سوء استخدام الإعلام الرقمي، والبدء بمشروعات بحثية مشتركة تجمع بين الأكاديميين والممارسين في حلقات نقاش دائمة، لتقديم مناقشات دورية لهذه الأزمات.
  • 8- استثمار وسائط الإعلام الجديد لتفعيل توصيات مؤتمر المناخ في شرم الشيخ وتفعيل توصياته في شكل مبادرات تنفذها الجهات الرسمية وغير الرسمية للحفاظ على البيئة.
  • 9- أن تتبنى المؤسسات الأكاديمية المتخصصة في الإعلام والاتصال إنشاء مرصد للأزمات الناتجة عن استخدام الإعلام الرقمي، وإعداد تقارير دورية حولها، يستفيد منها صانع القرار في المؤسسات السيادية والمعنية بالأمن القومي في كل أبعاده المتنوعة.

يلاحظ أن “الإعلام الرقمي” يتعاظم دوره وتطوره بدرجة كبيرة.. فهل الدراسات الأكاديمية تلاحق ذلك رصدًا وتحليلاً؟

عنوان المؤتمر، وما قدمه من رؤى علمية وموضوعات بحثية، خير دليل على سعي الدراسات الأكاديمية للتفاعل مع الإعلام الرقمي الذي يتطور بسرعة كبيرة.

كيف يمكن تجنب الأضرار التي تنتج عن ظاهرة “الإعلام الرقمي”؟ وهل التشريعات القانونية وحدها كافية لضبطه؟

يمكننا تجنب هذه الأضرار، عن طريق وضع معايير أخلاقية، والالتزام بها.. وبالتأكيد، التشريعات القانونية تؤدي دورًا في ضبط الأداء الإعلامي، لكنها ليست كافية وحدها؛ فلابد من التوعية بأهمية الالتزام بالمعايير المهنية والمواثيق الأخلاقية للإعلام الرقمي.

ماذا عن مؤتمركم السنوي القادم؟

كما أشرتُ سابقًا، فإن كلية الإعلام بجامعة الأزهر تحرص على مواكبة ما يحدث؛، فعلى حسب المستجدات على الساحة سيكون موضوع المؤتمر القادم إن شاء الله.