يتناول كتاب “معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة” من تأليف د. حسني البشبيشي قضية محورية في حياة المسلم، إذ يربط المؤلف بين المعرفة الحقيقية بالله عز وجل وبين تحقيق العبادة بمعناها الكامل. يوضح أن كثيرًا من الناس يؤدون العبادات كعادات أو طقوس روتينية دون أثر حقيقي في حياتهم، ويرجع ذلك إلى غياب المعرفة الحقيقية بالله والغفلة عن الآخرة.

الإشكالية المركزية

يركز الكتاب على مشكلة الغفلة التي تصيب الإنسان تجاه حقيقة وجود الله والآخرة. يصف المؤلف هذا النوع من الجهل بأنه “جهل عدم الانتباه”، وهو الأخطر، لأنه لا يرتبط بعدم السماع أو الفهم، بل بعدم استشعار خطورة الأمر رغم اليقين به. فالغفلة تؤدي إلى فقدان مشاعر الحب والخوف والرجاء من الله، وتفرغ العبادة من مضمونها الروحي.

المنهج والأسلوب

اعتمد المؤلف في كتابه على نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية وأقوال العلماء، مع شرح مبسط وتكرار للمعاني الأساسية لضمان وضوحها وترسيخها في ذهن القارئ. ويهدف الكتاب إلى إحياء المعنى الحقيقي للدين والعبادة، والدعوة إلى إعادة اكتشاف أبسط وأهم حقائق الدين.

خطورة الغفلة وأثرها على العبادة

يؤكد المؤلف أن لذات الدنيا وآلامها لا تساوي شيئًا أمام لذات وآلام الآخرة، وأن سنوات العمر مهما طالت فهي لا تقارن بالخلود في الحياة الآخرة. ومع ذلك، فإن كثيرًا من الناس لا تتأثر مشاعرهم ولا أهدافهم إلا بأمور الدنيا، بسبب الغفلة عن خطورة الحياة الآخرة. هذا النوع من الجهل – جهل عدم الانتباه – يؤدي إلى غياب أعمال العبادة الباطنة مثل الحب والخوف والرجاء والشعور بالخضوع والرضا والتوكل، وتبقى بعض أعمال العبادة الظاهرة مجرد عادات أو مظاهر روتينية بلا معنى.

العبادة أثر لمعرفة الله

يشرح الكتاب أن العبادة الحقيقية هي أن يعيش الإنسان خاضعًا لله بقلبه وجوارحه، وهذا الخضوع لا يتحقق إلا إذا عرف الإنسان الخالق معرفة حقيقية يقينية. فمعرفة الله تولد في القلب مشاعر الحب والخوف والرجاء، وهي أساس ودافع العبادة. ويؤكد المؤلف أن الطريق الوحيد لتحقيق العبادة هو تحقيق المعرفة الحقيقية بالله والآخرة مع وجود اليقين.

 أنواع الجهل

يفصل المؤلف أنواع الجهل إلى ثلاثة:

  • جهل عدم السماع.
  • جهل عدم الفهم.
  • جهل عدم الانتباه (الغفلة)، وهو الأكثر انتشارًا وخطورة.

ويبين أن معظم الناس مقتنعون بوجود الله والآخرة، لكنهم غافلون عن خطورة الأمر، لذلك تبقى العبادة لديهم بلا أثر حقيقي.

 معالجة الغفلة وإحياء المعنى

يرى المؤلف أن الوسيلة الأساسية لتحقيق المعرفة الحقيقية بالله هي الانتباه المستمر والتذكر لعظمة الله وخطورة الآخرة. ويشدد على أن المطلوب ليس مزيدًا من المعلومات، بل إحياء المعنى الحقيقي للدين في القلب، وإعادة النظر في أبسط حقائق الدين: أن للإنسان خالقًا وأن هناك آخرة.

 إعادة ضبط وظائف الإنسان

يؤكد الكتاب أن الدين يشمل وظائف القلب والعقل مثل التفكير والانتباه والهم والهدف والمشاعر، وليس مجرد أعمال ظاهرية. ويحتاج الإنسان إلى إعادة ضبط طريقة تفكيره وهمومه وأهدافه ومشاعره لتتعلق بالله والآخرة بدلًا من الدنيا.

رسائل كتاب “معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة”

  • العبادة الحقيقية لا تتحقق إلا بمعرفة الله معرفة يقينية تامة.
  • الغفلة عن الله والآخرة هي أصل كل خلل في العبادة.
  • المطلوب هو إحياء المعنى الحقيقي للدين في القلب، وليس مجرد جمع المعلومات.
  • العبادة ليست طقوسًا ظاهرية، بل خضوع نابع من الحب والخوف والرجاء.
  • الطريق إلى ذلك هو الانتباه والتذكر الدائم لعظمة الله وخطورة الآخرة.

الخلاصة

يعد كتاب “معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة” دعوة صادقة لإعادة اكتشاف المعنى الحقيقي للدين والخروج من دائرة الغفلة إلى دائرة المعرفة الحقيقية بالله. يؤكد أن العبادة ليست مجرد طقوس، بل هي خضوع نابع من مشاعر الحب والخوف والرجاء، وأن الطريق إلى ذلك يبدأ من الانتباه والتذكر المستمر لعظمة الله والآخرة.

معلومات الكتاب

  • العنوان :  “معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة”
  • تأليف: د. حسني البشبيشي
  • الناشر: مؤسسة يسطرون للطباعة والنشر
  • الطبعة : الأولى 2020