كتاب “مرجع أكسفورد للفقه الإسلامي وأصوله وتاريخه” صدر حديثًا عن “مركز نهوض للدراسات والبحوث” وهو  من تحرير كل من الباحثين الدكتور أنور إيمان والدكتور رومي أحمد، وقام بترجمته كل من الدكاترة المترجمين: أسامة شفيع السيد وأحمد محمود إبراهيم ومحمود عبد العزيز أحمد.

تضمن كتاب “مرجع أكسفورد للفقه الإسلامي”، الذي صدر في جزئين من القطع الكبير، مقدمة لمحمد أحمد سراج، وضع فيها الكتاب في سياقه العلمي والأكاديمي، كما قدَّم ملخصًا لجميع الفصول، واشتبك مع أهم الأفكار الواردة فيها.

نحو فهم موقع التفكير الفقهي السائد

يقول الأستاذ الدكتور محمد أحمد سراج في مقدمة كتاب “مرجع أكسفورد للفقه الإسلامي” أن “فائدة هذا العمل تكمن في تقديمه العونَ على تشكيل الرؤية العامَّة اللازمة لفهم موقع التفكير الفقهي السائد، والتحديات التي يواجهها، والآليات التي يمتلكها، والنجاحات التي حقَّقها، والتجارب التي دخلها، والمراقي التي يرجوها ويسعى إليها، وذلك بضمِّه أشتاتًا من أبحاث المناهج البينيَّة في النظر الفقهي، والمؤسسات الشرعية، والتفكير الفقهي في الدول والإمبراطوريات المختلفة، والاختلافات الإقليمية، والأقليات في المجتمعات غير الإسلامية، فضلًا عن بعض الموضوعات المتعلِّقة بالتطبيق العملي”.

وكان المترجم أسامة شفيع السيد قد أنجز ثلثي العمل لكن المنية وافته قبل الانتهاء منه بالكامل، فقام المترجمان أحمد محمود إبراهيم ومحمود عبد العزيز أحمد بترجمة ما تبقى.

تغيير الصورة المفروضة على الدراسات الفقهية

للفقه الإسلامي أهميته الكبيرة في حياة المسلمين وتنظيم حضارتهم، ولذا اهتمَّ به دارسو الإسلاميات والمؤرخون والمشتغلون بالقانون منذ أَمَد بعيد، فخصَّته الجامعات الغربية الكبرى بنصيبٍ وافرٍ من الاهتمام تجلَّى في الدراسة والبحث والمداخل المنهجية والمقررات الجامعية، ومن ذلك هذا الكتاب المرجعي الصادر عن مطبعة جامعة أكسفورد العريقة، في خمسة وثلاثين فصلًا، تتجه إلى تغيير الصورة المفروضة على الدراسات الفقهية، وإزاحة الأوهام والالتباسات المتراكمة في الأكاديميات والصحافة ووسائل الإعلام المختلفة.

ولا يقدّم هذا الكتاب المرجعي مقالاتٍ موسوعيةً مبسوطةً في الموضوعات الرئيسة في الفقه الإسلامي، فثمة كتب ومراجع تقوم بهذه المهمَّة بالفعل. ولكنه يوجز اشتغال الجيل الحالي من الباحثين المهتمين بالشريعة والفقه الإسلامي في الجامعات الغربية.

ومن أهم ما يميز هذا العمل الضخم توزُّعُ مجالاته على عددٍ كبيرٍ من الموضوعات التي تشكِّل اهتمامات الباحثين في الفقه الإسلامي وأصوله ومناهجه وتوجُّهاته، وضمّ الرؤى الحديثة إلى الآراء التقليدية، مع قرنِ كل موضوعٍ من هذه الموضوعات التي يتناولها الكتاب بقائمةٍ مطولةٍ من المراجع الأصيلة والثانوية، ومن شأن هذا أن يساعد الدراسات المستقبلية على الإلمام بالدراسات السابقة دون أدنى عناء.

الفقه الإسلامي كمرجعية معرفية وتنظيمية وسلوكية

لطالما شكَّل الفقه الإسلامي المرجعيةَ المعرفية والتنظيمية والسلوكية، التي يصدر عنها المسلمون في عباداتهم ومعاملاتهم وتنظيم حياتهم الخاصَّة والعامَّة، كما كان حجرَ الزاوية في النظام القانوني الذي طبَّقته الشعوب الإسلامية عبر العصور المختلفة، فعليه تأسَّست التشريعات التي أصدرتها الدول الإسلامية وخلفاؤها وسلاطينها في الحقب المتوالية.

فلا عجب، والحال هذه، أن كان من العلوم الأولى للمسلمين نشأةً وتطورًا، حتى أثبت -بعد مئة وخمسين عامًا فقط من تشكُّل المجتمع الإسلامي- أنه يسامق الأنظمة القانونية الأخرى آنذاك، كالقانون البيزنطي-الروماني، والتشريع اليهودي، والقانون الزرادشتي، تلك الأنظمة التي تمتدُّ جذورها التاريخية إلى عدَّة قرون، بل إلى آلاف السنين.

اهتمام الجامعات الغربية بالفقه الإسلامي

ولمَّا كان الفقه الإسلامي على هذه الدرجة من الأهمية في حياة المسلمين وتنظيم حضارتهم، اهتمَّ به دارسو الإسلاميات والمؤرخون والمشتغلون بالقانون منذ أَمَد بعيد، فخصَّته الجامعات الغربية الكبرى بنصيبٍ وافرٍ من الاهتمام تجلَّى في الدراسة والبحث والمداخل المنهجية والمقررات الجامعية، ومن ذلك هذا الكتاب المرجعي “مرجع أكسفورد في الفقه الإسلامي وأصوله وتاريخه” الصادر عن مطبعة جامعة أكسفورد العريقة، الذي يوجز اشتغال الجيل الحالي من الباحثين المهتمين بالشريعة والفقه الإسلامي في الجامعات الغربية،

لذا اهتمَّ مركز نهوض للدراسات والبحوث بترجمة هذا الكتاب، وأسند ترجمته إلى المترجم النابهِ والباحث الفذّ المرحوم الدكتور أسامة شفيع السيد، مدرس الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم، جامعة القاهرة، الذي عرفه القارئ العربي من خلال ترجماته العبقرية لعددٍ من الكتب المرجعية المهمة، والذي فَقَدت الثقافة العربية والإسلامية بفقدِه باحثاً مدققًا وأكاديمياًّ مرموقاً ومترجمًا قديرًا.

وقد أنجز الدكتور أسامة -رحمه الله- الجزء الأكبر من الكتاب، ثم أتمَّ زميلاه الدكتور أحمد محمود إبراهيم والدكتور محمود عبد العزيز أحمد العملَ على أحسن وجه، وذلك في عملٍ جماعيٍّ فريد، وترجمة دقيقة متأنقِّة، نرجو أن يحذو المترجمون العرب حَذْوَها.

سلسلة دراسات شرعية وقانونية

ويأتي كتاب “مرجع أكسفورد للفقه الإسلامي” ضمن سلسلة الدراسات الشرعية والقانونية التي يصدرها مركز نهوض للدراسات والبحوث، ويرى أنها سترفد القرَّاء العرب عامَّة، والمتخصِّصين في العلوم الفقهية والقانونية خاصَّة بمنظوراتٍ جديدةٍ تُسهم في فهمٍ أكثر ثراءً لتاريخ الفقه الإسلامي وتطوره،

وقد أصدر المركز في هذا السياق:

  1. كتاب “في أصول النظام القانوني الإسلامي: دراسة مقارنة لعلم أصول الفقه وتطبيقاته الفقهية والقانونية.
  2. كتاب “مقالات في التاريخ المبكِّر لأصول الفقه”.
  3. كتاب “ديناميات الشريعة: الشريعة الإسلامية والتحولات الاجتماعية والسياسية”.
  4. كتاب “أنثروبولوجيا الفقه الإسلامي: التعليم والأخلاق والاجتهاد الفقهي في الأزهر.
  5. كتاب «”أثر مدرسة الحقوق الخديوية في تطوير الدراسات الفقهية”.
  6. كتاب “إحياء التشريع الإسلامي”
  7. كتاب “العلاقات الدولية في الإسلام”.

كما يأتي إصدار هذا الكتاب ليعبِّر عن توجُّه مركز نهوض إلى العناية بنشر الأعمال الموسوعية والمرجعية الكبرى، التي تغني القارئ عن غيرها من الأعمال الجزئية، وتوفِّر له فرصة الاطلاع على الصورة الكاملة للحقل المعرفي المتناوَل.

قريبا..ترجمة “مرجع أكسفورد في الدراسات القرآنية”

وفي هذا الصدد، سيصدر المركز ترجمة متخصِّصة لكتاب “مرجع أكسفورد في الدراسات القرآنية” الصادر في عام 2020 م، بإشراف وتحرير الأستاذين مصطفى شاه ومحمد عبد الحليم. وذلك بهدف أن تُسهم هذه الأعمال في بعثِ تفاعل مُثمِر بين الدراسات الشرعية ومناهجها الأصيلة وبين حقول الدراسات الإسلامية في الغرب وما يستجدّ فيها من مناهج وأطروحات ومقاربات.

وللإشارة فإن “مركز نهوض ‎للدراسات والبحوث” مركز بحثي يُعنى بقضايا الفكر والواقع، ويرفد الساحة الثقافية العربيّة بمعالجات بحثيّة رصينة لتجديد النظر التاريخي والسياسي والاجتماعي والديني، بما يخدم قضيّة “النهوض” المنشود.

‎ويسعى المركز إلى توسيع فضاء الحوار الحرّ وتعميق النقاشات الفكريّة الجادّة، ملتزماً بأخلاق الاختلاف الإنساني وقيم البحث العلمي الرصين. ويجتهد في استشكال قضايا وأسئلة النهضة الحضارية والعمل على الإجابة عنها، مستثمراً في ذلك مستجدات المعارف العلمية والاجتماعيّة، على نحوٍ يصل بين مضامين الوحيّ وتصوّرات العلوم الإنسانية، ويكفل التفاعل الخلّاق بينهما.

كما أن المركز هو أحد المؤسسات التابعة لوقف نهوض لدراسات التنمية، وهو وقف عائلي (عائلة الزميع) تأسس في الكويت بتاريخ الخامس من يونيو من عام 1996م، ويسعى إلى المساهمة في تطوير الخطاب الفكري والثقافي والتنموي بدفعه إلى آفاق ومساحاتٍ جديدة.