السيرة النبوية تحتاج إلى دراسة عميقة لفهم حياة النبي واتباع سنته واجتناب مانهى عنه واتخاذها منهاجا للحياة وقبل الدرسة علينا فهم هذا العلم وتعريفاته .

مفهوم السيرة النبوية

تعريف معنى السيرة النبوية ، السيرة لغة: السنة والطريقة والهيئة والحالة التي يكون عليها الإنسان وغيره. والسيرة النبوية وكتب السيرة: مأخوذة من السيرة بمعنى الطريقة، وأدخل فيها الغزوات وغير ذلك. ويقال قرأت سيرة فلان: أي تاريخ حياته (1).

لماذا سميت السيرة النبوية بهذا الاسم ؟

السيرة النبوية المطهرة تبحث:
  • أولا: في حياة رسول الله – – منذ إرهاصات مولده حتى انتقاله إلى الرفيق الأعلى.- ثانيا: في حياة صحابته الذين جاهدوا معه، وصدقوا ما عاهدوا الله عليه.
  • ثالثا: في تاريخ انتشار هذا الدين الذي ابتدأ بكلمة اقرأ في غار حراء نزل بها الأمين جبريل عليه السلام على الأمين محمد – – إلى أن دانت الجزيرة العربية به، ودخل الناس في دين الله أفواجا.

الغاية من دراسة السيرة النبوية

  •  الموضوع الأول؛ وهو حياة رسول الله – – فيمثل حياة سيد ولد آدم على ظهر هذه المعمووة «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومنذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول شافع، وأول مشفع، ولا فخر» (2). وهل في الدنيا حدث أعظم من حياة سيد ولد آدم فيها، ندرسه ونطلع عليه ونتابع كل صغيرة وكبيرة فيه؟!
  • والموضوع الثاني وهو حياة صحابته الذين جاهدوا معه، فهم الذين شهد الله تعالى لهم أنهم خير أمة أخرجت للناس {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ..} (3). وشهد لهم رسول الله – – بقوله: «خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم …» (4).
  • والموضوع الثالث وهو انتشار الإسلام على هذه الأرض؛ الإسلام الذي كمله الله تعالى ورضيه لهذه الأمة إلى يوم القيامة، كما يقول عز وجل: { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } (5).

معنى السيرة النبوية وأهميتها

نحن إذا حين ندرس السيرة النبوية المطهرة. ندرس سيرة خير نبي اصطفاه ربه، وندرس سيرة خير أمة أخرجت للناس، وندرس تاريخ خير رسالة أنزلت للناس. يقول تعالى: { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا} (6). فنحن مكلفون بالاقتداء برسول الله – – ولن نتمكن من الاقتداء والتأسي به ما لم نفقه سيرته وندرسها ونتعرف عليها. وإن كانت السيرة النبوية هي ما ورد عن رسول الله – – من قول أو فعل أو تقرير أو صفة، فأفعال النبي – – تبرز أكثر ما يكون في السيرة.ونحن مكلفون باتباع خيرة هذه الأمة، وأن لا نخرج على سنتهم وهديهم {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم} (7)

مصادر السيرة النبوية

هذه أهم المصادر الرئيسة لدراسة  للسيرة النبوية:
  • القرآن الكريم: وهو المصدر الأساسي الأول الذي نقرأ فيه ملامح السيرة النبوية، لقد ضم القرآن الكريم جزءاً كبيراً من أخبارها الصحيحة التي لا يتطرق إليها الشك أو الظن، وبهذا فقد وفر القرآن الكريم قدراً عظيماً من الأخبار الصحيحة للسيرة وصاحبها عليه الصلاة والسلام.
  • السنة النبوية الصحيحة : لما كانت السنة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع، وهي التي جمعت أقوال الرسول ، وأفعاله، وتقريراته، وصفاته الخلقية والخلقية، وكل من ألف في الحديث لم تخل كتبهم من ذكر ما يتعلق بحياة النبي ، .وتأتي أهمية كتب الحديث في دراسة السيرة النبوية المطهرة لأنها توضح العقائد، والآداب الإسلامية، وكثيراً من الأحكام التعبدية، والتشريعية، والأخلاقية .
  • كتب الشمائل المحمدية: ويقصد بها كتب دلائل النبوة المصنفات الخاصة التي تتناول المعجزات والدلائل التي تبين صدق النبي . وهي كتب قصد أصحابها العناية بذكر أخلاقه، وعاداته وفضائله، وسلوكه القويم في الليل والنهار ، كما تناولت آداب النبي وصفاته الخَلْقية والخُلُقية  .
  • كتب المغازي والسير المتخصصة : وهي الكتب المختصة في مادة السيرة النبوية تلي من حيث الدقة القرآن الكريم والحديث الشريف مع كل الاهتمام بمصادر الحديث ومصنفاته وتعنى بصفة أساسية بمغازي رسول الله وأوائل مصنفات السيرة كتب في عصر مبكر وفي وقت حياة كثير من الصحابة الذين عاصروا هذه الأحداث وشاركوا فيها.

أهداف دراسة السيرة النبوية

أهداف دراسة السيرة النبوية كثيرة وفؤائدها عظيمة ولا يمكن حصرها إنما ننقل إيجازا بعض الفوائد موجزة من كتاب : (صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر ) :
  1. معرفة مقاصد الشريعة وأحوال المتعبدين وذلك للبحث فيها عن الهدى والصراط المستقيم ومرضاة رب العالمين، لأن السيرة مصدر من مصادر التشريع ومنهج لحياة كل مسلم ومسلمة، ولابد أن يدرك القارئ للسيرة النبوية أهميتها التربوية والتشريعية والاجتماعية والإِدارية والسياسية، لأنها تطبيق عملي لنصوص الوحي في كافة مناحي الحياة الإِنسانية.
  2. تحصيل الدروس والعبر إِن السيرة العطرة مليئة بالدروس والعبر التي لا يدركها إِلا من تعلمها بقصد الاتباع لصاحبها عليه الصلاة والسلام، والتربية على مقاصدها وعبرها، فهي مادة تربوية سلوكية تبني الشخصية السوية المتكاملة وتقوِّم السلوك المعوج. ولذا فإِنه يجب على العلماء والمربين الاعتناء بدراسة السيرة النبوية، والحرص على ما صح من أخبارها حتى يحصل التأسي والمتابعة على الوجه الصحيح. وإِن المناهج التربوية والدعوات الإِصلاحية يجب أن تقتبس من هدي المصطفى – -، وتلتزم به اعتقادا وسلوكًا ومنهج تفكير، وتأخذ من التجارب الناجحة ما لا يتعارض مع الأدلة الشرعية.
  3. الاطلاع على مآثر جيل الصحابة وكيف تحققت لهم السيادة والريادة السيرة النبوية معين لا ينضب وتراث لا يبلى لكل من رجع إِليها وتأدب بأدبها واقتبس من مشكاتها وقد فقه الصحابة – رضي الله عنهم – هذه المعاني في السيرة، وأدركوا أهميتها، فكانت مع القرآن الكريم هي منهج التربية للأجيال ومادة البناء الفكري والسلوكي،
  4. تحصيل القدوة والتأسي بالنبي – -جعل الله في سيرته وتصرفاته – – تنوعًا وشمولًا لكل جانب من جوانب الحياة ومواقفها المتغيرة، لتكون مساحة الاقتداء والتأسي واسعة وشاملة لكافة القدرات البشرية بفروقها الفردية وسجاياها الفطرية.
  5. التكامل والشمول في فهم النصوص الشرعية واحترام نصوصها الصحيحة الثابتة، لقد يسر الله لهذه السيرة من يقوم على حفظها والعناية بأدق تفاصيلها حتى كأنك تنظر إِلى صاحبها – – وأحواله رأي العين، والتاريخ شاهد على أنه لا توجد سيرة في الدنيا مثل سيرته – – من الوضوح والكمال والصدق.
  6. اتخاذ السيرة النبوية منهجًا معياريًا : إِن السيرة النبوية ليست مجرد حوادث تاريخية تؤخذ منها العبر والعظات فحسب، وإِنما هي فوق هذا كله، تجسيد عملي للوحي الذي يُقتدى به، وهي منهج واضح يهتدى بهداه، وصراط مستقيم يُسلك ويُتبع، لأنها منهج معياري غير خاضع لحدود الزمان والمكان وإِنما تقاس إِليه الأعمال والمواقف، وتُعَاير عليه الاجتهادات والآراء وتوزن بميزانه الحق.