عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في قراءة القرآن قال ابن القيم في (زاد المعاد): (كان له صلى الله عليه وسلم حزب يقرأه ، ولايخل به، وكانت قراءته ترتيلا لا هذّا ولا عجلة ، بل قراءة مفسرة حرفا حرفا، وكان يُقطِّع قراءته آية آية ، وكان يمد عند حروف المد ، فيمد (الرحمن) ويمد (الرحيم) وكان يستعين بالله من الشيطان الرجيم في أول قراءته فيقول (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) وربما كان يقول (اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه) رواه ابن ماجة وصححه الالباني وكان تعوذه قبل القراءة. وكان يحب أن يسمع القرآن من غيره ، وأمر عبد الله ابن مسعود فقرأ عليه وهو يسمع ، وخشع صلى الله عليه وسلم لسماع القرآن منه حتى ذرفت عيناه.

وكان يقرأ قائما وقاعداً ومضطجعاً ومتوضئاً ومحدثاً ولم يكن يمنعه من قراءته إلا الجنابة.

وكان صلى الله عليه وسلم يتغنى به ويرجع صوته فيه أحيانا كما رجع يوم الفتح في قراءته (إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا) وحكى عبد الله بن مغفل ترجيعه ،آآآ ثلاث مرات ، ذكره البخاري.

وإذا جمعت هذه الأحاديث إلى قوله (زيِّنوا القرآن بأصواتكم) رواه ابن ماجة وصححه الألباني وقوله (ليس منا من لم يتغنى بالقرآن) البخاري وقوله (ما أذن الله لشيء كأذنه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن) متفق عليه.

علمت أن هذا الترجيع منه صلى الله عليه وسلم كان اختيارا لا اضطرارًا لهز ناقته.

السلف والقرآن في رمضان

وقد كان للسلف رحمهم الله اجتهاد عجيب في قراءة القرآن في رمضان بل لم يكونوا يشتغلون فيه بغيره.

كان الزهري إذا دخل رمضان يقول: إنما هو قراءة القرآن وإطعام الطعام.

قال ابن الحكم: كان مالك إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم.

قال عبد الرزاق: كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن.

وقال سفيان: كان زبيد اليامي إذا حضر رمضان أحضر المصاحف وجمع إليه أصحابه. [لطائف المعارف[

ملاحظة مهمة

 بعض الناس يقرأ القرآن لمجرد الختمة دون تدبر وخشوع متناسي قول الله تعالى (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَاب) {ص:٢٩ )

فأعلم يا رعاك الله أن التدبر مطلوب بل هو الأساس.

فتدبر القرآن إن رمت الهدى فالعلم تحت تدبر القرآن

شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، وفي بقيته للعابدين مستمتع، وهذا كتاب الله يتلى فيه بين أظهركم ويسمع، وهو القرآن الذي لو أنزل على جبل لرأيته خاشعا يتصدع، ومع هذا فلا قلب يخشع ولاعين تدمع ولا صيام يصان عن الحرام فينفع ولا قيام استقام فيرجى في صاحبه أن يشفع. [لطائف المعارف]