إن آيات الله عز وجل في الكون متعددة ومتنوعة، توضِّح لنا مدى قدرة الله في كونه، سواء كانت هذه الآيات جالباتٍ للنعم أو جالباتٍ للنقم، فإن العقل المسلم يتلقى مثل هذه القضايا بالإذعان والتسليم لها بل يتعدى ذلك إلى استثمارها بإصلاح جوانب الخطأ التي مُنيَ بها المجتمع كما قال الله تعالى: { فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا } ( الأنعام : 43)، فالمسلمون في أمثال هذه الكوارث يلجأون إلى ربهم منيبين إليه؛ آملين أنْ تدركهم رحمته في تلك المِحَن، محاولين إصلاح الخلل في نفوسهم، وتدارك الأمور الجالبة للعذاب والنقم بالتوبة والرجوع إلى الله عز وجل، وهذا أساس كافة القضايا، بخلاف المتذمرين من قضاء الله في كوْنه، المتمردين على أوامر الله – عزوجل -، المجابهين للكوارث بالكِبْر والإعراض، وهذا نموذج سطّره الله في كتابه عندما قال: { فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } (الأنعام : 43)، وقد ذكر الله – عزوجل – ذلك في معرض الحديث عن الأمم السابقة فقال: { وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ۚ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا ۚ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (الإسراء: 59 ﴾.
وآيات الله عز وجل لن تتوقف إلى قيام الساعة، حتى نرى الآيات الكُبرى التي تسبق قيام الساعة، فقد قال الله عنها: { وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ } (النمل : 82).
كما أن آيات الله من قِبَل الثوابت والقواطع العقلية والشرعية التي لا يمكن أن تتخلف سواء كانت في هيئة الزلازل والبراكين أو الأعاصير أو غيرها من جنود الله – عزوجل -، فهذه جنود الله التي يعاقِبُ بها البشرية في حالة الإعراض عن أوامره والتمرد على أحكامه، تكون في حق المؤمنين من قبيل الابتلاء والتمحيص ورفعة في الدراجات، كما قال – ﷺ- : “عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ[1].
فلا يمكن للعلم الحديث الوقوف أمامها أو الحليولة دون وقوعها – أي آيات الله الكونية -، فلا يمكن للنسبي – وهو علم البشر – أن يستطيع مواجهة المطلق وهو علم الله – عزوجل – وقدرته. فكل الحقائق كما خلقها الله ثابتة لا تخضع لنظرية النسبية ولكن العلم والإدراك البشري بتلك الحقائق نسبي،،، ومغالطات البعض من نقل العلم من الكفار وترجم بعض مراجعهم عكس النظرية لمرض فى القلوب وهوى وأغراض دنيئة،،، فجعل الحقائق نسبية والعلم والإدراك البشري قطعي مغالطة فجه مع أن معارفهم للحقائق ونظرياتهم فى كل فن وعلم تتغير بتغير الأجيال بعدهم فمنهم من ينقلب عليها أو يضيف لها أو يحذف منها،،،
وأنا هنا أفرق بين دراسة الظواهر الكونية من منظور علمي حقيقي يسعى إلى الالتزام بالنتائج التي تبلغها المعرفة الحقيقية، وبين المغالطات المعرفية القائمة على التحيُّزات الثقافية والحضارية، يصاحبها عدم الانحياز إلى الحقيقة، وهذا سواء كان يتعلق بالآيات الكونية التي يُحْدِثها الله في كونه كالبراكين والزلالزل، والفيضانات والامراض والأوبئة أوغيرها ، ولهذا فأنا عندما أتناول قضية كالمناخ فأنا أتكلم بجد نحن فى حاجة للفت المعنيين وأصحاب الاختصاص وأهل البر والإحسان فى الشروع للإستعداد لدورة مناخ مغايرة للقديم ونحتاج جماعات أهلية تتدرب وتتعلم وتكتسب خبرات فى مواجهة الطوارئ والكوارث المناخية وتهتم بالإنقاذ إن لم نستطيع تغيير طبيعة البنية الموجودة فى تنظيم المدن والقرى والنجوع وطرق المواصلات وخاصة للسكان الذين ترتبط معايشهم وسكنهم بمناطق أشد عرضة للقادم من موجات متقلبة للمناخ وعواصف ستكون متتالية.
فهذه قضية واحدة من القضايا التي ننبه ونشير إليها وإلى طريقة التعامل معها من منظور إسلامي بعيدًا عن التنظيرات البشرية المعاندة والمُحادة لله ولرسوله، فإن الفلسفة التى تحكم العالم اليوم من علاماتها التمالؤ على كلمة الله ورسالته الأخيرة والخاتمة لهم، وهى حرب بلا هوادة مغبتها الفشل والخراب والبوار، ولكلمة الله ألسنة كثيرة، ولله جند لا يعلمهم إلا هو سبحانه وتعالى، فتمالؤ جبابرة الأرض على منع الناس من سماع كلمة الله وأمره ونهيه وامضاء مشيئته فيهم أو التشويش واللغو فى كلمة الله للناس لتقطع الطريق على الناس وتَحُول دون الاستجابة له على الوجه المراد منه والمرضى له؛ محاولة بائسة وستتولى كل الألسنة للسماء والمحيطات والبحار والأراضين وكافة المخلوقات التى سخرت أو لم تسخر وبأصوات صارخة تكاد تصم الآذان من هولها لتبلغ الناس كلمة الله وتقيم عليهم حجته البالغة أنهم فقراء إليه ولا سبيل لهم إلا بالخضوع والذل لكلمته والاستقامة على مشيئته وصراطه المستقيم ثم إذا لم يستجيبوا خرجت لهم دابة الأرض لتَخْتِم على جِبَاهِهِم ويُختَم على قلوبهم.
فإذا كان هذا موقفنا كمسلمين من آيات الله الكونية وفلسفة التعامل معها وفق منظور حضاري إسلامي، فإن علينا أن نتنبه لمجموعة من الآيات التي وقعت مؤخرا كالأمراض – ككورونا – والزلازل والفيضانات وغيرها… ثم تلا ذلك انفتاح صراعات كبيرة وحروب في الأراضي المقدسة، فالسؤال الذي نريد أن نؤسس له، هل هذه بداية الملاحم أو الحروب الكبرى التي جاء الحديث عنها في أحاديث نبينا عليه الصلاة والسلام ؟ أم أن ذلك أمر لا يستطيع أحد تحديده بدقة كاملة؟
في الحقيقة أنا أرى أن الموقف من أحاديث الملاحم والفتن الصحيحة التي ثبت صحتها ونسبتها للنبي – ﷺ- يسير على نسقين ..
النسق الأول: هو الإيمان والإعتقاد بإنها واقعة لا محالة كما أخبر النبي -ﷺ – بذلك، وهذا من عقيدتنا.
النسق الثاني: وهو التساؤل عن موعد وقوع تلك الملاحم، وهذا أمر لا يمكن لنا التكهن به أو تحديد موعد وقوعه، فهذا من الغيب الذي اختص الله سبحانه وتعالى بعلمه.