الإنسان بطبيعته لا يستطيع أن يعيش منفردًا؛ بل يحتاج إلى جماعة يعيش في كنفها، ولأن العلاقات البشرية كثيرة ومتشعبة، فإن الإنسان يحتاج إلى جماعة خاصة تكون من أقرب الناس إليه، مثل جماعة الأسرة والأصدقاء. والصداقة – أو اختيار الأصدقاء – تعد من أهم العلاقات الإنسانية التي يرغب الإنسان دائمًا في وجودها في حياته، وهي علاقة بين شخصين يجمع بينهما اللطف والكرم والولاء والصدق، ويكون بينهما تقارب في الأفكار والهوايات والآراء.

جاء في صحيح مسلم عن الصداقة، قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ((إنَّما مثلُ الجليسِ الصَّالحِ والجليسِ السُّوءِ، كحاملِ المِسكِ ونافخِ الكيرِ، فحاملُ المسكِ، إمَّا أن يُحذِيَك، وإمَّا أن تَبتاعَ منه، وإمَّا أن تجِدَ منه ريحًا طيِّبةً، ونافخُ الكيرِ، إمَّا أن يحرِقَ ثيابَك، وإمَّا أن تجِدَ ريحًا خبيثةً)).

فالصديق إن لم يكن جليسًا صالحًا وإلا فإنه يعد من أخطر أسباب الانحراف في الدين والأخلاق والقيم والسلوك؛ قال تعالى: { الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ } [الزخرف: 67]، ولا زالت شكاوى الوالدين تتوالى وتتعالى من عدم استماع أولادهم إليهم، وانخراطهم مع أصدقاء السوء، والسير على طريقهم حتى وقعوا في الحرام، فضيَّعوا أخلاقهم ودينهم وأوطانهم.

يقول أبو سليم: كنت أحلم باليوم الذي أرى فيه ابني رجلًا ذا قيمة بين أقرانه، يساعدني في تربية إخوانه، لكن وبسبب أصدقاء السوء جعلني أشعر بغصةٍ بين الآخرين، خاصة عندما أقارنه مع أبنائهم، لقد أتعبني بشطحاته ومغامراته الجنونية، فقد أصبحت ملامحُ وجهه مألوفةً أمام الجهات الأمنية؛ لكثرة تردُّده عليهم عند كل مشكلة يقع فيها ابني.

دور الآباء والأمهات في اختيار الأصدقاء

أيها الآباء وأيتها الأمهات، علينا أن نُعلِّم أولادنا ونُذكِّرهم بفوائد اختيار الأصدقاء الصالحين عليهم مثل:

  • أن الصديق الصالح يقوِّي الدافع نحو طاعة أوامر الله وتوجيه النفس وتهذيبها.
  • الصديق الصالح يساعد على النجاح والهمة العالية.
  • يعزز في النفس حب الخير والعمل التطوعي للمجتمع والوطن.
  • يعين على تحصيل العلم النافع والأخلاق الحميدة.
  • يعين على بر الوالدين، وأن يكون لبنةً صالحةً في المجتمع.

أيها الآباء وأيتها الأمهات، إن من واجبنا تجاه أولادنا من البنين والبنات أن ندلهم على الخير ونساعدهم على اختيار الأصدقاء، ثم الحرص على تعليمهم التالي:

أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يُصلِح لنا ولكم الذرية، هذا وصلَّى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد.