يصف شوقي جلال كتاب “فكرة الثقافة” لتيري إيجلتون في مقدمة ترجمته، بأنه أهم كتب الثقافة في القرن الحادي والعشرين، حيث إن الكتاب يعد تاريخا وتحليلا وكشفا لسيرة حياة الثقافة على مدى ثلاثة قرون بها ما بها من صراعات وتناقضات وتوافقات وتحولات.
ويعرض “إنجلتون”، أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة أكسفورد (1992 ـ 2001) في كتابه، المفاهيم السياسية والاجتماعية والثقافة لكلمة ثقافة، ويقدم تحليلاً وتشريحًا فكريًا للنظريات الثقافية في ارتباط بالتيارات السياسية والاجتماعية في عصرها وحتى الآن، ويحرص في عرضه على الكشف عن السياق التاريخي والفلسفي والسياسي، ويصور المعاني والدلالات المتغيرة لفكرة الثقافة في ضوء مسح شامل للطرق المتعارضة المتقاطعة التي يمكن بها تحديد واستخدام الفكرة لتفسير العالم والتفاعل معه.
ويعتمد إيجلتون على مصادر كثيرة جدا ومباحث علمية متعددة ومتعارضة ابتداء من النقد الماركسي عند رايموند وليامز وصولا إلى نظريات الجمال عند أرسكين، ومن الفلسفة السياسية البراجماتية عند ريتشارد رورتي، والتعليق السياسي عند ألتوسير، ويرسم بانوراما تاريخية زمانية ومكانية.
ويقول المؤلف أستاذ النظرية الثقافية جامعة مانشستر، إن كلمة ثقافة تعني في الأصل العناية بالزراعة وتربية الحيوانات الداجنة، فإن هذا يوحي بمعنيين التنظيم والنمو التلقائي، وهناك معنى آخر للثقافة تحمل فيه حكمة كلا الوجهين، ذلك أنها يمكن أن توحي بانقسام في داخلنا بين جزء منها يشرب ويعتقل، وأي شيء آخر في داخلنا يؤلف المادة الخام كهذا الصقل.
ونحن ما أن ندرك الثقافة باعتبارها تثقيفًا ذاتيًا حتى تفرض ثنائية بين قدرات أسمى وأدنى، إدارة ورغبة، عقل وعاطفة، وتعرض في الحال الانتصار عليها، ولم تعد الطبيعة الآن مجرد مادة خام للعالم، بل المادة المثيرة لشهية النفس على نحو خطر وتعني الكلمة، مثل الثقافة، كل من حولنا وما هو في باطننا، والدوافع المدمرة في الداخل يمكن معادلتها بسهولة بقوى فوضوية في الخارج، وهكذا تبدو الثقافة مسألة انتصار على النفس بقدر ما هي تحقيق للذات.
ويضيف المؤلف: أن بيت القصيدة بالنسبة للثقافة العليا أنها ليست قاصرة على أو منتمية إلى ثقافة بذاتها، إنها ببساطة الحياة الإنسانية من حيث هي. وربما يحدث أن ثقافة معينة معروفة باسم أوروبا تكون هي الموضع الذي اختارته الإنسانية لتجسد نفسها على النحو الأكمل وعن علاقة الثقافة والطبيعة.
كتاب “فكرة الثقافة” تأليف: تيري إيجلتون، ترجمة: شوقي جلال صدر ضمن مطبوعات الهيئة المصرية العامة للكتاب ويقع في 191 صفحة من القطع الكبير.