العلم هو أفضلُ ما اكتسبه البشر، وتنوَّرت به العقول، وعُمِّرت فيه الأوقات، وصُرفت فيه الأعمار، ينال به العبد الرِّفعة في الدارين، هو نورُ البصائر وشفاءُ الصدور، به تُوزَن الرجال وتُعرَف صحة الأقوال، ولعِظَم منزلته قرَنه الله بشهادته وشهادة الملائكة؛ قال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [آل عمران: 18].

العلم تعلُّمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومذاكرته تسبيحٌ، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، هو نعمة امتنَّ الله به على نبيه ؛ قال تعالى: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا } [النساء: 113]، وامتنَّ الله به على عباده؛ قال تعالى: { كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ } [البقرة: 151].

تقول فتاة: ابني مشاكس جدًّا، وعنيد وربما تلفَّظ بالسِّباب والشتائم، دائمًا تشتكي منه المدرسة لسوء أخلاقه، هو لا يحترم معلمه ولا يقدِّره، ويعانده ويتحدَّاه، تعِبت معه، وحاولت تغييره بالنصيحة والموعظة، وتارة بالضرب والحرمان، ولكن لا فائدة، ماذا أفعل معه؟!

إن احترام المعلم واجبٌ على كل طالب وطالبة، فهو بمنزلة المربي والمرشد لطلَّابه، هو ناقل المعلومات والمعارف إلى الأجيال، هو قدوةٌ لطلابه خاصة وللمجتمع عامة، هو الأقرب لهم، يعرف مشاكلَهم وسلوكياتهم، ويساعدهم على تعديلها؛ حتى يصبحوا أشخاصًا ناجحين وفاعلين في المجتمع، إلا أن هناك من الطلاب والطالبات مَن يقوم بأفعال سيئة وسلبية تجاه المعلمين والمعلمات، تؤدي هذه الأفعال إلى إغضابهم؛ من صراخ واستفزاز ومشاغبة؛ مما يؤثر سلبًا على نفسياتهم وعطائهم وأداء واجباتهم، وهنا أنصح كل أب وأم بالتالي:

  • علِّموا أولادكم أن المعلم هو صاحب الفضل بعد الله في إيصال المعلومة، وإكساب المعارف الصحيحة لهم، ولذا كلما وجَد المعلم الاحترام والتقدير من الطالب، كان عطاؤه أفضل.
  • اغرِسوا محبة العلم والمعلم في نفوس أولادكم، ولا تسمحوا لهم بالسخرية منه أمامكم أو التقليل من شأنه مهما كان السبب.
  • علِّموهم أن يتَّبعوا جميع القواعد والقوانين التي يضعها المعلم في فصله؛ كالهدوء والاستئذان والاحترام المتبادل.
  • التواصل مع المعلم بشكل صحيح ومهذَّب، ومحاولة معرفة أسباب المشكلة قبل الحكم عليها، قال : “أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا”؛ صححه الألباني.
  • الصبر وتحمُّل غضب المعلم، والتأدب عند الجلوس معه؛ قال : “ليس منا من لم يُجل كبيرَنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقَّه”؛ الجامع الصغير.
  • علِّموهم تصحيح النية عند الذهاب للمدرسة؛ قال : “من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا، سلك الله به طريقًا من طرق الجنة”؛ رواه أبو داود.
  • عدم لوم المعلم علنًا، أو تقديم النصيحة له أمام طلابه، فالمعلم قدوةٌ في نظر طلابه، ويجب أن يبقى كذلك، وعند الخطأ تحاوَر معه على انفراد.
  • التركيز على حسنات المعلم وليس فقط على سلبياته، فالإنسان مهما كان لا يسلَم من العيوب.
  • الدعاء له بالخير والتوفيق والسعادة ودوام الصحة على ما يقدِّمه من علم لأولادنا.
  • الدفاع عنه وعن عِرضه؛ قال : “ومَن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة“؛ رواه البخاري.
  • شُكر المعلم وتشجيعه؛ قال : “مَن صنَع إليكم معروفًا فكافئوه”؛ رواه النسائي.

أسأل الله العظيم أن يُصلح أولادنا، وأن يُنبتهم نباتًا حسنًا، وأن يطهِّر قلوبهم من الشهوات والشبهات، وأن يحفَظهم من كل شرٍّ وفتنة، وصلى الله على سيدنا محمد.