اختلاف الطباع بين الزوجين : الاختلاف بين الناس من سنن الله الكونية؛ قال تعالى: { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } (هود: 118)، فالإسلام لا يريد من الأشخاص أن يكونوا متطابقين إلى درجةِ زوال الفروقِ الفردية بينهم، ولا يريد منهم أن يكونوا نُسَخًا مكررة عن بعضهم، وكذلك لا يريد منهم أن يكونوا متنافرين بحيث يصبحون أعداء متشاحنين، لكن المطلوب أن يتقارب المسلم مع أخيه فلا يغلو ولا يقصِّر.
والحياة الزوجية تجمع بين الرجل والمرأة في بيت هو اللَّبِنةُ الأولى للمجتمع المسلم، فنرى أن الشاب يبحث عن شريكة حياته، ويحاول جاهدًا أن تكون قريبة منه في تفكيره وطباعه وتربيته، وهذا مطلوب شرعًا كما قال ﷺ: “انظر إليها؛ فإنه أحرى أن يُؤْدَمَ بينكما” (صحيح الترمذي).
لكن الخطأ الأكبر أن يبحث عن فتاة مطابقة له إلى درجة المائة بالمائة، وهذا لن يحدث أبدًا، وكذلك الفتاة تبحث عن شخص مطابق لها في تفكيرها وتقديرها وطباعها تمامًا، وهذا من الصعب إيجادُه.
وهنا ينسى الشابُّ والفتاة سنةَ الله في الاختلاف بين الناس، مما يجعل ما يرمي إليه صعب المنال، فيدخله في حالة صعبة من الانتقاء والاختيار، ووضع الشروط الكثيرة والصعبة على والديه، وهذا ما يفسِّر لنا بعض أسباب عدم إقدام الشباب والفتيات على الزواج.
تقول فتاة: أذكر في بداية زواجنا كنت أنزعج كثيرًا من تأني زوجي الزائد عند الخروج من المنزل، فكان يأخذ وقتًا طويلًا في ارتداء ملابسه واهتمامه بمظهره، أما أنا فكنت سريعة في قضاء أموري وأمور المنزل، ولكن لأنني أحبه حاولت التأقلم مع هذا الطبع، والمفارقة أنه مع مرور الأيام وقدوم الأولاد انعكست الآية، فصرت أستغرق زمنًا أطول لتجهيز الأولاد عند الخروج.
تقول: يجب على كل طرف احترامُ اختلاف الطرف الآخر والتأقلم معه، وذلك بتقديم التنازلات من قِبَلِ الطرفين، وبهذه المسألة يمكن تجنُّبُ المشاكل والجدال.
ويقول شاب: لأنني أحب قضاء وقت فراغي في البيت والجلوس أمام التلفاز، كان هذا الطبع يزعج زوجتي جدًّا؛ لأنها تفضِّل الخروج والتسوق.
يقول: مع مرور الأيام وجدنا حلًّا لهذا الخلاف، وهو أننا اتفقنا على أيام معينة للخروج، وأخرى للجلوس في المنزل، وهكذا أرضى كلٌّ منا الآخر.
ولكي نقلل من المشاكل التي يحدثها اختلاف الطباع بين الزوجين علينا التالي:
- لا بد أن يقبل كلُّ طرف الطرفَ الآخر بما هو عليه من سلوكيات أو علل تزعجه.
- معرفة أن كل واحد من الزوجين جاء من بيئة مختلفة، وأنه بعد فترة وجيزة من التقبل والتنازلات يبدأ الطرفان في تكوين مجموعة من الطباع والعادات التي تناسبهما، وذلك بغرض التفاهم وتسيير الحياة الزوجية.
- إيجاد قوانين وصيغ توافقية بين الزوجين للتعامل مع الخلاف، خاصة إذا توافر الحب بينهما، وأن أي مشكلة يمكن حلُّها بالتفاهم والحوار.
- اختلاف الطباع بين الزوجين ممكن يكون مصدرًا لبلوغ السعادة بما يحدثه من تنوُّع في الحياة الزوجية، وأن كل طرف يكمل الطرفَ الآخر.
- على كل طرف ألا يسعى إلى تغيير الآخر؛ وإنما بالاتفاق وإيجاد أرضية مشتركة وحلول يتفق عليها الجميع.
- على كل طرف أن يسعى إلى إرضاء الآخر؛ وذلك بالتنازل عن الشيء الذي يحبه من أجل الطرف الآخر، دون المساس بكرامة أي أحد منهما، وعلى الطرف الآخر أن يبادل شريكه التغافر والتنازل والعفو.
- إن وجود الرغبة عند كل منهما في العيش بسلام مع شريك حياته، ووجود الحب والتضحية والتنازل، ومراعاة شعور الطرف الآخر واحترام رغباته – من أهم الأسباب لتجاوز اختلاف الطباع بين الزوجين.
أسأل الله العظيم أن يصلح لنا ولكم الذرية، هذا وصلى الله على سيدنا محمد