الحياة بسيطة ونحن من يعقدها، نعيش لنحِب ونُحَب ونحيا مع من نحبهم من أهل وأصدقاء وأحباب، ونبذل جهدنا للحفاظ على علاقاتنا مهما أشغلتنا الحياة عنهم وأبعدتنا فلا يزالون بقلوبنا وبأصواتنا للسماء بالدعاء لهم.

وإن كانت الحياة بهذه البساطة، فلمَ التعقيد الذي نراه في علاقاتنا بمن هم أقرب الناس لأرواحنا؟ ولمَ نسيء الظن بهم وهم أكثر من يهتمون بنا؟ ولمَ البعض منا لا يتفقد أُناسه من حوله ولا يعرف عنهم شيء؟! لا تقل انشغلت بالحياة فهو عذر واهٍ تماماً؛ فمهما انشغلت في حياتك فإنه إن أردت يمكنك إيجاد وقت لتطمئن على من تحبهم وتفتقدهم وتشتاق لهم ولصوتهم، ولذلك عليك أن ترفع جوالك وتتصل أو ترسل رسالة على الأقل تبهج بها أهلك وأحبابك ومن يعز على قلبك وروحك، ولن تتخيل أثرها على أنفسهم وفي عمق أرواحهم ويومهم.

وقد تكون بعض رسائلنا المفاجئة للتواصل معهم مواساة للبعض وتذكير لهم بأننا معهم، وللبعض الآخر تذكير لهم بأننا لم ننساهم وأننا نشتاق لهم ونرغب بالاطمئنان عليهم.

ولا يوجد شيء في هذا العالم أعظم من أن يكون لديك من يهتم بك ويسأل عنك ويطمئن عليك، ويشتاق لك فيتصل بك وإذا انشغل أرسل لك رسالة ليقول لك بأنه يحبك ويهتم بك أكثر مما تتخيل وأنك لست وحيداً في حياتك وعالمك.

ولا يوجد شيء في هذا العالم أبغض من الوحدة بعد ظلم البشر، فالوحدة تقتل من يشعر بها بشكل لا يتنبه إليه من يصاب بهذا الداء وكأنها قنبلة موقوتة ستنفجر في وقت ما، وصحيح نحتاج وقتا لأنفسنا لوحدنا وهذا حقنا، ولكن ما أقصده هنا بالوحدة هي الوحدة المعنوية الشعورية التي نشعر بها ببعد من نحبهم عنا بكل الوسائل والأشكال.

وحتى إن كان من تحبهم عند رب السماء والأرض فهم عند من هو أرحم منا بهم، ومع ذلك نحتاج أن نتذكرهم ونعتز بهم، فعندما تمحى ذكريات من نحبهم ونتوقف عن الاشتياق إليهم، فحينها نفقد الرغبة في العيش أيضاً.

ولذلك اعتز بمن تحبهم وأكرمهم وهم أحياء وكذلك وهم أموات رحمة الله عليهم فهم يستحقون ذلك، وهم جزء لا يتجزأ من رغبتك بأن تعيش هذه الحياة وتكافح فيها لتنجح وتصل.

وتذكر دائماً بأن مشاعرك تجاه نفسك وحياتك هي سر إبداعك وتميزك، وكل ذلك بيدك وبإرادتك أنت وحدك.