بدأت بعض البنوك والفروع الإسلامية التابعة للبنوك التقليدية بتطبيق السلم المنظم بعدما صدر قرار من المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي ومن مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بتحريم التورق المصرفي المنظم (مثل: بنك أبو ظبي التجاري) .
فما هو السلم المنظم، وكيف يتم؟
هو عبارة عن الخطوات الآتية:-
(1) قيام العميل بطلب التمويل النقدي حسب حاجته إلى البنك مع تقديم الضمانات.
(2) ترتيب اتفاقية بين العميل والبنك تتضمن كل التفاصيل المطلوبة.
(3) إتمام عقد السلم بين العميل والبنك من خلال بيع سلعة دولية (الحديد, أو نحوه) إلى البنك عن طريق عقد السلم، أي حسب المواصفات في الذمة، ويدفع البنك المبلغ المطلوب له حيث يودعه في الحساب خلال زمن قصير.
(4) ثم يقوم العميل بتوقيع طلبات شراء سلع مؤجلة التسليم من موفر السلعة، بحيث تكون تواريخ شراء العميل للسلع من موفر السلعة إما في نفس اليوم المزمع فيه تسليم السلعة للبنك أو يوم قبله, كما يقوم العميل بإخطار موفر السلعة بتسليم السلع المشتراة إلى البنك حسب التواريخ المحددة.
(5) إسناد هذا الأمر إلى شركة دولية .
يقول المسؤول عن هذا المنتج في بنك أبو ظبي التجاري([1]) موضحا التنظيم الدقيق للسلم المنظم (وحيث إننا في دول مجلس التعاون الخليجي ونظرا لقلة الشركات التي تتعامل مع مثل هذه العمليات، فإن بنك (أبو ظبي التجاري) ارتأى التعامل لشراء السلع من شركات دولية لها الخبرة الكافية في مثل هذا النوع من التعامل.
ويضيف باعطب: إن عملية تنفيذ بيع السلم تتم عبر مراحل عدة حيث يقوم عميل البنك بالتقدم بطلب تمويل نقدي حسب حاجته وفي الوقت نفسه يتعهد العميل للبنك ببيعه سلعة مؤجلة التسليم حسب ما يتم عليه الاتفاق بين الطرفين، على أن يقوم البنك بدفع قيمة السلعة مقدما كاملا وحالا، ثم يقوم البنك بدراسة القدرة الائتمانية للعميل ويتخذ القرار إما بالموافقة على طلب العميل أو رفضه.
وتابع: إنه في حالة الموافقة على طلب العميل يطلب البنك من العميل التوقيع على عقود بيع السلم والتي توضح الخطوط العريضة لعلاقة البنك مع العميل، وكذلك تواريخ تسليم السلعة وقيمتها حسب الاتفاق بينهم، ثم بعد التوقيع على عقود بيع السلم بين العميل والبنك، يقوم العميل بتوقيع طلبات شراء سلع مؤجلة التسليم من موفر السلعة، بحيث يكون تواريخ شراء العميل للسلع من موفر السلعة إما في نفس اليوم المزمع فيه تسليم السلعة للبنك أو يوم قبله. كما يقوم العميل بإخطار موفر السلعة بتسليم السلع المشتراة إلى البنك حسب التواريخ المحددة والمتفق عليها بين البنك والعميل.
وبين: أن العميل يقوم بعد ذلك بتفويض البنك بخصم قيمة السلعة من حسابه الشخصي ودفع قيمة السلعة المشتراة إلى البائع (موفر السلعة) ثم يقوم البنك بصفة شهرية بدفع القيمة الشهرية للسلع إلى موفر السلعة، واستلام السلع حسب تعليمات العميل.
وأكد باعطب: أنه من الطبيعي أن تقوم البنوك بعمل الترتيبات الضرورية اللازمة لحماية حقوقها وحماية حقوق عملائها سواء بشكل مباشر أو غير مباشر؛ لذا فإن وضع الترتيبات اللازمة والضرورية لتنفيذ عملية بيع السلم من قبل البنك هو في المقام الأول لتسهيل وتسريع عملية التنفيذ، وثانيا لخبرة البنك في ترتيب مثل هذه الاتفاقيات، نافيا أن تكون لدى البنك منتجات مسبقة، حيث إن المنتج يتم ما بين العميل وموفر السلعة فقط([2]).
مخاطر تقلب الأسعار
وحول مخاطر تقلب الأسعار أوضح باعطب أن أي معاملات مالية إسلامية أو تقليدية تنطوي على بعض المخاطر التي يتوجب على إدارة البنك دارستها بعناية مستفيضة، ولتفادي مثل هذا النوع من المخاطر فإن هيئة الفتوى والرقابة الشرعية لدى بنك أبو ظبي التجاري أجازت لنا أن يقوم العميل بتسليمنا سلعة تعادل قيمتها قيمة المبلغ المخصوم من حساب العميل لشراء السلعة ).([3])
الحكم الشرعي للسلم المنظم
المحظورات والمناهي التي اشتمل عليها التورق المصرفي المنظم قائمة بذاتها في هذا المنتج؛ ولذلك فإن توسيط السلعة باسم السلم في هذا المنتج لا يفيد شيئا، بل حكم هذا المنتج: الحرمة كما هو حكم التورق المصرفي المنظم.
وبيان ذلك أن السلعة قد أُدخلت في العملية لتخرج منها بعد الوصول إلى غايات المتعاقدين، العميل يحصل على النقد العاجل، والبنك يدفع نقدا عاجلا لتئول العملية لأن يتسلم نقدا أكثر منه بعد حين، وأما السلعة فلا حاجة لأحد منهما فيها، لا بانتفاع ولا بتجارة واستثمار.
ومما يؤكد ذلك أن البنك سيبيع هذه السلعة من خلال العقد المنظم دون أن يربح فيها شيئا، بل يتحصل على ربحه من عميله مقابل ما عجل له من نقد، فإنه إذا اقترب وقت تسليم سلعة السلم، فإن العميل عليه أن يذهب ليشتري” حديدا مثلا” ثمنه عشرة آلاف، لكنه سوف يبيعه للبنك بأنقص من ذلك، بتسعة آلاف مثلا([4])، فيبيع البنك الحديد بتسعة ألاف وتسعمائة، فهل ازداد ثمن السلعة السوقي ليتحقق للبنك هذا الربح؟ أم أن هذه الزيادة ضمنها له العميل مقابل ما أخذه من نقد عاجل، وهذا المآل هو أحسن أحوال السلم المنظم، وإلا فإن وجود شركة لترتيب هذا المنتج كما أخبر القائمون عليه، سيئول إلى العينة الثنائية أو الثلاثية التي تعود فيها السلعة إلى بائعها تقليلا لمصاريف النقل وغيره، أو تعود إلى طرف آخر محلل، ليقوم بدوره ببيعها مرات أخرى بنفس الطريقة؟
([1]) هو: عصام أحمد باعطب رئيس منتجات تمويل الأفراد في دائرة الصيرفة الإسلامية في بنك أبو ظبي التجاري في تصريحه لجريدة الأوسط الدولية في 30 شوال 1430هـ الموافق 22 سبتمبر 2009م.
([2]) السلم وتطبيقاته المعاصرة، د. علي محيي الدين القره داغي، (ص94، وما بعدها).
([3]) جريدة الشرق الأوسط الدولية, العدد 11256, الثلاثاء 3 شوال 1430 هـ الموافق 22 سبتمبر 2009 جريدة الشرق الأوسط , صفحة : مصرفية إسلامية.
([4]) وهو هو معنى قول باعطب: ” إن هيئة الفتوى والرقابة الشرعية لدى بنك أبو ظبي التجاري أجازت لنا أن يقوم العميل بتسليمنا سلعة تعادل قيمتها قيمة المبلغ المخصوم من حساب العميل لشراء السلعة”