ترجمة مفهوم المسؤولية المجتمعية إلى أسس وتوجه استراتيجي مدروس سيعزز عمليات العطاء لأي منشأة ويسهم في تحويل أهدافها إلى عمليات واستراتيجيات نماء تصب جميعها في تنمية الإنسان، مما يسهم في تـنمية المجتمع بمختلف فئاته.
فارتكاز وتبني أي منشأة للمسؤولية المجتمعية وأن تكون جزءاً لا يتجزأ من فلسفتها ورؤيتها تجاه علاقتها مع المجتمع سيجعل المنشأة تتربع في الريادة والمقدمة على المستوى الوطني والإقليمي.
وبالرغم من أن مفهوم المسؤولية المجتمعيةبدأ يأخذ مكانه منذ عام 1950م، فإن هذا المفهوم أصبح يظهر جلياً في السنوات الأخيرة، حيث بدأت تسارع منظمات الأعمال في إظهار مسؤولياتها المجتمعية بشكل أكثر جدية ضمن استراتيجياتها وتقاريرها لأصحاب المصالح عبر مسميات متعددة كالمسؤولية المجتمعية والمساءلة الاجتماعية والمنظمات الأخلاقية والمواطنة الصالحة والالتزام.
يجب اليوم أن تتهيأ منشآت القطاع الخاص لتبني المسؤولية المجتمعية من خلال استحداث إدارة معنية أو قسم متخصص يعنى بالمسؤولية المجتمعية، وتظهر أهمية ذلك في ظل احتدام حدة التنافس بين الشركات فيما يخص أنشطة المسؤولية المجتمعية نظير تأثيرها على الصورة الذهنية وتأثيرها الملحوظ في زيادة فرص التميز.
فوجود هذه الإدارة أو القسم سيسهم في تحقيق المنشأة للريادة وحصولها على العديد من الجوائز في هذا المجال فضلاً عن دعمها لتطبيق معايير الاستدامة وإصدار تقارير الشفافية، فضلاً عن تأكيد اتباع المنشأة للمعايير العالمية للمسؤولية المجتمعية، التي تشمل نشاط المنشأة ومجالها وتنمية المجتمع وحماية البيئة وشمولية العائد الاجتماعي على مختلف فئات المجتمع.
ويجب أن تُتخذ هذه الخطوة ضمن قناعة قيادة المنشأة بالدور الإيجابي للمسؤولية المجتمعية تجاه المجتمع ومحيطها وسعيها لتحقيق رفاهية موظفيها والتنمية المستدامة للمجتمع الذي تعمل به ومعه ومن أجله من خلال مشاريع ذات بُعد تنموي واجتماعي.
كما يجب أن تعنى هذه الإدارة بالأعمال والمشاريع المدروسة والمقنـنة التي تصب في تـنمية المجتمع وتطـويره من كل النواحي، فضلاً عن المساهمة في تطوير مفهوم المسؤولية المجتمعية لمنشآت القطاع الخاص وتحويلها إلى برامج ومشاريع استراتيجية تعود بالنفع على المجتمع.
ويفضل لإدارات المسؤولية المجتمعية أن تسعى للوفاء برؤية المنشأة ودورها وأهدافها تجاه المجتمع من خلال رعاية المبادرات وتفعيل الحضور والمشاركة في مختلف المناشط المجتمعية والتنموية والتشارك مع مختلف شرائح المجتمع، ووضع خطط وبرامج للأنشطة المختلفة والسعي للتنسيق والتكامل مع الجهات المماثلة والغرف التجارية.
كذلك توطيد الروابط بين شرائح المجتمع ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية والفرق التطوعية، والعمل على إصدار التقارير الدورية والعمل على تطوير قدرات منسوبي المنشأة في القيام بخدمة المجتمع وتنميته وتحقيق رؤية القيادات مع التأكيد اتباع المعايير الأولية لأداء مبادرات وبرامج المسؤولية المجتمعية وتقويمها.
ويقع على عاتق هذه الإدارات تبني وإطلاق برامج ومشروعات رائدة والتحقق من فعاليتها، ووضع خطة سنوية للمسؤولية المجتمعية واستقطاب خبراء لتطبيق الاستراتيجيات ورصد التأثير المجتمعي والتوفيق بين عمليات المنشأة ككل فضلاً عن السعي لتحسين كفاءة مبادرات المنشأة والتأثير الإيجابي مع أصحاب المصلحة والأطراف المعنية، وتخصيص مساحة للإبداع لتأكيد جدارة التحول إلى منشأة ذات مسؤولية مجتمعية مستدامة وموائمة مع أولويات المنشأة واستراتيجياتها.