في احدى قاعات الانتظار ترامى على مسامعي حديث فتاة في مقتبل العمر مع والدتها، وهي تسألها عن نفسها في مرحلة الطفولة، وقد كانت متشوقة للسماع من والدتها المواقف التي كانت لها في طفولتها. ردت الأم عليها انها لا تتذكر اي موقف وانها في تلك الفترة لم تكن تعي ما هي التربية وما هي معاييرها، فهي كانت تتعامل بشكل آلي فطري فقط بلا وعي.

هنا استوقفتني هذه الكلمة (الوعي)، فكم من المواقف في حياتنا نتصرف بها بلا وعي! وهو أمر في بعض الاوقات محمود على سبيل المثال (الاستجابة لبكاء الطفل ليلاً في أيامه الأولى)، ولكن عندما يبدأ هذا الطفل في مراحله الأولى هنا لا بد لنا أن نربي بوعي، حيث إنه من فوائد التربية بوعي أنها أكثر متعة للمربي، وتضمن له الحصول على نتائج أفضل.

والسؤال هنا:

كيف لنا أن نكون أكثر وعياً في التربية؟!

يبدأ الوعي في التربية في معرفة خصائص مراحل النمو للطفل، وهذه هي الخطوة الأولى للتربية بوعي اكبر ومتعة أكثر للمربي، حيث إنه لن يشعر بالضغط والتوتر في حال لاحظ سلوكا معينا على الطفل، وهو يعي ويدرك أنه سلوك طبيعي ضمن المرحلة العمرية للطفل، على سبيل المثال:

من الطبيعي جدا أن يتقبل المربي أن الطفل في السنة الأولى من عمره لا يعتمد على نفسه في أبسط الأمور، مثل قضاء حاجته، فهو لا يشكو من هذا السلوك لدى الطفل، ولكن اذا وصل الطفل لعمر ٦ سنوات وما زال لم يعتمد على نفسه هنا من الطبيعي جدا أن يشكو المربي عن سبب عدم استقلال الطفل، ويعود سبب شكوى المربي او تساؤله في هذا العمر هو أنه يعي جيداً أن الطفل في هذا العمر يبدأ في الاستقلال والاعتماد على نفسه وخاصة في قضاء الحاجة، ومن الجدير بالذكر ان المربي في سنته الأولى من الوالدية يعتمد كثيرا على المحاولة والخطأ في التربية مع أخذه بعين الاعتبار لملاحظات الآخرين من حوله.

فصل دراسي مليء بالأطفال من مختلف الأعمار، يرفعون أيديهم للتعبير عن رغبتهم في المشاركة. الأطفال يجلسون على كراسي برتقالية، مع دفاتر وأقلام على الطاولات. جدران الغرفة ملونة بلون برتقالي، مما يخلق جواً حيوياً.
التربية بوعي والتعليم بإتقان

ومن الوارد جدا أن تكون هذه الملاحظات والتوجيهات التي يتلقاها هذا المربي لا تتكافأ مع المرحلة العمرية للطفل ولا تتكافأ مع مهاراته وقدراته والفروق الفردية التي تختلف من شخص لآخر، وتصبح هنا عملية التربية عملية مرهقة يقضيها المربي في توتر وقلق مستمر بلا استمتاع في مراحل نمو هذا الطفل ومراحل تطوره.

فكم هو جميل أن يتأمل المربي جميع مراحل نمو طفله ومدى تطور مهاراته الحركية واللغوية والمعرفية وغيرها.

ومن هذا المنطلق أدعو كل مرب أن يستمتع في تربيته لأطفاله وأن يقضي معهم الوقت بوعي أكثر.

حتى تصبح عملية التربية هي مرحلة الاكتشاف والتعلم من قبل المربي فلا يتعامل مع مراحل نمو الطفل ومظاهرها الطبيعية بتعسف وعنف او بإهمال وعدم اكتراث، فالطفل كالنبات الأخضر الذي يحتاج لرعاية واهتمام ويحتاج لمساحة حتى ينمو بصحة جسدية ونفسية.

ان معرفة المربي خصائص النمو للطفل تساعده بشكل كبير على خلق علاقة ايجابية مع ابنائه في جميع المراحل العمرية وتساعده على ايجاد حلول في علاج المشكلات التي من الممكن ان تظهر على الابناء في احدى المراحل العمرية.

صورة مقال التربية بوعي واستمتاع

دعونا نقف معاً وقفات على بعض المحطات في مراحل نمو الطفل منذ الولادة وحتى عمر سنة:

النمو العقلي:

•    يبكي عندما يغادر أباه أو أمه

•    يفضل أشياء وأشخاصا معينين

•    يحاول المساعدة أثناء ارتداء الملابس

•    يستخدم إشارات بسيطة

•    يقلد الاصوات والحركات

النمو الاجتماعي:

•    ينظر إلى الصورة الحقيقية أو الشيء عند مناداة اسمها

•    يبدأ في استخدام الأشياء بشكل صحيح

•    يتبع الإرشادات البسيطة

النمو الجسدي:

•    يستطيع الجلوس دون مساعدة

•    يستند على الأشياء للوقوف

•    ويستعين بقطع الأثاث للمساعدة في المشي “طواف”

•    قد يستطيع المشي بضع خطوات

•    والوقوف بمفرده دون التشبث بشيء

النمو اللغوي:

•    تمييز الأبوين بمفردات بسيطة (ماما – بابا- دادا ….)

•    محاولات لتقليد الكلام او الاصوات بغرض التواصل مع من حوله

•    الاستجابة عند مناداته وتتبع الارشادات البسيطة