الشخصية والدين والثقافة والحضارة والتنشئة الاجتماعية مجموعة من المفاهيم الحديثة في ظاهرها، الضاربة في عمق التاريخ بحركتها ووظيفيتها. هذه المفاهيم التي قد تبدو للوهلة الأولى مفككة، أو تنتمي لفروع علمية ومعرفية مختلفة، كعلم النفس والاجتماع والأنثروبولوجيا والتربية وغيرها، هي في حقيقة الأمر مفاهيم مترابطة وظيفياً لدرجة التمازج الكلي الذي تنعدم فيه روح التمايز. هذا التكامل والترابط الوظيفي والمفاهيمي كان من بين أهم أهداف المشروع الخلدوني للبناء والإحياء الحضاريين، حيث سعى المقال لتوضيح آلية الترابط بين المفاهيم السابقة الذكر من خلال مقدمة ابن خلدون وما دُوّن حولها من أعمال معرفية. وكانت خلاصة هذا العمل أن ابن خلدون دوّن مقدمته وفقاً لمنهجية تكاملية وعملية واضحة المعالم، حيث جاءت فصول وأبواب المقدمة مترابطة ترابطاً تكاملياً. حيث ترتسم معالم البناء والإحياء الحضاريين بداية من الإنسان والدين، ومروراً بالتنشئة الاجتماعية والأخالق، ووصولاً إلى الثقافة ومنتهياً بالانبعاث الحضاري المنشود.
مقدمة
إن الحركة الواعية لأي مجتمع هي التي تصنع تاريخه ومستقبله. والسلوك البشري بمستواه الفردي والجماعي هو ما يدفع متخصصي الدراسات النفسية والاجتماعية لاستعمال مصطلحات تعبّر عن هذه الحركة، مثل مصطلحات: الشخصية (Personality)، والأخلاق (Ethics or morals)1، والتنشئة الاجتماعية (Socialization)، والثقافة (Culture)، والحضارة (Civilization)، والدين (Religion)، وغيرها. فالإنسان عندما يتعامل مع غيره بتسامح وتفتح، أو بسلوك معاكس لما قلنا نصفه بناء على ذلك بأنه صاحب شخصية منفتحة أو منغلقة أو غيرها من السمات الشخصية. والجماعة البشرية عندما تشجع روح العمل الجماعي أو تميل إلى تشجيع العمل الفردي نقول عنها أنها ذات ثقافة فردية أو جماعية. والمجتمع عندما يترجم أفكاره وخصائصه الثقافية إلى عوالم مادية أو فنية أو سلوكية نسمي هذا المنتوج بالحضارة. ونسمي أسلوب تعامل الجماعة أو الفرد مع العوامل الغيبية أو الميتافيزيقيا بالدين.
في هذا المقال نحاول الغوص في حقيقة السلوك البشري وتحديد دور الفرد وطبيعة شخصيته في بناء ثقافة الجماعة وحضارتها؛ بالإضافة إلى محاولة فهم دور الفكرة الدينية في هذه العملية البنائية من خلال عمل ابن خلدون في مقدمته.
لقد أشارالعديد من منظِّري الحضارة إلى الدور المهم الذي يلعبه الدين في بناء الأسس الاجتماعية والفكرية والروحية لأي حضارة. لكن يغفل الكثير منهم أن الدين في الحقيقة يترجم من خلال السلوكات البشرية، فهو في الأخير مجموعة من التشريعات والاعتقادات التي وُضعت من أجل تنظيم السلوك الفردي والجماعي وحياة الجماعة بصفة عامة.
وبالتالي نرى أنه من الضروري بمكان دراسة السلوك البشري بالموازاة مع دراسة الدين. وحديثنا عن السلوك يدفعنا للحديث عن الشخصية باعتبارها عاملاً مهماً في بناء الحضارة.
وفي هذا الصدد يقول أحد علماء النفس: “إذا طوّرنا شخصية الإنسان وبنيناها بطريقة سليمة، فنكون بذلك قد أزلنا أحد أكبر أسباب الفوضى في العالم”.2
لكن قبل الخوض في هذه الجدلية، نسعى أولاً للوقوف عند بعض المصطلحات وتعريفها من أجل تيسير مهمة التحليل والتركيب التي ستأتي لاحقاً.
مفاهيم مفتاحية للدراسة
إن المتأمل في المصطلحات التي ذكرناها آنفاً يلاحظ وجود عامل مهم له علاقة في بروزها أو نشأتها، ألا وهو الإنسان وسلوكه الداخلي (التفكير والعاطفة…) والخارجي (مثل: الكلام والحركة…).
إن تفاعل الإنسان كفرد مع التحديات المحيطة به أو مع من حوله من العوالم المادية أو المعنوية أو حتى من خلال تعامله مع نفسه وما ينتج عنها من سلوكات أو عواطف أو أفكار، يصطلح عليه تسميته بالشخصية (Personality). لقد طرحت العديد من التعريفات النفسية للشخصية، والملاحظ أنه يوجد تداخلات وتباينات بين المدارس النفسية حول تعريف هذا المصطلح. لكن عموماً تُعرّف الشخصية بأنها الصفات الفردية الداخلية والخارجية الثابتة نسبياً (والتي تؤثر على السلوك في المواقف المختلفة (شولتز وشولتز 2009)3.
وهنا يجب الإشارة إلى مصطلح هام له علاقة بمصطلح الشخصية، ألا وهو الأخلاق (Ethics).
لقد تشعّب تعريف الأخلاق وعلم الأخلاق بين الفلاسفة وعلماء الاجتماعيات، وليس بصددنا الخوض في تفاضل هذا الخلاف الاصطلاحي، وإنما نسعى لتوضيح نقطة الخلاف بين المفهومين باختصار. نجد أن الباحث يالجن (1992) توصّل إلى أن التعاريف اللغوية الواردة في تعريف هذا المصطلح تتفق في النقاط التالية:
- الخُلُق يدل على الصفات الطبيعية في خِلْقة الإنسان الفطرية على هيئة مستقيمة متناسقة.
- تدل الأخلاق على الصفات المكتسبة حتى أصبحت كأنها خُلقت فيه فهي جزء من طبعه.
- أن للأخلاق جانبين: جانب نفسي باطني وجانب سلوكي ظاهري.4
ونجد نفس الباحث يخلص في الأخير إلى تعريف الأخلاق بأنها: “عبارة عن علم الخير والشر والحسن والقبح وله قواعده التي حددها الوحي لتنظيم حياة الإنسان وتحديد علاقته بغيره على نحو يحقق الغاية من وجوده في هذا العالم على أكمل وجه”.5
إن أهم فرق يمكن تحديده من خلال استقراء التعاريف الواردة حول مصطلح الشخصية والأخلاق يكمن في ثلاثة جوانب وهي: الديمومة أو الرسوخ أو الثبات: بحيث الشخصية لها طابع الثبوت، في حين لا يشترط ذلك في الأخلاق، ولو أننا نجد أن بعض العلماء يشترطون الثبات في الأخلاق، غير أن هذا الأمر ليس صحيحاً دائماً.6
الكسب والوراثة: فنجد أن الأخلاق هي الطبع المكتسب، في حين أن الشخصية هي الطبع المكتسب من جانب والموروث من جانب آخر.
المرجعية: بحيث نحتاج لمعايير عقلية أو نقلية للحكم على الخلق بالحسن أو السوء، لكن لا نحتاج لمثل هذه المعايير عند الحديث عن الشخصية.7
ونجد أن هذا الرأي قد أشار إليه بعض العلماء المسلمين وكذا الغربيين. فنجد مثلاً القرطبي يرى أن ما يأخذ الإنسان به نفسه من الأدب يُسمّى خُلُقاً؛ لأنه يسير كالخِلْقة فيه، وأما ما طُبِع عليه من الأدب فهو الخِيم “أي: السّجية والطبيعة…”، فيكون الخُلُق الطبع المتكلّف، والخِيم الطبع الغريزي.8
ونرى – والله أعلم – أن الخِيم يقابل مصطلح الشخصية بالمعنى الحديث.9
ونجد أن الكثير من الدراسات الغربية الحديثة تشاطر الفروق التي ذكرناها آنفاً (هوفستيدا 1991، شولتز وشولتز 2009).10
ثم إن من بين أهم الخصائص النفسية والحاجات الأساسية للإنسان، والتي أكدها علماء النفس وعلماء الاجتماع، هي حاجته للاجتماع والتفاعل مع غيره من الناس. فكل نظريات الحاجات الحديثة تؤكد الحاجة النفسية للإنسان في التفاعل الاجتماعي مع غيره من الناس (بوكانان وهوتشينسكي 2013).11
ونجد أن ابن خلدون قد أشار إلى هذه الفكرة في مقدمته حيث قال: “إنك تسمع في كتب الحكماء قولهم أن الإنسان هو مدني الطبع، يذكرونه في إثبات النبوات وغيرها. والنسبة فيه إلى المدينة وهي عندهم كناية عن الاجتماع البشري. ومعنى هذا القول أنه لا تمكن حياة المنفرد من البشر، ولا يتم وجوده إلا مع أبناء جنسه. وذلك لما هو عليه من العجز عن استكمال وجوده وحياته، فهو محتاج إلى المعاونة في جميع حاجاته أبداً بطبعه.”12
إن هذا النشاط التعاوني والتفاعلي بين أفراد المجتمع أو الجماعة الواحدة يولد ما يصطلح عليه علماء الاجتماع والأنثروبولوجيا بالثقافة “Culture”. فالثقافة لا توجد إلا بوجود المجتمع، وبالتالي فإن المجتمع لا يقوم إلا بالثقافة (تومبسون وإليس وفيلدافسكي، 1998).13
وكما هو الحال مع المصطلحات السابقة، فالثقافة أيضاً لها عدة تعاريف وهذا بناء على الخلفية الفكرية أو الأكاديمية لصاحب التعريف.
يُعتبر تعريف إدوارد تايلور في كتابه “الثقافة البدائية” من أقدم تعاريف الثقافة، والذي يرى فيه أن الثقافة هي: “كل مركب يشتمل على المعرفة والمعتقدات والفنون والأخلاق والقانون والعرف وغير ذلك من الإمكانيات أو العادات التي يكتسبها الإنسان باعتباره عضواً في مجتمع”.14
بعد دراسة معمقة لتعاريف الثقافة، خلص تومبسون وزملاؤه (1998) إلى أنه يوجد توجهان عامان في تعريف الثقافة. الأول ينظر للثقافة على أساس مكوناتها التفصيلية: مثل القيم والمعتقدات والمعايير والرموز… وغيرها. أما الاتجاه الثاني فيحللها كنمط حياة كلي للمجتمع والعلاقات التي تربط بين أفراده وتوجهات هؤلاء الأفراد في حياتهم. وعلى هذا الأساس خلصوا إلى أنه يمكن جمع تعريف الثقافة في ثلاثة عناصر متكاملة مع بعضها البعض وهي كالتالي:15
- التحيزات الثقافية: وتمثل القيم والمعتقدات المشتركة بين الناس.
- العلاقات الاجتماعية: تشمل العلاقات الشخصية التي تربط الناس بعضهم ببعض.
- أنماط أو أساليب الحياة: وهي الناتج الكلي المركب من التحيزات الثقافية والعلاقات الاجتماعية.
ونجد أيضاً أن بن نبي (2013) توصّل إلى نفس النتيجة عند تحليله للتعاريف المطروحة للثقافة، فيرى أنه هناك توجهين: الأول مبني على فلسفة الإنسان وتُعرّف على أساس أنها تراث (الإنسانيات)، بمعنى أن مشكلتها ذات علاقة وظيفية بالإنسان، في حين التوجه الثاني مرتبط بفلسفة المجتمع أي أنها ذات علاقة وظيفية بالمجتمع.16
وبناء على هذا خلص إلى التعريف الذي يجمع بين فلسفتي الإنسان والمجتمع، حيث يرى أن الثقافة هي: “مجموعة من الصفات الخلقية والقيم الاجتماعية التي يتلقاها الفرد منذ والدته… وهي ذلك المحيط الذي يشكل فيه الفرد طباعه وشخصيته… والذي يعكس حضارة معينة ويتحرك في نطاقه الإنسان المتحضر”.17
ما يمكن ملاحظته من خلال التعاريف السابقة هو أنه هناك تداخل بين الإنسان وما يحمله من عواطف وأفكار وحركة، ومجتمعه كمكون جامع لمجموعة من الأفراد، بحيث تنشأ أرضية فكرية وسلوكية وعاطفية تجمعهم.
عندما تبني الجماعة عمقها الثقافي كمكون معنوي جامع لكل أفرادها، تنتقل الجماعة بجهدها الجمعي إلى التعامل مع تحديات محيطها المادي والمعنوي، وبهذا تضع أول لبناتها لصناعة حضارتها. إن مفهوم الحضارة “Civilization” قديم قدم البشرية، وهذا ما دفع بروديل (1994) للقول إن “الحضارة هي أطول قصة في الوجود”.18
إن الحضارة، كما يراها بعض الباحثين، هي ثمرة كل جهد يقوم به الإنسان لتحسين ظروف حياته، سواء أكان المجهود المبذول للوصول إلى تلك الثمرة مقصوداً أم غير مقصود، وسواء أكانت الثمرة مادية أم معنوية (مؤنس 1978).19
غير بعيد عن التعريف السابق، نجد المؤرخ والاجتماعي فيرغسون (2012) يعرف الحضارة بأنها الاستجابة العملية للجماعة الواحدة مع محيطها والمتمثل في تحديات الأكل والشرب والسكن وتوفير الحماية والدفاع عن النفس.20
كان من الضروري التطرق لتعريف ابن خلدون للحضارة أو الثقافة، لكن لم يظهر هذا الأمر في التعاريف السابقة لكل من الثقافة والحضارة. هذا الأمر يدفعنا للحديث عن إشكالية يقع فيها الكثير من الباحثين والمتمثلة في صعوبة التفريق بين مصطلح الثقافة والحضارة. ونجد أن الكثير منهم يستعمل المصطلحين بطريقة تبادلية للدلالة على نفس الشيء، لكن في حقيقة الأمر يشير الكثير من الباحثين إلى وجود فرق بين المصطلحين. فنجد أن مؤنس (1978) أشار إلى نقطة هامة وهي أن ابن خلدون كان على دراية بالفرق بين مصطلح الثقافة والحضارة، لكن وبسبب غياب هذه المصطلحات في ذلك الزمن، استعمل ابن خلدون مصطلحات مقابلة لها. حيث يستدل مؤنس (1978) على فكرته هذه بقول ابن خلدون الآتي:
“وقد يتوضح فيما بعد أن الحضارة هي نهاية العمران وخروجه إلى الفساد ونهاية الشر والبعد عن الخير”.21
فحسب مؤنس (1978)، هذه المقولة تدل على أن ابن خلدون يفرق بين العمران والحضارة، وأن العمران عند ابن خلدون يقابل مصطلح الثقافة حسب مفهومها الحالي. ومن أجل التأكيد أكثر على صحة رأيه استدل بكلام آخر أورده ابن خلدون حيث يقول:
“اعلم أنه لما كانت حقيقة التاريخ أنه خبر عن الاجتماع الإنساني الذي هو عمران العالم، وما يعرض لطبيعة ذلك العمران من الأحوال مثل التوحش والتأنس والعصبيات وأصناف التغلبات للبشر بعضهم على بعض، وما ينشأ عن ذلك من الملك والدول ومراتبها وما ينتحله البشر بأعمالهم ومساعيهم من الكسب والعيش والعلوم والصنائع وسائر ما يحدث من ذلك العمران بطبيعته من الأحوال…”.22
وعلّق مؤنس (1978) على هذه الفقرة قائلاً: “وهذا كلام يدل على أن الذي يريده ابن خلدون بلفظ (العمران) هو أسلوب الحياة أي أسلوب حياة جماعة ما أي ثقافتها”.23
وهو بهذا يفرق تفريقاً واضحاً بين الثقافة والحضارة. على حد رأيه، فالحضارة بالنسبة لابن خلدون هي الوصول إلى منتهى العمران أي الوصول إلى منتهى التطور الثقافي للجماعة، فهي الرقي الاجتماعي الثابت الذي لا يتطور، ولا يبقى بعده إلا الانحدار. فلذلك يرى ابن خلدون أن الحضارة هي نهاية العمران وخروجه إلى الفساد.
ونجد أن الفيلسوف الألماني أسوالد شبنجلر (1964) يشاطر ابن خلدون في رأيه للحضارة على أنها آخر منتج للثقافة، حيث يرى:
“أن الحضارة تولد عندما تستيقظ فيها روح كبيرة “أي الثقافة”، فالحضارة ككل كائن حي لها طفولتها وشبابها ونضوجها وشيخوختها، وإنها تموت عندما تحقق روحها جميع إمكانياتها الباطنة على هيئة شعوب ولغات ومذاهب دينية وفنون. وإن الحضارة عندما تحقق هذه الأمور وتستنزف إمكانيات روحها “ثقافتها”، تتخشب وتتحول إلى مدينة ثم تتجاوز المدينة إلى الانحلال والفناء”.24
إن كل المصطلحات التي تعرضنا لتعريفها حتى الآن لها عامل تشترك فيه كمكون وهذا بإثبات الكثير من الفلاسفة وعلماء الاجتماعيات ألا وهو الدين. فنجد أن منتسكيو (Montesquieu) اهتم اهتماماً خاصاً بوظيفة الدين كعامل للاستقرار الاجتماعي. ويزعم دوركيم (Durkheim) أن وظيفة الدين هي تقوية الروابط الاجتماعية. وبالنسبة له فإن اختلاف العقائد لا يؤثر على دورها الاجتماعي. ونفس الشيء بالنسبة لسبنسر (Spencer)، فهو يرى أن الدين ككل الأنظمة المؤسساتية كالأسرة والجمعيات وغيرها تسعى للحفاظ على المجتمع.25
وكما كان الحال مع التعاريف السابقة، لا يوجد تعريف موحد وجامع للدين. بل نجد تعاريف متعددة وهذا بناء على خلفية العلماء الدينية والأكاديمية. فمثلاً نجد دوركيم (1964) يعرّف الدين بأنه نظام موحد من المعتقدات والممارسات المتعلقة بأشياء مقدسة. وهذا النظام من المفاهيم ليس مجرد وهم وهلوسة، بل هي حقيقة تامة توقظ فينا القوى الأخلاقية تماماً مثل حقيقة الأفكار التي تركب كلماتنا.26
ونجد أن غيرتز (1973) عرّف الدين بنظرة سيكولوجية فأشار إلى الآثار النفسية والسلوكية للفرد، حيث يرى أن الدين: “يسعى لمساعدة الإنسان للحفاظ على المقدرات أو المكتسبات المتعلقة بفهمه وتفسيره لمعنى وجوده وبهذا تُيسّر وتُنظَّم سلوكاته اليومية”.27
لكن عموماً نجد أن الدين يُعرّف بأنه الطريق أو المنهج المتبع في التعامل مع العوالم الغيبية والمشهودة والتي يُعطى لها طابع القداسة والتعظيم من طرف أفراد الجماعة الواحدة.
إن سرد تعاريف المفاهيم الخمسة السابقة وهي: الشخصية والأخلاق والثقافة والحضارة والدين، قد مهّد لنا الولوج إلى مفهوم والعناصر المكونة لعملية الإحياء الحضاري عند ابن خلدون من خلال كتابه المقدمة. وهذا من خلال التطرق إلى التداخل المفاهيمي والوظيفي بين المصطلحات سابقة الذكر.
الدورة الخلدونية لإحياء الحضارة
إن القراءة المتأنية للتعاريف السابقة تجعلنا نلحظ التقارب الكبير بينها، حتى أنه يصل في بعض الأحيان إلى درجة التداخل الذي يصعب من خلاله التفريق بين مصطلح وآخر، مثلما هو الحال مع الشخصية والأخلاق والدين والثقافة والحضارة والثقافة… إلخ. وهذا الأمر يدفعنا لتوضيح طبيعة العلاقة بين هذه العناصر.
يرى الباحث مغربي (1988) أن تبويب ابن خلدون لمقدمته وترتيبه للمسائل التي عالجها لم يكن اعتباطياً بل جاء مبنياً على منطق دقيق وتطوري.28
حيث نجده بدأ حديثه في الفصل الأول بطريقة وجيزة عن (العمران) أي الثقافة كما وضحنا ذلك سابقاً. وفي هذا الفصل بالذات تطرق إلى موضوعين هامين: الأول هو علاقة الإنسان بالمحيط العام الذي يعيش فيه29 وكيف تؤثر هذه العوامل في نفسيته وفكره وسلوكه. أما الثاني فهو مسألة تأثير الدين (أو البعد الروحي) في الرقي السلوكي والإدراكي للإنسان.30
أي أنه أشار في البداية إلى دور طبيعة الإنسان وتكوينه النفسي والفكري والسلوكي وكذا دور الدين والبناء الروحي31 في بناء الإنسان والعمران على حد سواء.
ثم نجده بعد حديثه عن الإنسان والدين تطرق في الفصل الثاني مباشرة للمقارنة بين طبيعة الإنسان البدوي والحضري. ونجده يشير بصفة خاصة لموضوع الأخلاق ويركز على أخلاق مثل: الشجاعة والصبر والنجدة والكرم وروح الجماعة، وكيف أن هذه الأخلاق كانت مؤهلة لأصحابها للعمران.32
أما في الفصول الثالث والرابع والخامس والسادس، فيرى مغربي (1988) أن ابن خلدون تحدث عن مخرجات العمران “الثقافة” وهي على الترتيب: سوسيولوجية السياسة ودراسة الاجتماع الحضري وسوسيولوجيا الاقتصاد وسوسيولوجيا المعرفة. ونجد أن هذه الأمور هي من عناصر الحضارة “حياة الحضر” والتي هي ثمرات الثقافة “العمران”.33
يبقى أن نشير لنقطة هامة والتي تتعلق بمفاهيم التربية والتعليم والتأديب التي تناولها ابن خلدون بالذكر في الفصل السادس من المقدمة. يرى مفتاح (2011) أن مفهوم التربية عند ابن خلدون هو مفهوم شامل بحيث يتناول كل أبعاد الإنسان المادية والنفسية والفكرية والخلقية وهي حسبه تبدأ ببداية الإنسان نفسه. ويخلص الباحث إلى أن مفهوم التربية عند ابن خلدون يوافق مفهوم التنشئة الاجتماعية عند علماء النفس الاجتماعي الحديث.34
وفيما يلي نلخص نظرة ابن خلدون لعناصر الحضارة وذلك من خلال المصطلحات والمفاهيم الواردة في مقدمته لكن نضفي عليها اصطلاحات حديثة لتوافق فهم الإنسان المعاصر (انظر مخطط رقم 1).

شرح آلية عمل الدورة الخلدونية لإحياء الحضارة
إن الإنسان بشخصيته وببنائه المعرفي والعاطفي والسلوكي، بالإضافة إلى الدين36 بما يحويه من عقائد وتشريعات وبما يقدمه للجماعة البشرية من فلسفة حول الحياة ومصير الإنسان بعد موته، هما الركنان الأساسيان في دورة الحضارة. فالإنسان يبني علاقته بالوجود المادي والمعنوي الذي حوله من خلال تشريعات الدين وعقائده. وفي نفس الوقت نجد أن الدين ينقلب إلى معاني حركية فاعلة من خلال الإنسان. فبتفاعل هذين العنصرين تنطلق شرارة من أجل بناء الثقافة للجماعة الجديدة من خلال بروز العصبية بمستوييها الفردي والجماعي.37
وفي طريق بناء الجماعة لدورتها الحضارية تحتاج إلى منظومة أخلاقية مثل روح الجماعة38 والصبر والشجاعة… إلخ من أجل تعديل مسارها والقدرة على الحفاظ على مكتسباتها وكذا القدرة على تحمل متاعب ومشاق العملية البنائية.
وكما هو معروف أن الدورة الحضارية تحتاج إلى عمل أجيال متعاقبة. وبالتالي فإن أفراد الجماعة يكونون في حاجة إلى نقل خبراتهم المعرفية والعاطفية والسلوكية والإنجازية للأجيال المتعاقبة أي نقل موروثهم الثقافي والحضاري.
لهذا يلجؤون للعملية التربوية (التنشئة الاجتماعية) وهذا من خلال المؤسسات المخصصة لذلك مثل الأسرة والمدرسة والمسجد وجماعة الأقران… إلخ.
كل جيل من أجيال تلك الجماعة يقوم بإضافة مساهمته من أجل جعل معالم ثقافتهم تنعكس في منتوجات حضارية مثل الصنائع والعلوم والمنشآت الهندسية والمعمارية. ونجد أن كل من المنظومة الأخلاقية والتنشئة الاجتماعية كما أنهما تساعدان في بناء ثقافة المجتمع، هما بذاتهما تتأثران بطبيعة الدين والإنسان الذي يصنع الحضارة. ثم إن كل العملية الحضارية من بدايتها إلى نهايتها تتم ضمن عوامل المحيط الموجود فيه فهي تتأثر بالمناخ والتضاريس والزمن.
الدين والإنسان والدورة الإحيائية للحضارة
ما يمكن الخلوص إليه حتى الآن بناء على استقرائنا للمعطيات التي ذكرناها آنفاً هو أن للدين وللخصائص النفسية والخلقية للإنسان الدور المركزي في نشأة أي حضارة. حيث نجد أن ابن خلدون أشار بطريقة مباشرة إلى هذه الفكرة في الفصل السابع والعشرين من مقدمته “في أن العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية من نبوة أو ولاية أو أثر عظيم من الدين على الجملة”.39
ويرى أن للدين دوراً هاماً في تهذيب الطباع الصعبة عند الناس فيهم – وهو يتحدث عن العرب – ميول للغلظة والأنفة وبعد الهمة والمنافسة على الرياسة وكل هذه الصفات تدفعهم للتناحر والتنافس. وبالتالي لا يتحقق العمران المنشود. فلذلك فإن الشخصية القيادية القادرة على تبني الدين كثقافة سلوكية والقادرة على العملية الإصلاحية هي المؤهلة لقيادة وتربية الجماعة على النهوض الحضاري.
ويظهر التداخل بين الشخصية والدين ودورهما في بناء الحضارة من خلال مفهوم العصبية الذي يُعتبر عنصراً رئيسياً في الدورة الخلدونية للحضارة. حيث يرى المغربي (1988)40 أن مصطلح العصبية تكرر ذكره في المقدمة أكثر من خمسمئة مرة. والسياقات التي ورد فيها هذا المصطلح تجعله يحمل معاني متعددة. فحسب رأيه كل تعاريف هذا المصطلح أو الترجمات الواردة له غير مدعومة بتوضيحات جدية. فالبعض يرى أنها تعني “روح التضامن” والبعض الآخر يراها تعني “التماسك الاجتماعي” أو “الالتحام القبلي” أو الذهنية العشائرية”. لكن مغربي يرى أن معنى العصبية في الحقيقة قد يحتمل المعاني السابقة لكن هذا غير كافٍ بالنسبة له. ألنه ومن خلال تحليله لهذا المصطلح والسياقات التي ورد فيها وجد أنه يحمل معنى ثانياً بالإضافة إلى المعنى الأول. وهذا المعنى هو العصبية السياسية والتي هي الالتفاف حول والتبعية لزعيم أو سيد والذي بدوره يستعمل سلطته الدينية أو مكانته الاجتماعية وكذلك خصائصه القيادية في إدخال الجماعة في دورتها الحضارية. باختصار يرى مغربي أن العصبية التي تساعد على بناء وتأسيس الدولة عبارة عن تأليف بين الالتحام الاجتماعي من جهة وعلاقات التبعية والسيطرة والسيادة للزعيم المفضى من جهة أخرى.
إن أغلب الباحثين الذين تطرقوا لدراسة الحضارة أشاروا إلى الدور المحوري الذي يلعبه الدين في نشأة الحضارة. فنجد أن مالك بن نبي (2013) يرى أن عناصر الحضارة الثلاثة والتي تشمل الإنسان والوقت والتراب لا يمكنها أن تعمل فعلها الحضاري إلا من خلال تدخل الدين أو الفكرة الدينية كمركب حيوي يسهل عملية التفاعل بينها. فنجده يصرح قائلاً: “فالحضارة لا تنبعث إلا بالعقيدة الدينية… فهي لا تظهر في أمة من الأمم إلا صورة وحي يهبط من السماء… يكون للناس شرعة ومنهاجاً”.41
نجد أن هناك تقارباً بين نظرة ابن خلدون وبن نبي (2013) اللذين ينتميان للحضارة الإسلامية من جهة وفيرغسون (2012)42 وكويجلي (1966)43 اللذين ينتميان للحضارة المسيحية من جهة أخرى حول دور الدين في الدورة الحضارية. فبالنسبة لفيرغسون الحضارة الغربية لها ستة (6) دعائم وهي: المنافسة والعلم وحقوق الملكية والصحة والمجتمع الاستهلاكي وأخيراً أخلاقيات العمل. ويقصد بأخلاقيات العمل الإطار الأخلاقي المستمد من تعاليم الديانة المسيحية البروتستانتية. حيث يمثل الإطار الأخلاقي “أو الدين بالنسبة له” الرابط بين العناصر الخمسة السابقة من أجل الفعالية والأداء الحضاري.
أما بالنسبة لعالم الاجتماع الأمريكي كويجلي فيرى أنه هناك أربعة (4) عناصر تميز الحضارة الغربية وهي: الديانة المسيحية والنظرة العلمية والإنسانية وفكرة القيم والحقوق الفردية.
إذن نجد أن مسار الدورة الحضارية الخلدونية يتوافق مع مخرجات الأبحاث السوسيولوجية والنفسية الاجتماعية الحديثة في التأكيد على الدور الهام الذي يلعبه الدين والإنسان (من خلال شخصيته وأخلاقه) في البناء والإحياء الحضاري.
الخاتمة
إن عملية البناء الحضاري أو إحيائه وإعادة بعث الروح فيه حسب المقاربة الخلدونية تستوعب العديد من العوامل المادية والمعنوية حيث نجد أن هذه العوامل تتفاعل فيما بينها تفاعلاً وظيفياً متسلسلاً بحيث يفضي كل عنصر من العناصر إلى الآخر. فبالنسبة لابن خلدون فإن الحضارة التي هي الثمرة النهائية لثقافة المجتمع هذه الثقافة التي هي بدورها نتاج تفاعل الإنسان صاحب الفكرة أو الدين مع محيطه المادي والمعنوي من علاقات الجوار الاجتماعي وبيئته المادية ومناخها. وهذا التفاعل يبرز من خلال تصرفات هذا الإنسان هذه التصرفات التي يصطلح على تسميتها بالأخلاق. هذه المعاني والتفاعلات والسلوكات الأخلاقية المختلفة – سلبية كانت أم إيجابية – تنتقل من جيل إلى آخر من أجل الحفاظ على استمراريتها من خلال التربية أو التأديب أو التنشئة الاجتماعية كما يُسمى اليوم.
اعتبر ابن خلدون أن أصل كل حركة حضارية يتمثل في تفاعل الإنسان مع الفكرة أو الدين حيث أن هذا التفاعل هو الذي ينتج ما عبّر عنه ابن خلدون بالعصبية. هذه العصبية التي يكون لها انعكاسات على المستوى الفردي والمستوى الجماعي. فعلى المستوى الجماعي تمثل العصبية روح التضامن والتماسك الاجتماعي في حين تمثل العصبية على المستوى الفردي تلك الكاريزما والجاذبية القيادية. وتفاعل المستويين الفردي والجماعي للعصبية من خلال روح التماسك والالتفاف حول القائد هو ما يخلق المسار الإحيائي أو الإنشائي للحضارة كما فصلناه سابقاً أي بناء وتأسيس الدولة من خلال تأليف بين الالتحام الاجتماعي من جهة وعلاقات التبعية والسيطرة والسيادة للزعيم من جهة أخرى.
إن الأطروحة الخلدونية للإنشاء والإحياء الحضاري ليست مجرد ترف معرفي بل هي منهجية علمية وعملية متكاملة مستوعبة للعديد من العناصر الحاكمة لمقومات الحضارة المادية والمعنوية وهي نتيجة دراسة سوسيولوجية منهجية. فابن خلدون توصّل إلى تأسيس فكرته الإحيائية من خلال معايشة واقعية للحياة الاجتماعية بل كان أحد الفاعلين فيها بكل تفاصيلها. فلذلك تُعتبر هذه الأفكار منتجاً تجريبياً عملياً نبع من الواقع ويجب أن تُطبّق وتُعاد إلى الواقع.
إذن هي دعوة للمزيد من الجهود المعرفية التي تنزل النظرية الخلدونية الإنشائية/الإحيائية إلى الواقع المعاش من أجل انطلاقة حضارية جديدة وهو الهدف الأساسي والأصلي للمشروع الخلدوني.
الهوامش:
- هذان المصطلحان يُستعملان بالتبادل في الكتابات الأكاديمية الغربية، وكلاهما يقصد به الأخلاق باللغة العربية.
- مصطفى عشوي (1996)، تصوُّر الطبيعة البشرية من منظور نفسي مقارن، مجلة إسلامية المعرفة (6)، ص: 37-65.
- Schultz, D. P., & Schultz, S. E. (2012). Theories of Personality, (9th ed.). Belmont, CA: Wadsworth/Cengage Learning. p: 9.
- مقداد يالجن، التربية الأخلاقية الإسلامية (1992)، ط1، دار علم الكتاب، الرياض، ص 34.
- المرجع السابق، ص 81.
- إن أصحاب نظرة الثبات في الأخلاق يعتمدون على المبدأ الدوغماتي الفلسفي القائل إما أن يكون الإنسان صالحاً أو فاسداً، لكن هذا ليس شرطاً في تعريف الأخلاق، ونجد أن الغزالي رحمه الله من أصحاب هذه النظرة. فنجده يعلل موقفه هذا بقوله: “وإنما قلنا إنها هيئة راسخة لأن من يصدر منه بذل المال على ندور لحاجة عارضة لا يقال خلقه السخاء ما لم يثبت ذلك في نفسه ثبوت رسوخ وإنما اشترطنا أن تصدر منه الأفعال بسهولة من غير روية لأن من تكلف بذل المال أو السكوت عند الغضب بجهد وروية لا يقال خلقه السخاء والحلم”، إحياء علوم الدين (ج3، ص 53). لكن الأصل – والله أعلم – أن الإنسان يمكن أن يكون كريماً في العادة لكنه قد يتخلق بالبخل في ظروف مغايرة، وهذا ما يذهب إليه ابن خلدون في نظرته للأخلاق فهو يرى أن الإنسان لا يستطيع أن يجمع في نفسه كل الصفات الحسنة كما يشاء، وأنه يستمد أخلاقه من المجتمع الذي يعيش فيه، والمجتمع بدوره خاضع في أخالقه للأحوال الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تحيط به (عبد الرحمن بن خلدون، المقدمة).
- يرى الميداني أن الخلق يتميز عن الغريزة كون أن آثاره في السلوك قابل للمدح أو الذم. أي يجب أن يكون خاضع لمعايير يحددها العقل أو النقل. عبد الرحمن حسن حنبكة الميداني، الأخلاق الإسلامية وأسسها (2010)، دار القلم، دمشق (ج 1، ص 10)، وهذا ما ذهب إليه غالب علماء الإسلام ومنهم الغزالي حيث يقول: “الخلق عبارة عن هيئة في النفس راسخة… بحيث تصدر عنها الأفعال الجميلة المحمودة عقلاً وشرعاً”، إحياء علوم الدين (ج3، ص 53).
- القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، دار إحياء التراث العربي، بيروت (ج18، ص 227).
- إن مصطلح الشخصية حديث النشأة، لذلك نجد أن الكثير من التعاريف الواردة في كتب الفلاسفة والعلماء المسلمين من أمثال ابن مسكويه أو الغزالي أو ابن خلدون لا يفرقون بينها وبين الأخلاق في تعريفاتهم. لكن ما ذكره القرطبي في تفسيره السابق يعطي معنى واضح عن الأخلاق والشخصية.
- Hofstede, G. (1991), Cultures and Organizations. Software of the Mind, Maidenhead, UK: McGraw-Hill. p: 6.
- نظريات الحاجات أو تسمى أيضاً نظريات المحتوى، وهذا لكونها تطرح تساؤلات حول الحاجات التي تحفز وتحرك السلوك الإنساني. أبرز هذه النظريات: نظرية هرم الحاجات “Hierarchy of needs theory” (إبراهام ماسلو، Abraham Maslow 1908-1970)، نظرية الحاجات المكتسبة “Acquired needs theory” (ديفيد ماكليالند، David McClelland 1917-1998)، وأيضاً نظرية العاملين “Two-factor theory” (فريدريك هيرزبيرغ، Frederick Herzberg 1923-2000). كل هذه النظريات أثبتت الأهمية البالغة للحاجة الاجتماعية بالنسبة للإنسان، وهذا ليس على مستوى نشاطه وتحفيزه فحسب، بل يعتبر هذا الأمر ضرورة لبقاءه. للمزيد حول هذه النظريات يمكن الرجوع إلى: Buchanan, D. A. and Huczynski, A. (2013) Organizational behaviour. 8th edition. Harlow, England: Pearson. p: 285 – 318.
- عبد الرحمن بن خلدون، المقدمة، ص 439.
- ميشيل تومبسون وريتشارد إليس وآرون فيلدافسكي، نظرية المعرفة، ترجمة: علي الصاوي، مراجعة: الفاروق يونس (1998)، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، ص 8.
- Taylor, E. B., Primitive Culture, Researches Into the Development of Mythology, Philosophy, Religion, Art, and Custom, (1920), 6th ed, Vol. 1. London: John Murray. p. 1.
- تومبسون وإليس وفيلدافسكي، نظرية المعرفة (1998)، ص 10.
- مالك بن نبي، مشكالات الحضارة: شروط النهضة، ترجمة: عمر كامل مسقاوي وعبد الصبور شاهين (2013)، دار الوعي، الجزائر، ص 88.
- المرجع السابق، ص 89.
- Braudel, F., A. (1994). History of Civilizations, translated by Richard Mayne, New York: The Penguin Group. p. 34.
- حسين مؤنس، الحضارة: دراسة في أصول وعوامل قيامها وتطورها (1978)، سلسلة كتب عالم المعرفة، الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والأدب، ص 13.
- Ferguson, N. (2012), Civilization: the six killer apps of Western power, London, Penguin Books. p. 3.
- المقدمة، ص:117
- المقدمة ، ص: 40
- حسين مؤنس، الحضارة: دراسة في أصول وعوامل قيامها وتطورها (1978)، ص 334.
- سوالد شبنجلر،تدهور الحضارة الغربية؛ ترجمة: أحمد الشيباني، (1964) منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت.(ج:1،ص:12
- تومبسون،إليس،فيلدافسكي،نظرية المعرفة؛(1998:ص ،)15،16،17
- Durkheim, E., (1964), The elementary forms of the religious life, Trans. by Joseph Ward Swain. 6 ed, London: Georg Allen & Unwin. p. 47
- Geertz, Clifford, Religion as a cultural system. (1993), In: The interpretation of cultures: selected essays, Geertz, Clifford, pp.87-125، Fontana Press,.
- عبد الغني مغربي، الفكر الاجتماعي عند ابن خلدون، ترجمة: محمد الشريف بن دالي حسين (1988)، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، ص 40.
- للمزيد يمكن الرجوع إلى المقدمة الثالثة “في المعتدل من الأقاليم والمنحرف وتأثير الهواء في ألوان البشر والكثير من أحوالهم”، ص 79 وما بعدها، وأيضاً المقدمة الرابعة “في أثر الهواء في أخلاق البشر”، ص 83 وما بعدها.
- للمزيد من الاطلاع يمكن الرجوع لباب “تفسير حقيقة النبوة”، ص 93 وما يليها.
- تكلم ابن خلدون بالتفصيل عن موضوع البناء الروحي للإنسان وعلاقته بالتصوف والرقي الروحي في كتاب بعنوان “شفاء السائل في تهذيب المسائل”.
- ونجده ذكره هذا بداية من باب “في أن أهل البدو أقرب إلى الخير من أهل الحضر” وما يأتي بعده، ص 116 وما يليها.
- مغربي (1988)، ص: 37-38-39-40
- الجيلاني بن تهامي مفتاح، فلسفة الإنسان عند ابن خلدون (2011)، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، ص 21.
- تم تصميم هذا المخطط من طرف كاتب المقال، وهذا بناء على ما ورد في مقدمة ابن خلدون، وأيضا من إسقراءات مستمدة من مؤلفات حول أعمال إبن خلدون.
- يجب أن نؤكد أننا نتكلم عن الدين هنا بمعناه الإجمالي. فأي فلسفة حياة، سواء كان مصدرها سماوي أو وضعي إنساني، قد تكون مرتكز فكري وروحي لبناء الحضارة (مثلما هو الحال مع الدول الشيوعية التي استمدت دينها أو إديولوجيتها من فكر وضعي إنساني، بالمقابل نجد أن الثقافة الإسلامية أسست على عقائد وتشريعات سماوية).
- سيتم التطرق لمفهوم العصبية بالتفصيل في الفقرات التالية، تحت العنوان الفرعي: الدين والإنسان والدورة الإحيائية للحضارة.
- يرى مغربي (1988) أن أغلب الباحثين يرون أن العصبية التي جاء ذكرها في مقدمة ابن خلدون كأحد الدعائم الأساسية لقيام الحضارة معناها روح الجماعة إلا أنه يوافق هذا المعني جزئيا، وسنشرحه نظرته بالتفصيل الفقرات اللاحقة.
- عبد الرحمن بن خلدون، المقدمة، ص 140.
- مغربي (1988)، ص: 143 – 163
- بن نبي (2003)، مشكلة الحضارة، ص : 56
- 2 Ferguson, N., (2012), Civilization: the six killer apps of Western power, p. 13.
- Quigley C., (1966), Tragedy and Hope: The History of the World In Our Time, New York, The MacMillan Company. p. 15
