قال تعالى : { هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا } يونس : 5 ، فرق العليم الخبير في الآية الكريمة بين أشعة الشمس والقمر فسمى الأولى ضياء والثانية نورا.
وإذا نحن بحثنا في قاموس عصري ما وجدنا جوابا شافيا للفرق بين الضوء الذي هو أصل الضياء والنور، ولوجدنا أن تعريف الضوء هو النور الذي تدرك به حاسة البصر المواد.
الفرق بين النور والضوء
إذا بحثنا عن معنى النور وجدنا أن النور أصله من نار ينور نورا أي أضاء.
فأكثر القواميس لا تفرق بين الضوء والنور بل تعتبرهما مرادفين لمعنى واحد. ولكن الخالق سبحانه وتعالى فرق بينهما فهل يوجد سبب علمي لذلك؟
دعنا نستعرض بعض الآيات الأخرى التي تذكر أشعة الشمس والقمر، فمثلا:
في الآيتين التاليتين (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا) (وبنينا فوقكم سَبْعًا شِدَادًا * وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا) نجد أن الله سبحانه وتعالى شبه الشمس مرة بالسراج وأخرى بالسراج الوهاج والسراج هو المصباح الذي يضيء إما بالزيت أو بالكهرباء، أما أشعة القمر فقد أعاد الخالق تسميتها بالنور.
مصادر الضوء
تنقسم مصادر الضوء علمياً عادة إلى نوعين: مصادر مباشرة كالشمس والنجوم والمصباح والشمعة وغيرها، ومصادر غير مباشرة كالقمر والكواكب. والأخيرة هي الأجسام التي تستمد نورها من مصدر آخر مثل الشمس ثم تعكسه علينا. أما الشمس والمصباح فهما يشتركان في خاصية واحدة وهي أنهما يعتبران مصدرا مباشرا للضوء ولذلك شبه الخالق الشمس بالمصباح الوهاج ولم يشبه القمر في أي من الآيات بمصباح.
كذلك سمى ما تصدره الشمس من أشعة ضوءا أما القمر فلا يشترك معها في هذه الصفة فالقمر مصدر غير مباشر للضوء فهو يعكس ضوء الشمس إلينا فنراه ونرى أشعته التي سماها العليم الحكيم نورا.
ومن العجيب حقا أننا لم نستوعب هذه الدقة الإلهية في التفرقة بين ضوء الشمس ونور القمر، فكان المفروض أن نفرق بين الضوء والنور ونسمى الأشعة التي تأتي من مصدر ضوئي مباشر بالضوء وتلك التي تأتي من مصدر ضوئي غير مباشر بالنور ولكنا خلطنا لغويا بين الضوء والنور، واقتصرنا في العلوم على استخدام كلمة الضوء ونسينا مرادفها وهو النور، والسبب واضح. فسبحان الذي أنزل القرآن من لدن حكيم خبير.