“البذخ” كان العنوان المتربع على عرش الزواج وتقاليده المعروفة، وهو أيضا السبب وراء تأخر سن الزواج بين الشباب والفتيات. فكيف يمكن الزواج بأقل التكاليف؟ خاصة في ظل الغلاء الجنوني للأسعار وارتفاع تكاليف الحياة، فلم يعد أمام الشباب مفر من محاربة هذا البذخ والخروج على التقاليد المكلفة والمُعجزة في آن واحد، فالشباب يريد زواجا بسيطا غير مكلف، والفتيات لا يحبذن الوقوف على باب العنوسة ينتظرن “الشبكة الألماس”.
نحن هنا بصدد خطوات عملية، وتجارب واقعية لتحقيق الزواج بأقل التكاليف ونواجه بها العقبات المادية الواقفة كحجر صوان في وجه زواج أولادنا وبناتنا واستقرارهم.
العقبة الأولى: بيت الزوجية
عش الزوجية يحتل المركز الأول الذي يستحوذ على نصيب الأسد من المال في مشروع الزواج، ويمكن التغلب عليها ببعض الأفكار:
التنازل عن الشقة الكبيرة التي يحلم بها ويحاكيها الجميع، ولنبدأ الحياة بمنزل أو غرفة صغيرة تضم الزوجين.
إذا توفر لأهل الزوجة منزل كبير خاص بهم فيمكنهم تخصيص جزء صغير منه وإهداؤه لابنتهم؛ ليساعدوا الزوج في حل مشكلة المسكن.
بالنسبة للعائلات فالأقربون أولى بالمعروف، فهناك من يذهب للحج والعمرة كل عام، في حين أن مساعدة شاب قريب قد يثاب عليها بأكثر من الحج والعمرة، فما المانع أن توظف بعض تلك الأموال لشراء شقة بسيطة أو تأثيثها وتحصين شاب من المقربين في العائلة في تكوين أسرة؟! ويمكن مشاركة أكثر من فرد في العائلة في هذا المشروع.
العقبة الثانية: الشبكة
تعد الشبكة بعد ارتفاع سعر الذهب ومغالاة كثير من الآباء في رفع قيمة الشبكة المقدمة لبناتهم من أشد العقبات التي تواجه الشباب.. ولكن لهذه المُعضلة حل:
بعض محال الذهب تقدم أطقم الشبكة للعروسين بالتقسيط؛ وذلك بعد أخذهم الضمانات الكافية من المشترين لحفظ حقوقهم.
يمكن اختصار الشبكة والاكتفاء بدبلة وخاتم ذهب للعروس ودبلة فضة للعريس.
أما إذا كانت أسرة العروسين تهتم لكلام الآخرين ومسألة الشكل الاجتماعي فيمكن للعروس إذا كان بحوزتها ذهب ملكها أن تبيعه وتشتري بثمنه ذهبًا آخر جديدًا؛ أي تجدده وتضمه إلى الدبلتين في حفل الخطوبة.
لجأت بعض الأسر إلى التحايل على غلاء أسعار الذهب بالشبكة الفضة، والبعض يقوم بطلائها بطبقة من الذهب.
العقبة الثالثة: الأثاث
الأثاث من الضروريات في منزل الزوجية.. ولكي تتوفر تلك الضروريات بإمكاننا أن نقوم ببعض الأفكار مثل:
شراء الأثاث بأبسط التكاليف حيث الثمن المعقول والجودة المناسبة.
نبدأ الحياة ببعض الأثاث الضروري فقط، قد يكون عبارة عن سرير ودولاب بسيط وأنتريه مناسب ومائدة صغيرة تكفي لشخصين فقط.
أن يستثمر كل من الطرفين كل ما لديهم من أثاث قديم ويعيدوا طلاءه وتجديده حتى يظهر أنه جديد ولامع.
العقبة الرابعة: حفل الزفاف
لا شك أن حفل الزواج من الأمور التي تسبب دائما توترًا وخلافًا بين أهل العريس وأهل العروس، ولتفادي هذا الخلاف يمكن اتباع التالي:
من المهم معرفة أن حفل الزواج هدفه الأساسي هو فرحة الأهل والمقربين بالعروسين ولا تكون الفرحة مثلا بالمكان الذي يقام به الحفل والشكل الذي يظهر به العروسان.
المشاركة في حفلات الزفاف الجماعية التي تهدف إلى الفرحة الجماعية، والاقتصاد في مصاريف كل حفل على حدة.
إقامة حفل بسيط في منزل العروس به مشروب بسيط يضم الأقارب والأحباب.
خطوات عملية وتجارب ناجحة
الخطوات العملية يلزمها تجارب واقعية حتى يقبل الشباب مسرعا ومطمئنا.. وبالفعل هناك بعض المبادرات الأهلية التي تحايلت على غلاء المعيشة والزواج بأقل التكاليف، ومنها “مبادرة لتيسير الزواج في مصر: “لا للكساوي.. لا للعشاوي.. لا للغداوي.. لا للكحك والبسكويت.. لا للشبكة.. لا للمغالاة في المهور.. رسالة لكل أم: الزواج عفة للولد والبنت”.. شعارات تلخص المبادرة للزواج منخفض التكاليف والتي تبنتها جمعية “تنمية المجتمع” في قرية “كوم الضبع” في صعيد مصر، وتضم القائمة ما يجب على العروسين إحضاره بحيث لا يزيد مجموع المصاريف على 10 آلاف جنيه نصفها للعريس، والنصف الآخر للعروس، ولن يقتصر تطبيق القائمة على الفقراء وحدهم؛ فالأغنياء أيضا سيتزوجون بمقتضاها.
هناك أيضا وثيقة الشرف التي وضعها أهالي قرية كفر مالك بمدينة رام الله في الضفة الغربية بفلسطين والتي تحث على التقليل من نفقات الزواج الباهظة والاختصار على كل ما هو ضروري فقط، وذلك بعد أن لوحظ عزوف الشباب عن الزواج بسبب ارتفاع تكاليفه التي درجت عليها العادات، مما دفع وجهاء القرية إلي إصدار وثيقة تنظم شئون الزواج والخِطبة في قريتهم.. مع التزام الجميع بها.
وهناك أيضا مبادرات مدينة غرداية الجزائرية والتي تقوم بها من حين لآخر، وتتمثل في الزواج الجماعي، حيث تم مؤخرا تنظيم زواج جماعي لفائدة حوالي 150 زوج من العائلات الفقيرة والمحرومة وذلك في حفل زفاف جماعي أقيم وفقا لعادات وتقاليد الأجداد بالمنطقة.
ويعد هذا الحدث الذي يتزامن مع عطلة الربيع وأقيم في جو احتفالي بمبادرة من النسيج الاجتماعي ممثلا في جمعيات الأحياء والجمعيات الدينية وبتمويل كامل من طرف المحسنين فرصة ترقية وتعزيز قيم التضامن والتماسك الاجتماعيي. وتهدف هذه المناسبة إلى ” تشجيع ومساعدة الشباب الذين يواجهون صعوبات مادية على الزواج والاندماج في المجتمع قبل الوقوع في الانحراف”.
سمية الجوهري5>