لم تتوقف الثروات التي يزخر بها السودان على المعادن، من بينها الذهب، أو الأراضي الخصبة، أو الثروة الحيوانية، بل امتدت إلى “الصمغ العربي“.
ويستأثر السودان، على 75 بالمائة من إنتاج الصمغ العربي عالمياً، وفق أرقام رسمية، في وقت تعاني فيه هذه الصناعة من عدة تحديات تقف حائلا أمام دورها في دعم اقتصاد المحلي.
والصمغ العربي، هو مستحلب مستخلص من أغصان وجذوع شجرة (الهشاب)، وهي مادة شفافة بيضاء تميل إلى البني والبرتقالي، تتحول إلى قطع صلبة تتكسر كالزجاج.
تلك القطع، تحتوي على الكثير من المواد الغذائية والدوائية، كما أنها تحتفظ بخصائصها لعقود زمنية طويلة قد تصل إلى خمسة آلاف سنة، دون أن يطرأ عليها أي تغيير.
خبراء ومسؤولون، تحدثوا للأناضول، أنه على الرغم من أهمية الصمغ العربي، ودوره “المفترض” في دعم الاقتصاد السوداني، إلا أن البلاد ما تزال غير قادرة على اعتباره مورداً رئيساً للإيرادات وتوفير العمالة.
ويمتد حزام الصمغ العربي السوداني، في 12 ولاية على حدود البلاد المتاخمة مع إثيوبيا وأرتريا شرقاً، ومع دولة تشاد وأفريقيا الوسطى غربا.
وتشكل مساحة الصمغ العربي 500 ألف كيلو متر مربع، بما يقرب من ثلث مساحة السودان.
بعد عالمي
يقول عبد الماجد عبدالقادر، الأمين العام لمجلس الصمغ العربي، إن “حزام الصمغ العربي لم يستغل في مجال تصنيعه وتطويره كسلعة ذات بعد عالمي، حتى وقتنا هذا“.
وأوضح عبد القادر في حديثه مع الأناضول، أن “الحزام يوجه نحو إنتاج الفحم النباتي وأخشاب الأثاث والبناء، إذ ينتج الحزام نحو 1.200 مليون طن سنويا من الفحم النباتي، غير أن أغلبه يوجه للاستهلاك المحلي.
“السودان لا يستغل سوى 10 بالمائة من الغابات المنتجة للصمغ العربي، لأسباب تعود إلى عمل كبار السن فقط في مجال حصاد الصمغ العربي، أو ما يعرف شعبيا بـ (الطق )وهجرة الشباب الى المدن”، بحسب المسؤول المحلي.
ويعزو عاملون في حصاد الصمغ العربي، ضعف استغلاله، إلى قصر فترة الحصاد المقدرة بشهرين اثنين، ما يجعله قطاعا غير مستداما للعمالة.
كما أن ضعف المعدات المستخدمة في الحصاد، وعدم وجود مصانع تعيد تشكيله وتطور منتجاته، وضعف التمويل الممنوح من المصارف لإنتاج الصمغ العربي، جعل منها قطاعا مهمشا.
ويجد الصمغ العربي اهتماما دولياً وإقليمياً من عديد الدول، إذ أبدت حكومتا الإمارات وقطر في وقت سابق، رغبتهما في دعم منتجي الصمغ العربي الصغار، عبر منحهم آليات حديثة للاستخدام في عملية الحصاد وتوفير الخدمات.
وكشف الأمين العام لمجلس الصمغ العربي، عن وجود شراكات بين سودانيين وخليجيين بإمارة دبي في دولة الإمارات، التي تتهيأ لأن تصبح إلى مركز توزيع دولي للصمغ العربي، والاستفادة من المنطقة الحرة.
ونظرا لأهمية “الصمغ العربي” كسلعة عالمية، استثنته الولايات المتحدة من الحصار الذي فرضته على السودان لأكثر من عشرين عاما لدعاوى تتعلق بإيوائه للإرهاب.
وأنشأت الحكومة السودانية، مجلساً متخصصاً للصمغ العربي يتبع لرئاسة الجمهورية في 2009 للوقوف على أحوال إنتاج وتسويق وتصدير السلعة.
وبلغ إنتاج السودان من الصمغ العربي العام الماضي، 105 آلاف طن، صُدر منها عبر القنوات الرسمية 65 ألف طن بقيمة 120 مليون دولار.
رفع العقوبات
من جانبه، الأمين العام لشعبة مصدري الصمغ العربي (أهلية)، أحمد الطيب، قال إن مشكلة الرسوم الحكومية المفروضة على صادر الصمغ العربي، تشكل عائقاً نحو تصديره للخارج واللجوء إلى تهريبه.
وأضاف “الطيب” للأناضول، أن حدود السودان المتاخمة لدول إفريقية (تشاد، افريقيا الوسطى، اثيوبيا، ارتريا) فضلا عن الرسوم المفروضة على الصادر، تغري المنتجين بنقله إلى الخارج عبر قنوات غير رسمية.
وبحسب إحصائيات حكومية، فإن كمية الصمغ العربي المهرب تصل إلى 45 ألف طن سنوياً.
وزاد: “قرار رفع العقوبات الأمريكية في يناير الماضي، لم ينعكس ايجاباً على تصدير الصمغ العربي من السودان حتى الآن.. لم تظهر بوادر ولا خطط على تطويره“.
وقرر الرئيس الامريكي السابق باراك أوباما في يناير الماضي رفع العقوبات الاقتصادية، على أن يدخل القرار حيز التنفيذ في يوليو الماضي إلا أن الرئيس الحالي دونالد ترامب أرجأ البت في رفع العقوبات إلى شهر أكتوبر القادم.
لكن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (أوفاك)، أصدر رخصة عامة تتيح استئناف المعاملات المالية والتجارية خلال هذه المهلة.