برامج التواصل نعمة كبيرة بلا شك، لكنها للتواصل والتعارف وليست مصدرا للمعرفة.
مئات المنشورات الدينية تهبط علينا: أحاديث، روايات، قصص، فتاوى، وبحكم تخصصي أكتشف كل مرة أن كثيرا منها مزوّر، ولكنها لكثرتها يصعب ملاحقتها وإجابة الشباب عنها، ولذلك أصدرت فتوى قبل مدة بأنه لا يجوز نقل الحديث أو الفتوى من “الفيس” أو “الواتس “، ولا يعفيك من الإثم أن تكتب (منقول) أو (كما وردني)، بل لا بد من التأكد من المصادر المعتمدة والموثوقة في كل علم.
ذكرت هذا لبعض أصدقائي الأطباء، فقالوا: ونحن نعاني من المنشورات الطبية المزوّرة والمفبركة، كما يعاني علماء الشريعة. وقد أروني نماذج كثيرة من ذلك.
المشكلة أن الشاب غير المختص سرعان ما يتبنى المنشور الذي قرأه، ويبدأ يجادل فيه، ولا يشعر بالحاجة إلى مراجعة المختصين.
نحن إذاً أمام ما يعرف بالمعرفة الفوضوية أو العشوائية، – في برامج التواصل – التي لها القابلية على الانتشار أكثر من المعلومات الدقيقة لسهولة لغتها وبساطة مضمونها، يضاف إلى ذلك عدم وجود وقت كاف لأصحاب الاختصاص لملاحقة هذه الفوضى وتفنيدها.
وإذا لم ينتبه هذا الجيل إلى نفسه، ويتعب نفسه في البحث عن المصادر العلمية الموثوقة في مختلف العلوم فإنا أمام (ثقافة هدّامة) خطرها أكبر بكثير من خطر الجهل نفسه.