التسويف والمماطلة وإهدار الوقت من أهم أعداء النجاح، وكثير منا للأسف يقع في براثن هذا الفخ، ويقدم لنفسه المبررات والحجج لتبرير التسويف، إدوين سي بليس خبير التنمية البشرية وضع 12 خطوة للقضاء على المماطلة في كتابه: “Doing It Now” ليساعد القراء على تغيير عاداتهم السلبية واكتساب عادات الناجحين الذين لا يماطلون أبدًا ويستغلون كل دقيقة من أوقاتهم لفعل أهم الأشياء، فإذا كنت ممن يعانون من مشكلة التسويف والمماطلة فأنت بحاجة إلى قراءة هذا الموضوع.
يقول إدوين سي بليس في مقدمة كتابه: يقبل الشخص العادي المماطلة كجزء من طبيعة الإنسان، بينما يدرك الأشخاص الناجحون وأصحاب الإنجازات أن المماطلة تمنع النجاح، ويقومون بتطوير تقنيات منظمة عملية قابلة للتطبيق للتغلب على هذه العقبة.
ويؤكد سي بليس أن محاربة المماطلة تعتمد على قاعدة ذهبية أساسها أن: كل شخص لديه القدرة الفطرية لبناء نجاحه.
1- تغيير السلوك
يقول راي كروك -مؤسس ماكدونالدز- بوسع من يتمتع بقدرة على ضبط النفس القيام بأداء الأشياء الأكثر أهمية أولا.. إذا وضعت هذه الجملة نصب عينيك وقتها فقط تستطيع التغلب على العوامل السلوكية السلبية التي تجبرك على خيار المماطلة.
ويمكن حصر أسباب المماطلة في أربع نقاط أساسية هي: العوامل السلوكية، ونقص المعرفة وعدم توفر المعلومات الكافية عن الهدف المراد تحقيقه، وظروف البيئة المحيطة التي تؤثر بالسلب على قراراتنا وخيارتنا، والعوائق الفسيولوجية كالإجهاد والتوتر والمرض، وإذا ما علمت هذه الأسباب بوضوح يمكنك أن تحاربها وتواجهها بشكل عملي منظم.
2- تطوير خطة العمل
للتغلب على المماطلة عليك أن تخلق خطة عمل قوية لمواجهة هذا السلوك تستخدم فيها العديد من الأساليب والإستراتيجيات كتدوين أسباب المماطلة من وجهة نظرك لإيجاد الحلول المناسبة لها، وتدوين قائمة بالأعمال والأهداف التي عليك إنجازها وترتيبها وفقًا للأولويات، ولا تبدأ بالأشياء المحببة إليك، أو الأهداف السهلة البسيطة، بل عليك أن تبدأ بالهدف الأصعب لتشحذ كل طاقتك وحماسك لإنجازه، وقتها ستشعر بدفعة قوية للأمام.
تحدث إلى نفسك دومًا بأهدافك، وأن المماطلة لن تقف عائقا بينك وبينها بعد اليوم، وتخير صديقا أو قريبا مخلصا وأخبره بأهدافك وأحلامك ليساندك باستمرار ويبث فيك روح الحماسة والتشجيع، وقبل كل ذلك استعن بالله وبالصلاة التي تشحذ طاقتك الروحية لتحقيق أهدافك، وتذكر دائمًا “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه” كما قال رسولنا الكريم ﷺ.
3- تغلب على الخوف من الفشل
الفشل هو الخطوة الأولى للنجاح، فلا يوجد أحد على هذه الأرض لم يمر بلحظات فشل، ومن يأس وعجز عن استكمال العمل لتحقيق هدفه ظل مكانه ولم يتحرك، ومن ثابر وواصل وواجه الفشل حقق هدفه وتقدم للأمام، فالكثير منا يتخوف من الفشل لذا نجده لا يخاطر، ولا يبدأ بفعل أشياء جديدة، ولا يحاول الخروج من دائرته التي اعتاد عليها، والتي يطلق عليها علماء التنمية البشرية دائرة الأمان، ولكن ينسى من يقوم بهذا أن فعلك لنفس الأشياء لا يحقق لك إلا نفس الأشياء إذا أردت أن تحقق هدفًا جديدًا، أو أن تتبوأ مكانة مرتفعة، فعليك ممارسة أشياء جديدة كتعلم لغة جديدة، أو استكمال دراساتك العليا، أو الالتحاق بشركة جديدة… إلخ من أعمال تساعدك على تطوير ذاتك وتحقيق أهدافك.
وهناك تقنية ينصح بها علماء النفس تكون كمحفز لك على مواجهة شعورك بالخوف من الفشل وهي تقنية التخيل، أن تتخيل نفسك قد حققت هدفك، وتتخيل المكاسب المادية والمعنوية والروحية التي ستعود عليك من جراء هذا النجاح، وقتها ستجد الحماس والدافع لمواصلة العمل وتنحية مشاعرك السلبية جانبًا.
4- تغلب على الخوف من النجاح
قد يكون هذا السبب غير منطقي، ولكن بالفعل إذا بحثت حولك ستجد أن هناك نمطا من الناس يتخوف من النجاح لعواقبه، كزيادة الأعباء التي عليه أن يواجهها، وما يجب عليه دومًا من اجتياز لخطوات يطور بها ذاته وتحديث أعماله ليواكب هذا النجاح… إلخ من تداعيات تستتبع النجاح، وقد يتخوف من ثمن مجهول قد يدفعه إذا نجح في هدفه أو أعداء قد يكتسبهم، أو شائعات قد تناله، وعليك أن تواجه هذه العقبة بعقلانية بأن تحلل أسباب خوفك بشكل منظم والتعرف على مصادر هذه التخوفات، وكن حازما مع هذه المشاعر التي تعوقك عن أداء ما يمكن أن تحققه وأوقفها فورًا، واستمر في عملك دون مماطلة.
5- ارفع مستوى طاقتك
قد يتعلل البعض بالإجهاد أو التعب لتبرير التسويف والمماطلة إذن عليك دائمًا أن تشحذ طاقتك الجسدية من خلال اتباع العادات الصحية السليمة كإجراء التمارين الرياضية التي تجدد حيوية الجسم وتنعش العقل، وأن تحافظ على العادات الغذائية الصحيحة، ولا تفرط في تناول الحلويات والمنبهات كالشاي والقهوة، والحفاظ على عدد ساعات نوم كاف لا يقل عن خمس ساعات متواصلة كل هذه الخطوات تساعدك فسيولوجيا لكي تكون في أفضل حالاتك.
ولا تنسى القيام ببعض العادات أثناء عملك اليومي كالتمارين الخفيفة والتمشية الخفيفة لمواجهة الخمول الذي قد يصيبك أثناء جلوسك على المكتب لساعات طويلة.
ولن تجد وسيلة روحية وجسدية أفضل من وضوءك وصلاتك للأوقات المفروضة في موعدها ومواصلة عملك، وقتها ستشعر بطاقة ورغبة حقيقية في مواصلة أعمالك.
6- كن حازمًا مع نفسك
تميل النفس البشرية إلى التراخي والكسل والراحة فالنفس دائمًا أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي لذا عليك ألا تستجيب لنداءات نفسك السلبية وكن حازمًا مع ذاتك وربي نفسك على الجد والتقشف والصبر على العمل.
ويظن الكثير أنهم لا يملكون الإرادة أو القوة لمواجهة المماطلة، ولكن هذا شعور خاطئ يقول رسولنا الكريم ﷺ: “إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، وإنما الصبر بالتصبّر.
7- خلق بيئة عمل
أنشئ بيئة العمل التي تعاونك، وتسهل عليك أداءك لعملك، وتدفعك للتغلب على المماطلة فرتب مكتبك ونسقه بشكل جميل، واستعن ببعض الزهور التي تبعث البهجة في النفس، ورتب أدواتك المكتبية، واستعن بالأقلام والأوراق الملونة لتذكيرك بالمهام العاجلة.
والأهم من التنسيق الشكلي والجمالي تصنيف وفهرسة وحفظ ملفاتك بطريقة تساعدك على الوصول إليها في أقل وقت ممكن وبأقل عناء، فالعشوائية والمنظر القبيح يسلب الجسد طاقته الإيجابية.
8- استخدام الحافز المادي
حفز نفسك دائمًا على مواصلة النجاح وتحقيق أهدافك، فكلما أنجزت هدفًا كنت تماطل فيه كافئ نفسك بهدية بسيطة، ولكن محببة إليك، ولا تنتظر تحفيز الآخرين لك، احتفظ بسجل دون فيه كل إنجازاتك اليومية حتى ولو كانت أعمالا بسيطة ستجد في آخر اليوم هذا السجل حافلا بالأعمال التي حققتها سيبعث هذا بداخلك طاقة إيجابية وسيلهمك لبذل مجهود أكثر.
9- لا ترفض التأجيل
إذا كنا نتحدث عن مواجهة المماطلة فنحن هنا لا ننفي تماما الحاجة إلى التأجيل في بعض الأحيان لأسباب معلومة ومحسوبة، فعلى سبيل المثال قد تجد نقصًا في المعلومات المطلوبة، أو تحتاج لاستشارة أو نصيحة من أهل الخبرة والاختصاص قبل اتخاذ قرار معين، أو البدء في نشاط ما وقتها يكون التأجيل قرارا له حيثياته وليس تسويفا أو مماطلة.
10- إدارة الوقت
استغل وقتك بفعالية ولا تجعل الرغبة في الوصول إلى الكمال في عملك ذريعة لإنفاق وقتك على إنجاز مهمة واحدة وإغفال باقي المهام، عليك أن توازن بين الجودة والوقت المتاح راجع اجعل سنتك ثلاثة عشر شهرًا!
11- ذكر نفسك دائمًا
استخدام أدوات تذكير مرئية تضعها دائما أمامك تذكرك بعدم المماطلة والتسويف كبعض المقولات المأثورة التي تحث على استغلال الوقت، كالوقت من ذهب، المماطلة تعوق النجاح،.. أبرزها على مكتبك أو حاسبك.
12- واجه الأعذار الشائعة
هناك بعض الأعذار أو الحجج التي يسوقها الفرد لتبرير التسويف كأن يقول لنفسه إنه يعمل أفضل تحت ضغط الوقت، ما زال الوقت مبكرا، أحتاج إلى مشروب جيد قبل البدء، أنا مشغول جدا الآن، سأبدأ فيه غدًا أو مع بداية الأسبوع…. واجه كل هذه الأعذار ولا تستجيب لها واعلم أن الناجحون لا يخضعون لها أبدا.
علياء عبدالفتاح