إن الإيمان والصدق والاستقامة أمور تظل أبداً واضحة وساطعة ومتألقة ، كما تظل أمور من قبيل الكذب والخداع والانحراف متسربلة بالتخفي والغموض ، هذه هي طبيعة الأشياء .
من المهم جداً أن يقيم الزوجان العلاقة بينهما على الثقة المتبادلة ، وأن يعملا على تعزيز تلك الثقة على نحو مستمر، وهذا يقتضي من الزوجة ألا تتحدث أمام زوجها بكلام يفهم منه أنه كان لديها في السابق نوع من الإعجاب بفلان من الناس: ابن عم، ابن خال، ابن الجيران… لأن هذا يجعل زوجها يتساءل: هل يا تُرى ما زالت تعتقد أن زواجها به كان ورطة، أولم يكن الخيار الأفضل… وعلى الرجل في المقابل أن يجتهد أكثر وأكثر لإشعار زوجته بالطمأنينة والأمان وأنها مازالت في نظره المرأة العزيزة والمفضلة.
وأود أن أشير في هذا السياق إلى أن الرجال مسؤولون عن أكثر من 90% من الشكوك داخل الحياة الأسرية، وهذا يعود إلى عدد من الأسباب، منها أن المرأة تعتبر أي امرأة في العالم منافسة لها، ولهذا فإن مخاوفها من أن يتزوج زوجها عليها أو أن يقيم علاقة غير مشروعة مع غيرها تظل نشطة حتى مرحلة متقدمة جداً من العمر، ومنها كذلك أن واقع الحال ينطق بوضوح شديد أن خيانة الزوجات لأزواجهن لا تصل إلى 5% من خيانة الأزواج لزوجاتهم، وليس في هذا انحياز للنساء، بل هو الشيء الثابت والمؤكَّد، ولا أريد أن أتحدث عن أسباب هذا الآن، لكن أقول: قد صار من المألوف جداً أن ترى الزوجةُ زوجها وقد أغلق عليه باب إحدى الغرف ليتكلم الساعات الطويلة، وأن تجد المرأة لدى زوجها عدداً من شرائح الجوال، والشرائح التي تُستخدم للعلاقات المشبوهة يتم إخفاؤها في مكان ما وحين تشك المرأة، أو تسأل زوجها حول ما يثير في نفسها القلق والريب تُتَّهم من قِبله بأنها مريضة وشكاكة بدون مبرر، وأنها لا تثق به- مع أنه أهل للثقة ! ـ ويلجأ من يسمون أنفسهم رجالاً في تمشية أمورهم إلى التخفي والكذب، والله- تعالى- ستار حليم، يمهل، ولا يهمل، وبعد مدة يقع الشاطر لسببٍ من الأسباب، وحين تقول له زوجته: كان شكي في مكانه يقول لها: أنا هكذا، وإذا لم يعجبك ما أفعل، فبيت أهلك موجود! وهو بهذا يمسك زوجته من اليد التي تؤلمها لأنه يعلم أن حرصها على أولادها وبيتها يجعل الذهاب إلى بيت أهلها أمراً في غاية المشقة أو أشبه بالمستحيل.
أسوأ شيء في الحياة أن تنظر إلى شخص على أنه الأول والأخير في حياتك، وأنه سندك وذخرك في الشدائد، وينظر إليك على أنك عبء أو قيد أو شيء من هذا القبيل، وهذا هو حال كثير من الأزواج والزوجات اليوم؛ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! أليس من المحزن أن تجرِّد العولمة كثيراً من الأزواج من معاني الخوف من الله – تعالى- والحياء منه ومعاني الشهامة والمروءة والنخوة. بضربة واحدة؟!ّ إن الزواج علاقة مقدسة وقائمة على التضحية والمراعاة والتحمل وبعض الناس لايريد منها أكثر من أن تكون ستاراً ودفعاً للريبة ،أو أن تكون بابا للحصول على تحقيق مصلحةٍ ما وبعضهم .. حين يلتقي الزوج والزوجة، فإن سلوك كل واحد منهما يُشكِّل خلاصة لما لديه من دين وخلُق وخلاصة للتربية التي تلقاها و أعتقد أن على الأبوين تحمل مسؤولية تربيتهم لأبنائهم والأخذ على يد الذي يدمر حياة أسرته منهم بسبب حماقاته ومغامراته وللأقرباء والمجتمع دور مهم في الردع والإصلاح ، وينبغي القيام بذلك الدور دون تأخير حتى نكون فعلاً خير أمة أخرجت للناس .