أكدت دراسة حديثة أجرتها شركة مجال التوظيف “جلف تالنت ” ، أن واحدا من بين أربعة موظفين في منطقة الشرق الأوسط يخططون لمواصلة تعليمهم والالتحاق بالبرامج الدراسية لمرحلة ما بعد التخرج خلال العامين المقبلين بهدف تحسين مستقبلهم المهني.
وأظهرت أن 16% من الموظفين يخططون للالتحاق بالدراسات العليا رغبةً في تحسين فرص الترقي في العمل، فيما يسعى 17% إلى استخدام شهادة ما بعد التعليم الجامعي في الحصول على وظيفة أفضل في مجال العمل ذاته؛ بينما يرى 10% من المشاركين في الدراسة أن الدراسات العليا تُعد تمهيداً ملائماً لخوض مجال عمل مختلف تماماً.
ورغم أن هذه الدوافع ليست جديدة، إلا أن التباطؤ الذي يشهده سوق العمل في منطقة الشرق الأوسط بسبب التراجع الشديد في سعر النفط له أثر كبير في تعزيز الاتجاه نحو مواصلة التعليم ما بعد الجامعي.
وأشارت بعض الجامعات التي شملتها دراسة جلف تالنت إلى ارتفاع معدل التقديم للالتحاق بفصول الدراسات العليا من قِبل الموظفين في قطاع النفط والغاز، وهو القطاع الأكثر تضرراً الآونة الأخيرة، حيث يسعى العديد منهم إلى الحصول على الإعداد اللازم من أجل الانتقال إلى مجال عمل آخر.
العرض والطلب على برامج الدراسة
تُعد إدارة الأعمال المجال الأكثر رواجاً واستقطاباً للموظفين الراغبين في الالتحاق بالتعليم ما بعد الجامعي، حيث يفضل 32% من المشاركين في الدراسة هذا المجال. وتُعد شهادة الماجستير في إدارة الأعمال (MBA) المؤهل الأكاديمي الأكثر شيوعاً، إذ يخطط 10% من الموظفين للحصول عليها. وتليها دراسة الهندسة التي تستقطب 10% من الموظفين، ثم العلوم المالية التي يسعى 7% من المشاركين في المسح إلى دراستها؛ فيما يأتي مجال التعليم في المرتبة الرابعة بشكل إجمالي، وفي المرتبة الثانية بين الإناث.
ووفقاً لدراسة جلف تالنت، فإن برامج الدراسات العليا متاحة بشكل كبير في منطقة الشرق الأوسط، حيث أشار 93% من الموظفين إلى توفر مجال الدراسة الذي يرغبون في الالتحاق به في المنطقة. إلا أن ثمة نقص في بعض مجالات الدراسة مثل اللغة العربية، حيث يجد 25% من الموظفين الراغبين في دراسة اللغة العربية صعوبة في الحصول على البرنامج الدراسي الملائم.
وجهة الدراسة الأكثر شيوعاً
يفضل معظم الموظفين الالتحاق بالنظام الدراسي ذي الدوام الجزئي ليتمكنوا من مواصلة العمل وكسب العيش، في حين يفضل 18% فقط ممن يخططون للدراسة الالتحاق بالنظام الدراسي ذي الدوام الكلي. كما تفضل الغالبية العظمى من تلك النسبة الدراسة خارج بلدانهم، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمملكة المتحدة وأستراليا حيث تكون الدراسة باللغة الإنجليزية.
وتشمل العوامل الرئيسية التي تشكل جاذبية الوجهة الدراسية سمعة الجامعات المتوفرة، وفرص العمل المتاحة، وسهولة الحصول على تصريح للعمل خلال وعقب مدة الدراسة.
وجاءت الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الخامسة في قائمة الوجهات الأكثر استقطاباً للدارسين، وهي الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي تأتي بين الوجهات العشر الأولى التي يفضلها الموظفون المقيمون في المنطقة.
وقال المشاركون في الدراسة إن توفر المؤسسات التعليمية الدولية، إلى جانب نمط الحياة الملائم وفرص العمل المتاحة عقب التخرج، تُعد عوامل جذب رئيسة في الإمارات، وخاصة دبي، حيث يظل الدارسون بالقرب من عائلاتهم داخل المنطقة.
عقبة الوقت والتكلفة
أشارت دراسة جلف تالنت إلى أن التحديات الرئيسية التي تقف أمام الموظفين عند التخطيط لاستكمال دراستهم بعد الجامعية تتمثل في عاملي الوقت والتكلفة. فقد ذكر 38% ممن لا يخططون للالتحاق بالدراسات العليا أن السبب يرجع إلى ضيق الوقت، بينما قال 19% إنهم غير قادرين على تحمل كلفة الدراسة.
ويُعد الوقت والتكلفة أهم عاملين بالنسبة للموظفين فيما يتعلق باختيار المؤسسة التعليمية بعد سمعة الجامعة. وقال 68% ممن شملتهم الدراسة إن المدخرات الشخصية هي المصدر الرئيسي لتمويل البرنامج الدراسي، في حين تأتي المنح الدراسية لتغطي تكلفة التعليم لـ 15% من الدارسين، بينما تقوم جهة العمل بتمويل دراسة 7%، وهي النسبة المماثلة للموظفين الذين يقومون بالاقتراض لسد تكاليف الدراسة. وأخيراً يلجأ 3% فقط إلى عائلاتهم لتوفير نفقات الدراسة.
وتُعد حكومات الدول في منطقة الشرق الأوسط، وحكومات الدول الأجنبية، وأيضاً بعض الجامعات في أوروبا وأمريكا الشمالية، الممول الرئيسي والأهم للمنح الدراسية المتاحة أمام الموظفين في المنطقة.
أفضلية التعليم الإلكتروني
باتت البرامج الدراسية عبر الإنترنت أكثر انتشاراً واستقطاباً للدارسين في المنطقة بفضل مرونتها وانخفاض كلفتها. ومع تزايد عدد البرامج الدراسية الإلكترونية المعترف بها من قِبل مؤسسات تعليمية دولية شهيرة، أصبح الحاجز الرئيسي أمام الرغبة في استكمال الدراسة منعدماً.
ووفقاً للدراسة، فإن 65% من الموظفين يفضلون البرامج الدراسية الهجينة التي تجمع بين التعليم الإلكتروني وبعض المحاضرات الواقعية. فيما يفضل 18% من المشاركين البرامج الإلكترونية، بينما يفضل 17% المحاضرات الواقعية ذات التكاليف الباهظة والتي تتطلب الانقطاع عن العمل لفترة.
وتتفاوت رؤية الموظفين لقيمة التعليم ما بعد الجامعي بشكل ملحوظ، إذ قال بعض مديري الشركات إن الدراسات العليا لا تُعد دائماً عامل جذب لتوظيف المتقدم للعمل، حيث تُمنح الخبرة العملية في المجال أهمية أكبر.
ومن ناحية أخرى، يسعى العديد من الشركات إلى توظيف أشخاص يحملون مؤهلات ما بعد التخرج لشغل مناصب معينة. كما يدعم الكثير من أصحاب العمل موظفيهم للحصول على دراسات عليا من خلال المرونة في أوقات الدوام والسماح لهم بحضور البرامج الدراسية خلال أيام معينة، إضافة إلى تمويل تكاليف الدراسة مقابل البقاء في الشركة لفترة ممتدة.
وتستند نتائج الدراسة إلى مسح شامل ضم 8000 موظف في تسع دول هي الإمارات والسعودية وقطر والكويت وعمان والبحرين ومصر ولبنان والأردن.