قال تعالى { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى * وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى * أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى * فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ }.
أقسم الحق سبحانه في هذه السورة : بالنهار إذا انتشر ضياؤه وقت الضحى ، وبالليل إذا خيم بظلامه، على اعتنائه بنيه الكريم – عليه الصلاة و السلام -، حيث لم يتركه ولم يهمله ولا أبغضه مذ أحبه ، وأقسم بأنه سبحانه سوف يعطيه من أنواع الكرامة والإنعام ما تطيب نفسه وتطمئن .. ثم امتن عليه بأمور عظيمة وأصول حققت له الاستقرار المطلوب الذي أهّله للنبوة وللقيادة ( دينية ودنيوية ) ، وهي :
ـ إيواءه حال يتمه .. وهو ما حقق له استقرارًا نفسياً واجتماعياً.
ـ هدايته من ضلال – وهي الحيرة في شأن تفصيلات العقيدة والفكر الديني – ، وهو ما حقق له استقراراً فكريا ً ورؤية واضحة للكون والحياة .
ـ غنى بعد فقر ، وبه استقر ماديا ً .
إن هذه الدعائم الثلاث ( الاستقرار النفسي الاجتماعي ، الاستقرار الفكري ، الاستقرار المادي ) هي التي جعلت من النبي الكريم – عليه السلام – نبيا ً مصلحا ً وقائدا ً ملهما ً وفاعلا ً مؤثرا ًفي واقعه ، وإيجابياً في مجتمعه منخرطاً فيه مجدداً مغيراً ..مما استحق الحمد والشكر والتحديث بهذه النعم الجليلة ( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ).
وهذه الدعائم الثلاث بات وجودها اليوم في المصلح والمجدد والقائد ضرورياً ، ليحصل التغيير المنشود نحو الأفضل في شتى المجالات .. وكذا الحال في المجتمع الحضاري ..لا بد لسلطته أن توفر له إيواءً يشعر معه بالطمأنينة النفسية والأمن والأمان ، ووعيا فكريا ورؤية واضحة لقضاياه ، وغناء اقتصاديا ونماء ماليا يحقق له رخاء ورغدا في عيشه ..كي يأهله ذلك للإبداع في شتى العوالم والساحات ، والتأثير في الأمم والمجتمعات ، وحتى ينهض بنفسه وواقعه .