منذ فترة قريبة علقت في ذهني كلمات صديق له اهتمام بالجانب الاجتماعي قال: ” هناك خطأ ما عندما تجد كثير من الناس يموتون في العالم بسبب الجوع، وفي المقابل هناك من يموت بسبب الإفراط في تناول الطعام”. والظاهر أننا نتذكر هذا الوضع عندما نبدأ الحديث عن رمضان وطعام الأغنياء والفقراء.
لقد ذكرني بفكرة بسيطة وعميقة جدا موجودة في القرآن الكريم، قال تعالى : ( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) .
وتعكس هذه الفكرة المنهج النبوي في الطعام حيث قال نبينا محمد ﷺ :“ ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطن، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنَفَسه”.
الاعتدال فضيلة متكررة في الخطاب القرآني، فعندما يتعلق الأمر بعادات الأكل لدينا، فإن الأمر يتجاوز السلوكيات الفردية لتصل إلى المشتركة.
عندما نجد كميات كبيرة من بقايا الطعام المتلف، وفي المقابل تعاني مناطق من نقص حاد في الغذاء، وأحيانا نجد ذلك يقع في مدينة واحدة، هنا يجب علينا أن نعيد التفكير في الكيفية والكمية التي نأكل بها.
على سبيل المثال، تشير تقديرات وزارة الزراعة الأمريكية في تقرير 2014 أن حوالي 40٪ من المواد الغذائية في أمريكا تذهب إلى النفايات، وتشير أيضا إلى أن 50 مليون أميركي يخلدون للنوم جوعى كل ليلة .
هذه المشاكل بقدر حاجتها إلى حلول تحتاج إلى معالجة نظامية، وقبل ذلك إلى ثورة ثقافية، تتطلب مصارحة صادقة عن أمراض السمنة ونقد فكرة الجسم ” المثالي” .
كل واحد منا يجب أن يبدأ بمفرده ومن بيته، ويفكر في كيفية التقليل من النفايات الغذائية ويساهم في إعادة التوازن بين أولئك الذين يملكون طعاما والذين لا يملكون.
وشهر الصيام يمنح الفرصة لإعادة التفكير في دور الغذاء في حياتنا ، بل هو دليل على حجم الإحتياج القليل من الطعام لنبقى أصحاء وأقوياء، كما يعرفنا بقدرات أجسامنا على التأقلم أكثر مما نعتقد.
الإفطار الجماعي أيضا يثير التفكير .. فعندما تتقاسم الطعام مع الآخرين سيبدو لك أكثر وفرة خاصة مع تواجد رفقة طيبة.
قال النبي ﷺ : “كلوا جميعا ولا تفرقوا؛ فإن طعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الثلاثة والأربعة كلوا جميعا ولا تفرقوا؛ فإن البركة في الجماعة
هذا بعض غذاء الفكر في شهر رمضان المبارك، فلعلنا نتدبر عند كل حديث عن رمضان وطعام الأغنياء والفقراء.