تُرى ماهو سبب صيام عاشوراء؟ يعد يوم عاشوراء من الأيام المباركة في الإسلام، وله مكانة خاصة في قلوب المسلمين. يحتفل المسلمون بهذا اليوم بالصيام والتقرب إلى الله، مستندين إلى الأحاديث النبوية والسنن المأثورة. يُعتبر يوم عاشوراء فرصة للتأمل والتذكر، حيث يتزامن مع أحداث تاريخية ودينية هامة. فهو يذكرنا بنجاة النبي موسى عليه السلام وقومه من فرعون، وهي مناسبة تُعزز من الشعور بالامتنان والتقرب إلى الله. وقد جاء في السنة النبوية الحث على صيام هذا اليوم واعتباره يومًا للتكفير عن الذنوب، مما يضفي عليه أهمية كبيرة. فما هو سبب صيام عاشوراء وما هي الأحاديث الواردة في صيام عاشوراء؟
ما المقصود بيوم عاشوراء؟
يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم، وهو ما ذهب إليه جمهور العلماء. تُشير كلمة عاشوراء إلى اليوم العاشر، بينما يُطلق على اليوم التاسع اسم تاسوعاء. يُعد هذا اليوم من الأيام المقدسة في الإسلام وله دلالات تاريخية ودينية عميقة.
سبب صيام عاشوراء وأصله
يرجع أصل صيام عاشوراء إلى فترة ما قبل الإسلام، حيث كان اليهود في المدينة يصومون هذا اليوم اقتداءً بموسى عليه السلام الذي نجّاه الله وقومه من فرعون وجنوده. وقد أمر الله تعالى نبيه موسى عليه الصلاة والسلام بتذكير قومه بهذا اليوم العظيم ، فقال تعالى : { ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكّرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور } ( إبراهيم : 5).
ولما قدم النبي محمد ﷺ إلى المدينة، وجد اليهود يصومون هذا اليوم، فقال: «ما هذا؟» قالوا: «هذا يوم صالح، هذا يوم نجّى الله بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى». فقال النبي ﷺ: «فأنا أحق بموسى منكم». فصامه وأمر بصيامه (رواه البخاري).
أحاديث صيام عاشوراء
أكدت الأحاديث النبوية الشريفة فضل صيام يوم عاشوراء. من هذه الأحاديث:
- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: “أمر رسول الله ﷺ بصوم عاشوراء يوم العاشر” (رواه الترمذي) .
- عن عائشة رضي الله عنها: “أن النبي ﷺ أمر بصيام عاشوراء يوم العاشر” (رواه البزار) .
- بالإضافة إلى ذلك، ورد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “لئن بقيتُ إلى قابل لأصومنَّ التاسع” (رواه مسلم).
- وورد عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ سُئل عن صوم يوم عاشوراء، فقال: «يكفّر السنة الماضية»(رواه مسلم).
- وفي رواية أبي موسى رضي الله عنه قال : كان يوم عاشوراء تعده اليهود عيداً ، قال النبي ﷺ :” فصوموه أنتم ” (رواه البخاري)
التدرج في صيام عاشوراء
في البداية، كان صيام عاشوراء واجبًا على المسلمين، ولكن بعد فرض صيام رمضان، أصبح صيام عاشوراء سنة مستحبة. رُوي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “كان يوم عاشوراء يومًا تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله ﷺ يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر الناس بصيامه، فلما فُرض رمضان، قال: «من شاء صامه ومن شاء تركه». ( أخرجه البخاري ومسلم).
صيام يوم قبله أو بعده
من المستحب أن يصوم المسلمون يومًا قبل عاشوراء أو يومًا بعده مخالفةً لليهود. ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: “حين صام رسول الله ﷺ يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: «يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى». فقال رسول الله ﷺ: «فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع». فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله ﷺ”(رواه مسلم).
قال العلامة ابن القيم: “فمراتب صومه ثلاثة: أكملها أن يصام قبله يوم وبعده يوم، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر، وعليه أكثر الأحاديث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم.
الخاتمة
صيام يوم عاشوراء من السنن المحببة لدى المسلمين، فهو يوم يحمل في طياته ذكرى نجاة موسى عليه السلام وقومه من فرعون، ويعكس روح التآزر والتواصل بين المسلمين والأنبياء السابقين. يُذكّرنا هذا اليوم بفضل الله ورحمته ويحثّنا على التعبد والصيام تقربًا إلى الله وابتغاءً لرضاه. بالإضافة إلى ذلك، يمثل يوم عاشوراء فرصة للتفكير في دروس التاريخ وأهمية الإخلاص والتوكل على الله في كل الأحوال، مما يعزز من القيم الروحية والأخلاقية .