يكتسي سوق “تشارشي باشي” العثماني التاريخي في العاصمة البوسنية، سراييفو، بحلة فريدة ساحرة في شهر رمضان المبارك، إذ يمتزح عبق التاريخ مع أجواء رمضانية مميزة.
يتألف سوق “باش تشارشي” من 30 سوقا صغيرا، لكل منها اسم حسب الحرفة التي اشتهر بها.
ومازال الطابع العثماني محافظا على خصائصه في السوق، من حيث طراز البناء وحتى أسماء الأزقة، التي يحمل بعضها أسماء أصلها عربية دخلت اللغة العثمانية.
سعادة رمضانية
منذ بداية شهر رمضان في سراييفو تنبض أسواق وأزقة “باش تشارشي” بالحياة حتى ساعات متأخرة من الليل، حيث يستمتع المترددون على السوق برحلة عبر التاريخ.
يضم “باش تشارشي” مساجد تاريخية، مثل “غازي خسرو بك”، و”فرهادية”، ومدارس ومكاتب ومبانٍ قديمة تعود إلى العهد العثماني، علاوة على مطاعم ومقاهٍ ومحال تجارية تبيع مختلف أنواع السلع.
ويشهد السوق حركة نشطة جدا خلال الشهر الكريم، تبدأ قبل الإفطار وتسمتر حتى ساعات السحور، إذ تستقطب أجواؤه الساحرة سائحين وتجارا وصائمين ومصلين.
ما يزال مدفع الإفطار التقليدي يدوي في سماء سراييفو، معلنا حلول موعدالإفطار، إضافة إلى صوت المآذن، وهو ما يبث سعادة في القلوب.
ومع اقتراب موعد الإفطار تمتلئ المطاعم التاريخية بالزوار الصائمين، وتزخر موائدها بوجبات تراثية وأطباق شهية وحلويات تقليدية، وتكتظ مساجدها التاريخية براغبين في أداء صلاة التراويح.
ترديد القرآن
وتعد “تلاوة القرآن” من التقاليد الدينية المتبعة في البوسنة، خلال شهر رمضان، منذ قرون.
ويتلو حفظة القرآن في مسجد “غازي خسرو بك “(تأسس في القران السادس عشر) ما تيسر من القرآن مرتين يوميا، ويردد خلفهم المستمعون.
واتّخذت الأسواق الصغيرة في “باش تشارشي” أسماء تركية من الحِرف العثمانية التي اشتهرت بها.
ويوجد سوق “أباجيلوجك” (العباءات)، و”آشجليك” (الطبخ)، و”جزماجيلوك” (الجزم)، و”تورتشوليك” (الفرو)، و”هالاجي” (الحلاجين)”.
كا يوجد سوق “قزازي” (القز)، و”قزانجليلوك” (النحاسين)، و”كوندورجولوك” (الكنادر)، و”مجلدي” (التجليد).
ولتسمية المدينة باسم “سراييفو” أصل تركي من “سراي أوفاسي”، أي محيط القصر.
وسراييفو هي مدينة عثمانية بامتياز، أخذت طابع المدينة زمن الأمير العثماني “غازي خسرو بك” (1480: 1541)، الذي أوصى بدفنه داخل ساحة المسجد، الذي يحمل اسمه.
ويعتبر مسجد “غازي خسرو بك” (أنشأ عام 1531م) من أكبر وأجمل مساجد البوسنة، وإلى جانبه بنيت مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم.