قدم أحد الشباب المسلم من أوروبا إلى إحدى الدول العربية زائراً لبعض أقربائه ، وقد طلب منهم أن يرشدوه إلى متجر يشتري منه بعض أفلام الكرتون حتى يأخذها معه إلى بعض الأطفال هناك ، وقد أرشدوه، واشترى ما أراد ، وبعد الانصراف من المتجر قال لأحد أقربائه: أسعار الأفلام التي اشتَريتُها رخيصة للغاية ، مع أن تكلفة إنتاجها ـ فيما أعلم ـ مرتفعة جداً! قال له قريبه : النسخ الأصلية منها غالية ، والأفلام التي اشتريتها منسوخة، وسكت الشاب ومضيا في طريقهما، وبعد ساعة قال الشاب لقريبه ضميري يؤنبني ! قال قريبه : على ماذا ؟ قال له : على شراء الأفلام المنسوخة ، فهي في الحقيقة مسروقة أو مزورة ، وشراؤها يعني التشجيع على المزيد من السرقة أو المشاركة في سرقتها بعبارة أدق.
ورجع الشاب إلى المتجر،وأرجعا الأفلام ، وأرشدهما صاحب المتجر إلى متجر آخر يبيع النسخ الأصلية ، واشترى الشاب ما يحتاجه منها، ولكن بخمسة أضعاف ثمن الأفلام المنسوخة .
هذا الموقف يشير إلى تعرض الشاب إلى تربية أخلاقية حرة وعالية ، هذه التربية أوجدت في صدره شيئاً يزينه كما تزين النجوم السماء ، وهذا ما نسميه ( الضمير ) وهو صوت نوراني يجلجل في صدورنا حين نهمَّ بالوقوع في خطأ من الأخطاء .
لدى كل الناس استعداد فطري لأن يكون لهم ضمائر حية تأمر وتنهى ، لكن التربية والبيئة هما اللتان تحددان ماهية ذلك الضمير ودرجة يقظته . وكلما كان سلوكنا اليومي أشد استقامة تألقت ضمائرنا وانتشت ، وصارت أشد حساسية ، وحين نكرر الوقوع في خطأٍ ما فإن مستقبِلات ذلك الخطأ في داخل ضمائرنا تذبل إلى حد التلاشي ، وحينئذ نخطئ ونخطئ ونحن مطمئنون لما نفعل ، وكأننا لا نرى أي عاقبة خطيرة لما نقوم به ! التربية الجيدة هي التي تزرع الضمير والبيئة الصالحة تساعدنا على الاستجابة لنداءاته، والاستقامة على أمر الله هي الماء الذي ترتوي منه ضمائرنا ، ويا خسارة أصحاب الضمائر الظامئة الذين خسروا أنفسهم مع أنهم قد ملكوا الكثير والكثير !