من الأمثال الشهيرة الجارية على لسان العرب : ( عش رجبا تر عجبا ) والحق أن شهر رجب ليست له خصوصية ولا فضيلة على غيره من الشهور إلا أنه من الأشهر الأربعة الحرم التي خصها الله تعالى بالذكر ونهى عن الظلم فيها تشريفاً لها في قوله تعالى: { إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم } [التوبة:36]
ولم يرد في فضل شهر رجب ما يصلح للاحتجاج به، أما تخصيصه بصيام يوم منه معين أو قيام بعض لياليه أو تخصيص ليلة السابع والعشرين منه باحتفال يسمى الاحتفال بمناسبة الإسراء والمعراج فهذه كلها أمور محدثة، لم تثبت عن النبي ﷺ ولا عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم. وكون آية الإسراء والمعراج حصلت فيه – على افتراض صحة ذلك – لا يسوغ لنا إحداث عبادة فيه لم تكن معهودة في زمن رسول الله ﷺ ولا في زمن خلفائه الراشدين ولا التابعين من بعدهم -القرون المشهود لهم بالخير- أما شعبان فينبغي الإكثار فيه من الصيام اقتداء بالنبي ﷺ قالت عائشة رضي الله عنها: “ما رأيت رسول الله ﷺ استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان وما رأيته في شهر أكثر منه صياماً في شعبان”. رواه البخاري ومسلم.
وإليك بعض ماورد مما لم يثبت من الأحاديث في شهر رجب :
1 – (( صومُ أوَّلِ يومٍ من رجبَ كفارَةُ ثلاثِ سنينَ ، والثاني كفارةُ سنتينِ ، والثالثُ كفارةُ سنةٍ ثُمَّ كلُّ يومٍ شهرًا )) ضعفه المحدث الألباني في ضعيف الجامع – رقم : (3500)
2 – (( كان إذا دخل رجبٌ قال : اللهم بارِكْ لنا في رجبٍ وشعبانَ ، وبلِّغنا رمضانَ ،، )) ضعفه المحدث الألباني في ضعيف الجامع – رقم : (4395)
3 – (( سُمّيَ رجبُ لأنهُ يُترجَّبُ فيهِ خيرٌ كثيرٌ لشعبانَ ورمضانَ )) قال الألباني موضوع في السلسلة الضعيفة – رقم : (3708)
4 – (( فضلُ رجبٍ على سائرِ الشُّهورِ كفضلِ القرآنِ على سائرِ الأذكارِ )) قال ابن حجر موضوع في تبيين العجب – رقم : (25)
5 – (( خمسُ ليالٍ لا تُرَدُّ فيهن الدعوةُ : أولُ ليلةٍ من رجبٍ ،،، )) قال الألباني موضوع في السلسلة الضعيفة – رقم : (1452)
6 – (( رجبُ شهرٌ عظيمٌ، يضاعفُ اللهُ فيه الحسناتِ ،،، )) قال الألباني موضوع في السلسلة الضعيفة – رقم : (5413)
7 – (( إنَّ في الجنةِ نهرًا يُقالُ له : رَجَبٌ، ماؤُه أَشَدُّ بياضًا من اللبنِ، وأحلَى من العسلِ، من صام من رَجَبٍ يومًا واحدًا، سقاهُ اللهُ من ذلك النهرِ )) قال الألباني باطل في السلسلة الضعيفة – رقم : (1898)
8 – (( فمن صامَ مِن رجَبٍ يومينِ فلَهُ منَ الأجرِ ضِعفانِ ووزنُ كلِّ ضعفٍ مثلُ جبالِ الدُّنيا ،،، )) قال الشوكاني: موضوع في الفوائد المجموعة – رقم : (100)
9 – (( من صام ثلاثةَ أيَّامٍ من رجبَ كتب اللهُ له صيامَ شهرٍ ، ومن صام سبعةَ أيَّامٍ من رجبَ أُغلِق عنه سبعةُ أبوابٍ من النَّارِ ،،، )) قال ابن الجوزي لايصح في موضوعات ابن الجوزي :(577/2)
10 – (( من أحيا ليلةَ رجبَ وصام يومًا أطعمه اللهُ من ثمارِ الجنَّةِ ،،، )) قال ابن الجوزي موضوع في موضوعات ابن الجوزي :(581/2)
11 – (( مَن صلَّى المغربَ أوَّلَ ليلةٍ من رجبٍ، ثمَّ صلَّى بعدَها عشرينَ رَكْعةً يقرأُ في كلِّ ركعةٍ بفاتحةِ الكتابِ ،،، )) قال الشوكاني موضوع في الفوائد المجموعة رقم : (47)
12 – (( من صلَّى ليلةَ النِّصفِ من رجبَ أربعَ عشرةَ ركعةً ،،، )) قال السخاوي لا يصح في القول البديع – رقم : (298)
13 – (( لا تغفُلوا عن أوَّلِ ليلةٍ في رجبٍ فإنَّها ليلةٌ تسمِّيها الملائِكةُ الرَّغائبَ ،،، )) قال الشوكاني موضوع في الفوائد المجموعة – رقم : (47)
14- : (( رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي )) موضوع، في إسناده أبو بكر بن الحسن النقاش، وهو متهم بالكذب، والكسائي مجهول، وقد أورده صاحب ( اللآلئ في الموضوعات ). وبالجمله: كما قال الإمام الحافظ ابن حجر رحمه الله في:《تبيـن العجب فيمـا ورد في فضـل رجب ص21》: (لم يرد في فضل شهر رجب ولا في صيامه ولا في صيام شيء منه معين ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجـّة، وقد سبقني للجزم بذلك الإمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ، رويناه عنه بإسناد صحيح، وكذلك رويناه عن غيره) انتهى.
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي في:《 لطائف المعارف ص 140ـ 141 ـ》: (وأما الصيام فلم يصح في فضل صوم رجب بخصوصه شيء عن النبي ﷺ ولا عن أصحابه ).
ختاماً ..أذكّر إخواني بقول النبي ﷺ : “عليكم بسنَّتي وسنَّةِ الخلفاءِ الراشدينَ المهديِّينَ ، عَضُّوا عليها بالنَّواجذِ . وإياكم ومحدَثاتِ الأمورِ ؛ فإنَّ كلَّ بدعةٍ ضلالةٌ” رواه أصحاب السنن. وبأثر ابن مسعود رضي الله عنه : “اتبعوا ولاتبتدعوا فقد كُفيتم ، وكل بدعة ضلالة “. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين.