الإجراءات المالية الأخيرة والمساعدات القطرية الرامية إلى تخفيف الحصار عن قطاع غزة، لم تُخرج سكانه من “عنق الزجاجة” والأزمات الإنسانية المتراكمة على مدار 12 عاما بفعل الحصار الإسرائيلي.الأسواق المحلية ما زالت بلا زبائن، ومعدلات الفقر والبطالة تتحرك صعودا، ومئات الأسر لم تحصل على مأوى بعد تدمير منازلها بهجمات إسرائيلية تستهدف القطاع منذ أعوام.
لعل التحسن الوحيد الذي لمسه سكان القطاع من الإجراءات الأخيرة، هو زيادة عدد ساعات وصل التيار الكهربائي، إلا أن ذلك غير كاف لمعالجة آثار حصار وحروب أنهكت مليوني إنسان.
قطر تطيل عمر كهرباء غزة
بداية نوفمبر الجاري، أعلن رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة محمد العمادي، خلال مؤتمر صحفي بالقطاع، أن بلاده قدمت منحة لغزة بقيمة 150 مليون دولار.وتم تقديم 15 مليونا منها فعليا كمساعدات للموظفين الحكوميين والأسر الفقيرة، و10 ملايين دولار خصصت لشراء وقود لمحطة توليد الكهرباء.
وأوضح السفير العمادي أن بقية المنحة سيتم إيصالها إلى القطاع لدعم وقود محطة الكهرباء، وتقديم مساعدات إنسانية للموظفين والأسر الفقيرة خلال الأشهر الـ 6 المقبلة.
وبعد تشغيل محطة الكهرباء الوحيدة في غزة بالوقود القطري، ارتفعت ساعات وصل الطاقة إلى ما يزيد على 12 ساعة متواصلة يوميا، بعد أن كانت تقتصر على 3 ـ 4 ساعات يوميا.
%70بطالون و80% فقراء
وبحسب اللجنة الشعبية لرفع الحصار عن غزة (غير حكومية)، تبلغ نسبة البطالة بين فلسطينيي القطاع 70 بالمائة، ومعدل الفقر وصل 80 بالمائة، ومتوسط دخل الفرد اليومي لا يتجاوز 7 شواقل (دولارين) فقط.
يقول رئيس اللجنة جمال الخضري، إن “إنقاذ غزة يحتاج إلى كثير من الخطوات، وعلى رأسها إنهاء الحصار بشكل كامل، وإقامة مشروعات تشغيلية وتنموية وإعادة تأهيل البنى التحتية”.
ويضيف الخضري في حديثه لمراسل الأناضول: “هناك انهيار اقتصادي كامل في غزة.. هذا يتطلب مشروعات جديدة، ودعم المشروعات القائمة، ودعم القطاع الخاص”.
وأشار أن إسرائيل تمنع دخول 200 سلعة إلى غزة، وتتضمن قائمة هذه السلع المواد الخام اللازمة لتشغيل عشرات المصانع في القطاع.ولفت إلى أن 250 ألف عامل في غزة عاطلون من العمل بسبب إغلاق 95 بالمائة من المصانع في القطاع.
وفي تقرير لاتحاد الصناعات الفلسطيني (غير حكومي) نشره العام الماضي، أفاد بأنه تم تسريح 70 بالمائة من العاملين في القطاع الصناعي، بفعل الحصار وإغلاق المعابر ومنع إدخال المواد الخام.
وبحسب الخضري، فإن 1.5 مليون مواطن في غزة من أصل مليوني نسمة يعيشون على مساعدات إنسانية تقدمها هيئات دولية ومحلية “وهي بالتأكيد غير كافية”.
وفيما يتعلق بإعمار المنشآت والمنازل التي دمرت خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، أفاد أن هناك 2000 منزل مدمر بشكل كامل لم يتم إعادة إعمارها بسبب العجز في تمويل عملية الإعمار.وأكد الخضري، وهو نائب مستقل في المجلس التشريعي (البرلمان) الفلسطيني، أن غزة في وضع انهيار تام وتحتاج إلى إغاثة عاجلة.
حركة شرائية متوقفة كليا
من جانبه، قال محمد أبو جياب رئيس تحرير صحيفة “الاقتصادية” المحلية (أسبوعية)، إن “الخطوات المالية الأخيرة التي تمت تجاه غزة، لا يمكن أن تكون قد أنهت مظاهر الحصار وحالة البطالة، أو أنها عالجت الأزمات الإنسانية المركبة بالقطاع”.
وأضاف أبو جياب لمراسل الأناضول، أن “ما يزيد على 80 بالمائة من سكان قطاع غزة باتوا يعتمدون في توفير مستلزماتهم على المساعدات الغذائية المقدمة من جهات محلية وأممية، بعد أن تخطت نسبة الفقر 80 بالمائة”.
وتابع: “الحروب الإسرائيلية الثلاث (2008، 2012، 2014) تسببت بانهيار في المنظومة الخدمية لسكان القطاع، خاصة قطاعات الصحة والتعليم والبنى التحتية”.
وبحسب أبو جياب، فإن الحركة الشرائية في غزة متوقفة بشكل شبه كلي، ومئات المتاجر والشركات أغلقت أبوابها خلال السنوات القليلة الماضية، بسبب الخسائر التي تكبدتها جراء انهيار الحركة الشرائية.
وأكد أن المنحة المالية القطرية هي مجرد خطوة إسعافية تؤمن الحد الأدنى لديمومة الحياة اليومية للمواطن بغزة، وتؤخر الوصول إلى لحظة الانهيار الشامل.
النمو الإقتصادي -6%
وفي 24 سبتمبر / أيلول الماضي، أفاد تقرير للبنك الدولي أن شحا كبيرا في السيولة لدى المواطنين بالقطاع، وانهيارا اقتصاديا متصاعدا، يمهدان لخطر العجز عن تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان.وأضاف البنك الدولي في تقريره، أن فردا واحدا من أصل اثنين في قطاع غزة يعاني الفقر.
وانكمش النمو الاقتصادي في قطاع غزة بنسبة (سالب 6 بالمائة) خلال الربع الأول من العام الجاري، لأسباب مرتبطة بعقوبات من السلطة الفلسطينية، تقول إنها تستهدف حركة “حماس” التي تسيطر على قطاع غزة.
وتضمنت عقوبات السلطة الفلسطينية تقليص رواتب موظفيها في القطاع البالغ عددهم نحو 62 ألف موظف، بنسبة 50 بالمائة.
كما قررت السلطة في 4 يوليو / تموز الماضي إحالة 6 آلاف و145 موظفا من غزة إلى التقاعد المبكر.