أما فضيلة الماهر بالقرآن الكريم، فقد قال الله سبحانه وتعالى: { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [البقرة:١٢١] .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ: ” الماهر بالقرآن -أي: الذي يحفظ القرآن جيداً -مع السفرة الكرام البررة -الملائكة- والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران” رواه مسلم.
فلا ينبغي لك أن تعرض عن قراءة القرآن حتى لو كنت تجد مشقة في التلاوة وتتعتع فيه، فاقرأ فإن لك أيضاً أجرين.
يقول الشاطبي رحمه الله:
فيا أيها القاري به متمسكاً مجلاً له في كل حـال مبجلاً هنيئاً مريئاً والداك عليهما ملابس أنوار من التاج والحلا فما ظنكم بالنجل عند جزائه أولئك أهل الله والصفوة الملا أولو البر والإحسان والصبر والتقى حلاهم بها جاء القران مفصلا عليك بها ما عشت فيها منافساً وبع نفسك الدنيا بأنفاسها العلا
فهو يحث هنا على حفظ القرآن الكريم، والحقيقة هو يبني كلامه هنا على حديث رواه أبو داود والحاكم وفيه: “من قرأ القرآن وعمل به ألبس والداه تاجاً يوم القيامة ضوءه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيكم، فما ظنكم بالذي عمل هذا؟” فهو بنى هذه الفقرة على هذا الحديث، وهو حديث ضعيف، ومعناه: أن أباه وأمه يثابان إذا حفظ الابن القرآن: (ألبس والداه تاجاً يوم القيامة ضوء هذا التاج أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيكم، فما ظنكم بالذي عمل هذا؟)، أي: إن كان هذا هو ثواب أبويه لفعل عمله ابنهما، فكيف بثواب الابن الذي حفظ وعمل بنفسه؟
فمن ثمَّ يقول الشاطبي:
فما ظنكم بالنجل عند جزائه أولئك أهل الله والصفوة الملا
فالنجل هو ابنهما، وهؤلاء هم الملأ، وهؤلاء هم الناس، وهؤلاء هم الصفوة، بل هؤلاء هم أهل الله، كما صح في الحديث: (إن أهل القرآن هم أهل الله تعالى وخاصته).