ماهو فضل صيام عاشوراء؟
صيام يوم عاشوراء له فضل وأجر عظيم حيث اقتضت حكمة الله سبحانه أن يكون بنو آدم خطائين، واقتضت رحمته أن يتيح لهم مكفرات شتى تغطي الخطيئة وتمحو أثرها، من صلوات وصدقات، وحج وعمرة وغيرها من الحسنات: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) هود : 114، وقال رسوله الكريم: ” وأتبع السيئة الحسنة تمحها “.
والصيام من أعظم المكفرات للذنوب لما فيه من ترك الشهوات، ومجاهدة النفس وتضييق مجاري الشيطان الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم.
ما فضل صيام عاشوراء وأجر صيام عاشوراء؟
فضل صيام عاشوراء أمر لا شك فيه، فصوم عاشوراء وهو اليوم العاشر من محرم من الأمور المستحبة عند أكثر أهل العلم، ويستحب صيامه، وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل صيام عاشوراء منها :
سُئِلَ عبدالله بن عباس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن فضل صيام عاشوراء فَقَالَ: “مَا علمت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَامَ يَوْمًا يطْلب فَضله على الْأَيَّام إِلَّا هَذَا الْيَوْم، وَلَا شهرا إِلَّا هَذَا الشَّهْر” رواه البخاري ومسلم.
١. عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان يوم عاشوراء يوماً تصومه قريش في الجاهلية وكان رسول الله ﷺ يصومه فلما قدم المدينة صامه وأمر الناس بصيامه فلما فرض رمضان قال: من شاء صامه ومن شاء تركه) رواه البخاري ومسلم.
٢. وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال في فضل صيام عاشوراء : (سمعت رسول الله ﷺ يقول إن هذا يوم عاشوراء ولم يكتب عليكم صيامه وانا صائم فمن شاء صام ومن شاء فليفطر) رواه البخاري ومسلم.
٣. وعن ابن عباس قال: (قدم رسول الله ﷺ فرأى أن اليهود تصوم عاشوراء فقال: ما هذا؟ قالوا: يوم صالح نجّى الله فيه موسى وبني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى فقال: أنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه) رواه البخاري ومسلم وغير ذلك من الأحاديث.
صيام تاسوعاء وعاشوراء
ويستحب أن يصام اليوم التاسع مع اليوم العاشر من محرم لما ثبت في الحديث عن ابن عباس قال: (لما صام رسول الله ﷺ يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال: إذا كان عام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع قال فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله ﷺ) رواه مسلم.
أما الأحاديث التي أسندت عن النبي ﷺ في فضل صيام عاشوراء منفردا أو صيامه وضم صيام يوم قبله أو يوم بعده إليه، أو صيام ثلاثة أيام جميعا، فإن هذه الأحاديث تشير إلى جواز هذه الأمور كلها حسب الاستطاعة.
قال ابن قاسم: الحديث صريح في مشروعية ضم اليومين إلى يوم عاشوراء. وقال أحمد إن اشتبه عليه أول الشهر صام ثلاثة أيام ليتيقن صومها. وكره ابن عباس أفراد العاشر. وروي عنه صوموا التاسع والعاشر. وخالفوا اليهود. وهو مقتضى كلام أحمد وغيره. للأمر بمخالفة اليهود. وقال الشيخ لا يكره إفراده بالصوم مع مبالغته في مخالفة المشركين. وتصريحه في الأمر بمخالفتهم.
وما روي فيه من التوسعة على العيال فقال الإمام أحمد بن أحنبل لا أصل له. وقال الشيخ ابن القاسم موضوع مكذوب عن النبي – ﷺ – وقال ما يفعل من الكحل والاغتسال والحنا والمصافحة وطبخ الحبوب وإظهار السرور وغير ذلك لم يرو في ذلك حديث صحيح عن النبي – ﷺ – ولا عن أصحابه. ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين. لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم.
وقال وقوم يستحبون الاكتحال والاغتسال والتوسعة على العيال واتخاذ أطعمة غير معتادة. وهو بدعة أصلها من المتعصبين بالباطل على الحسين رضي الله عنه. وكل بدعة ضلالة. بل المستحب يوم عاشوراء الصيام عند جمهور أهل العلم. [الإحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم ].
ماهي مراتب صيام عاشوراء؟
ذكر بعض العلماء أن فضل صيام عاشوراء على ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: صوم ثلاثة أيام: التاسِع، والعاشر، والحادي عشر.
المرتبة الثانية: صوم التاسع والعاشر.
المرتبة الثالثة: صوم العاشر وحدَه. وذلك حتى يكون الصوم موافقًا ليوم عاشوراء يَقينًا. [زاد المعاد لابن القيم]
وكان ابن القيم يرى أن أكمل الصيام هو صيام عاشوراء ويوما قبله ويما بعده ، فلعل مرد ذلك لأحد أمرين: إما على سبيل الاحتياط للتيقن من إدراك يوم عاشوراء ، وعدم الخطأ في تقدير هلال الشهر ، أو لأن الصيام في المحرم مستحب بصفة عامة ، فقد جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال رسول الله ﷺ :”أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم “ .
وقال الشوكاني: الأحاديث الصحيحة الكثيرة قد دلت على مشروعية وفضل صيام عاشوراء ونسخ وجوبه لا نسخ استحبابه لما في حديث ابن عباس في الصحيحين وغيرهما قال: ما علمت أن رسول الله ﷺ صام يوما يطلب فضله على الأيام إلا هذا اليوم يعني يوم عاشوراء ولاشهرا إلا هذا الشهر يعني رمضان.
وفي الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر ان أهل الجاهلية كانوا يصومون يوم عاشوراء وأن رسول الله ﷺ صامه والمسلمون قبل أن يفرض رمضان فلما فرض رمضان قال رسول الله ﷺ: “أن يوم عاشوراء يوم من أيام الله فمن شاء صامه”.
وفي الصحيحين أيضا من حديث معاوية بن أبي سفيان نحوه وفي مسلم وغيره إنه لما قيل لرسول الله ﷺ “إن يوم عاشوراء يوم تعظمه اليهود، قال: “لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع”، وفي لفظ له من حديث ابن عباس: “إذا كان العام المقبل صمنا اليوم التاسع”، فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله ﷺ. وفي رواية “صوموا التاسع والعاشر وخالفوا اليهود”. فينبغي لمن أراد أن يصوم يوم عاشوراء أن يصوم اليوم الذي قبله.” [السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار للشوكاني].