الشيخ. خالد رزق تقي الدين[1]
يزداد معدل انتشار الإسلام في البرازيل يوما بعد يوم، ويعد أقل بكثير مقارنة بأوروبا وأمريكا، ومرد ذلك لعدة أسباب منها، قلة الكتب المترجمة للغة البرتغالية وقلة الدعاة وخصوصا الذين يجيدون التحدث باللغة البرتغالية، وافتقاد المؤسسات الإسلامية لمنظومة من البرامج والخطط المتكاملة التي تعنى بشؤون المسلمين الجدد.
وتعاني نسبة من هؤلاء المسلمين نوعا من التهميش وعدم الاهتمام، بل والتمييز العنصري في المعاملة من بعض المؤسسات الإسلامية الموجودة على الساحة البرازيلية.
ومن ثم فقد تبنت إدارة الشؤون الإسلامية باتحاد المؤسسات الإسلامية في البرازيل منذ فترة مشروعا متكاملا للعناية بالمسلمين الجدد، تشمل المرحلة الأولى منه التعريف بالإسلام داخل البرازيل من خلال فعاليات مختلفة تحت عنوان “اعرف الإسلام” شملت طاولة الإسلام في أهم شوارع البرازيل ومن خلاله يتم توزيع الكتاب الإسلامي باللغة البرتغالية والنشرات المختلفة وترجمة معاني القرآن والمشاركة في المعارض الدولية لتوزيع الكتاب مجانا والكثير من المناشط التعريفية داخل المدارس والجامعات.
وآتت هذه الخطوات ثمارها من خلال إسلام الكثير من البرازيليين، ومن هنا جاءت أهمية الخطوات التالية للعناية بهؤلاء المسلمين الجدد من خلال برامج “تعلم الإسلام” والذي يهدف للمحافظة على هويتهم الإسلامية عن طريق برامج علمية وتربوية.
كان من الضروري أن يتعاون الاتحاد مع مؤسسة دعوية لها ثقل في الساحة البرازيلية، ولذلك تم مخاطبة المجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل ليكون موجها ومرشدا وراعيا لتلك المرحلة الهامة في تربية المسلمين الجدد على المبادئ الإسلامية، وتكوين ملامح المشروع التعليمي والتربوي الخاص بهم .
فتم عمل دورات شرعية برعاية وإشراف مشايخ المجلس، وتم منح بعض هؤلاء المسلمين منحا دراسية للحصول على دورات لتعلم اللغة العربية ومبادئ الدين الإسلامي في جمهورية مصر العربية، وابتعاث بعضهم للدراسة في الجامعات الإسلامية بدول العالم الإسلامي.
وقد قام بعض دعاة المجلس بافتتاح المعهد اللاتيني الأمريكي للدراسات الإسلامية، والذي يتولى إدارته الدكتور الشيخ محمد القاسم الرهيدي عضو الهيئة التنفيذية وأخد أعضاء مجلس الفتوى بمجلس مشايخ البرازيل، ومهمته تدريس العلوم الإسلامية عن طريق شبكة الإنترنت ويضم عدد كبير من المسلمين الجدد.
ومن أهم المشاريع التربوية التي حرص عليها اتحاد المؤسسات الإسلامية هي الرحلات المجانية للحج والعمرة، والتي تكون سببا مهما في تثبيت هؤلاء المسلمين الجدد على دينهم، وقد تم هذا المشروع برعاية وإشراف المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في البرازيل حيث تمت استضافة 6 من المسلمين الجدد موسم ا الحج خلال العام الماضي.
ثم امتد هذا النشاط ليشمل المسلمين الجدد من قارة أمريكا اللاتينية فكانت العمرة التي تمت خلال شهر إبريل الحالي والتي ضمت مسلمين من “البرازيل – الباراجواي – بيرو – تشيلي”، واشتملت العمرة على برامج علمية وتربوية خلال عشرة أيام هي فترة الإقامة بمكة المكرمة والمدينة المنورة، حيث كانت هناك الدروس العلمية والزيارات الميدانية للأماكن التاريخية بمكة والمدينة المنورة.
وشملت الزيارة عقد لقاء بين المسلمين الجدد من قارة أمريكا اللاتينية وطلاب العلم الذين يدرسون بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة من تلك القارة للتعارف فيما بينهم وتحفيزهم لطلب العلم.
وقامت عائلة المهيدب بدعوة جميع المسلمين الجدد الذين استفادو من هذا البرنامج وعددهم 115 من 25 جنسية مختلفة في ديوانية جدة الخاصة بتلك العائلة الكريمة، حيث شارك الشيخ عماد المهيدب وبعض أفراد أسرته في تكريم المسلمين الجدد والاستماع لبعض القصص لأسباب اعتناقهم للإسلام وزيادة التعارف والارتباط فيما بينهم.
وفي نهاية اللقاء تم شكر القائمين على هذا المشروع العظيم من عائلة المهيدب والقائمين على تنظيمه، وتم توجيه الشكر لسفارات خادم الخرمين الشريفين في شتى بقاع المعمورة لتسهيلهم حصول هؤلاء المسلمين على تأشيرات العمرة.
إن رعاية المسلمين الجدد يحتاج للمزيد من الخطط والبرامج والتعاون والتنسيق بين المؤسسات المختلفة داخل البرازيل وخارجها، ويقع على المجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل العبء الأكبر، حيث يجب أن يعتمد المجلس منهجا علميا موحدا لتدريس الدين الإسلامي والتعريف به يعتمد على الوسطية ومراعاة الواقع البرازيلي، وحتى لا تكون الساحة عرضة لمناهج منحرفة أو أفكار متطرفة تكون سببا في نفور الناس من الإسلام بدلا من اعتماده منهجا لحياتهم وسبيلا لسعادتهم في الدنيا والآخرة.
ومن هنا يفتح المجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل ذراعية لأي مساهمة فعالة من داخل أو خارج البرازيل سواء من شخصيات أو مؤسسات للعمل على دفع مسيرة الدعوة الإسلامية والتعريف بها داخل البرازيل.
[1] باحث في شؤون الجالية المسلمة بأمريكا اللاتينية.