محمد خليل

عندما يشرق هلال ربيع الأول على الأمة الإسلامية، فإن الأقلام والألسنة تتبارى في الحديث عن ذكرى المولد النبوي الشريف، لكن الغريب أن يدعي البعض بأنه يحيي ذكرى الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن ذكرى الرسول عليه الصلاة والسلام لم تمت ولن تموت حتى يدعي أحد إحياءها! إذ كيف تموت ذكراه واسمه في الكتاب العزيز قرآنا يتلى كل حين؟ وكيف تموت ذكراه، ورب العالمين والملائكة يصليان عليه صلاة دائمة كاملة متصلة حيث قال تعالى: {إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.

وكيف نتصور كذلك أن تغيب الذكرى والمؤذنون على ملايين المآذن على امتداد العالم الإسلامي يدعون الناس إلى الصلاة، ومن بين كلمات الآذان: أشهد أن محمدا رسول الله؟!
وهل تخفى ذكراه ولا تزال سنته الراشدة فينا نستهدي بها، ونستلهم التطبيق الرشيد لآيات الكتاب العزيز منها، ونستفتيها في كل أمورنا، ونحل بها مشكلاتنا ومعضلاتنا؟! أنى لهذه الذكرى أن تنسى حتى تذكر؟ وأنى لها أن تمحى حتى تظهر؟! لذا أقول: إن ذكرى النبي صلى الله عليه وسلم قائمة في حياتنا، ماثلة في وجداننا، إن كان فينا بقية رشد للإسلام وهداه.
لقد ظهر الاحتفال أول ما ظهر في عهد الفاطميين الذين حولوا حياة المسلمين إلى مهرجانات واحتفالات، وموالد، وبدع، حتى أوهنوا قوة الأمة، وذهب ريحها، وتسلطت عليها غزوات الصليبيين من الغرب. إن فكرة الاحتفالات بالأشخاص كرمز لما يحملون من قيم منهج أوروبي يحول القيم العظيمة إلى أشكال فارغة، وقد اضطروا إليه لما أصاب مجتمعاتهم، من تمزق وغروب للقيم المختلفة، فحاولوا استبقاءها ولو شكلا، بما ابتدعوه من أعياد. ونحن نربأ برسول صلى الله عليه وسلم ومكانته السامية، أن تتحول ذكراه العطرة إلى هذه الصورة الباهتة.

أسلوب جديد للذكرى

أعتقد تماماً أنه لا يكفي أن نتذكر، أو نتأثر، أو نحرك المشاعر الهامدة، ونقضى ساعة من المتعة في رحاب الماضي المجيد الذي لا نعيده إلى الحياة، وإلى بؤرة الشعور إلا مرة كل عام ونظن بعدها أننا قد قمنا بواجبنا نحو إمام مدرسة الخلق القرآني، ومن تخرجوا في مدرسته، وعلى يديه.
إننا في حاجة إلى أسلوب جديد للتذكر؛ إننا لا نحتاج لإحياء الذكرى فحسب لأن ذكراه لن تموت، لكننا محتاجون لأن نحيا بهذه الذكرى، كي تسترد أمتنا عزتها وكرامتها، وتتبوأ مكانها اللائق بها بين صفوف البشر. والطريق إلى ذلك يسير جد يسير، وهو على أهل العزم والصدق غير عسير.
نحن مطالبون بأن نلتحق بمدرسة الخلق القرآني تحت ريادة أول قوام خاتم البشر، وأن نعايش قيم القرآن الكريم، ومثله العليا، ونصائحه الكريمة، وتوجهاته البناءة.
وأؤكد أننا –لو فعلنا هذا– لدبت الحياة العزيزة في أوصال أمتنا من جديد؛ لأن عودة الكرامة والقوة لأمتنا المسلمة رهن بعودة الخلق القرآني إليها، ومن ثم فلابد أن تكون قيادتنا كقيادته. وقضاؤنا كقضائه. وأسرنا تسير على نهج أسرته. ولنعتصم بالقيم التي اعتصم بها. وبهذا نكون قد أحسنَا التعامل مع حدث من أعز أحداث التاريخ وعندها تطرق ذكراه ساحة أمتنا كل يوم وكل عام حتى لو لم نحتفل به…(1)

زوجتي هي الحل!

أما عني أنا وبعيدا عن الأقلام المتبارية في الحديث عن الذكرى، قررت أنا وزوجتي أن نحيي الذكرى بشكل عملي وعلى مدار العام كله من خلال برنامج نحدد بنوده ونحافظ عليها؛ لذا قسمنا البنود إلى قسمين قسم خاص بالشعائر وقسم خاص بالأخلاق والسلوكيات.

أما عن الجزء الذي يخص الشعائر والعبادات فقد اتفقنا على الآتي:
1.الصلاة على وقتها.
2. صيام ثلاثة أيام من كل شهر أو الاثنين والخميس إن أمكننا ذلك.
3. متابعة أذكار الصباح والمساء قبيل الفجر وقبيل الغروب.
3.صلاة الضحى والنوم على وتر.
5.ورد قرآني يومي.

أما على المستوى السلوكي والأخلاقي فقررنا كتابة أعمال نقوم بتنفيذها في محيط الأسرة والبيئة المحيطة بنا ومنها:
1. عمل قائمة بأرقام تليفونات الأقارب وبعض المعارف الثقة للاتصال بهم بشكل دوري.
2. القيام بزيارة لدور الأيتام الموجودة بالمنطقة والمشاركة بأي عمل تطوعي ممكن.
3. الاطمئنان بشكل دوري على بعض الجيران خاصة من لهم ظروف خاصة.
4. توزيع هدايا بسيطة جدا بشكل دوري داخل المسجد أو خارجه لصنع شيء من التآلف.
5. تخصيص مبلغ ثابت شهريا للصدقة خاصة لليتامى والفقراء والمساكين والأرامل على حسب مستوى الدخل.
6. تخصيص وجبة إضافية لأسرة فقيرة كل أسبوع تكفي لأربعة أشخاص من نفس الطعام الذي نتناوله بدلا من نسبة الفقد التي تفيض من الطعام اليومي.
7. زيارة المرضى من الأقارب والجيران كلما أمكننا ذلك وإن عجزنا عن ذلك فعلى الأقل الاتصال تليفونيا.
8. البدء من ناحيتنا بإصلاح ذات البين والاتصال بمن بيننا وبينهم سوء تفاهم أو بعض الخصومات.
هذا ولا تزال المشاورات بيني وبين زوجتي في هذا الجدول مستمرة سواء بالحذف أو الزيادة، حسب القدرة المالية والصحية لكل منا، ولكن لضمان نجاح هذا الجدول واستمراره طوال العام، طلبت من زوجتي أن تكون المسئولة عن تنفيذه ومتابعته حتى أتأكد من جدية تنفيذه، وأدعو الله أن تكون زوجتي هي الحل.