أعطت الطاقة الشمسية بارقة أمل، وغيرت حياة الكثيرين من سكان مالاوي، وهو بلد غير ساحلي في جنوب شرقي إفريقيا، ويعاني أزمة كهرباء طاحنة.
نقطة التحول بدأت برحلة قامت بها ثماني نساء قرويات إلى الهند، حيث تم تدريبهن كمهندسات في مجال الطاقة الشمسية.
ومولت “الخدمة التطوعية لما وراء البحار”، وهي منظمة غير حكومية، رحلة النساء الثمانية إلى الهند.
بدأت المجموعة النسائية، وهي من قرية تشيموالا المتاخمة لبحيرة مالاوي (أكبر بحيرة في العالم)، مشروعا لتوليد الكهرباء من الشمس، ما أدى في النهاية إلى إنارة ثماني قرى خارج العاصمة ليلونغوي.
وتنتشر مساحات خضراء شاسعة في تشيموالا، حيث تغطيها المناظر الطبيعية مد البصر.
ومالاوي بلد فقير، حيث يعيش 53 بالمئة من سكانه (18.62 مليون) تحت خط الفقر، وتتوفر الطاقة الكهربائية لـ10 بالمئة فقط من السكان.
وحتى أولائك المحظوظين بالتيار الكهربائي لا ينعمون به باستمرار؛ بسبب انقطاعه المتكرر، لتخفيف الأحمال.
يوميا، تتوفر الكهرباء لما بين 6 و10 ساعات، وأحيانا ينقطع التيار لثلاثة أيام.
ووعدت الحكومة بربط المدارس والمستشفيات والمنازل بشبكة الطاقة، لكنه حلم لم يتحقق حتى الآن.
في ديسمبر 2018 تم تأجيل جلسة برلمانية بسبب انقطاع التيار الكهربائي. فيما تعتمد الشركات الصغيرة على مولدات مكلفة.
ولكونه بلد غير ساحلي، فإن توفير الوقود في مالاوي هو أمر مكلف.
وتوجد مشاكل عديدة في المستشفيات، حيث تتطلب المعدات المنقذة للحياة توفير الطاقة على مدار الساعة.
محطات صغيرة
أمام ذلك المشهد الصعب، ظهر بصيص أمل في قرية تشيموالا، حيث واجهت النساء القرويات الثمانية هذا التحدي، وتمكنّ في النهاية من إضاءة الريف.
للوهلة الأولى، يشبهن المزارعات العاديات، لكنهن في الحقيقة أصبحن مهندسات في مجال الطاقة الشمسية.
وأصبحن ماهرات في إدارة محطات الطاقة الشمسية الصغيرة، رغم حصولهن على التعليم الابتدائي فقط.
في تشيموالا، ومع بدايات شروق الشمس، تسقي جين أزيبو، وهي سيدة تسير حافية القدمين، مزرعتها باستخدام الطاقة الشمسية.
في السابق، كان عليها أن تسير أكثر من خمسة كيلومترات لجلب المياه.
تقول جين للأناضول: “الآن أجد المياه هنا في مزرعتي”، مشيرةً إلى شبكة من الأنابيب تربط مزارع عديدة.
وتضيف: “نضخ المياه من الأرض باستخدام محركات تعمل بالطاقة الشمسية.. نسقي مزارعنا مرتين يوميا، ونخزّن المياه في خزانات”.
وحلت النساء الثمانية بذلك إحدى أكبر مشاكل مالاوي.
وأصبحت الكهرباء تضىيء مدرسة القرية، ويمكن للأطفال الآن حضور فصول المساء، بفضل مصابيح تعمل بالطاقة الشمسية، تم تركيبها في فصولهم.
وتقول داينز مسامفا، وهي واحدة من مجموعة النساء المدربات، إن مجموعتها تلقت معظم المعدات من منظمات غير حكومية وشركات من جميع أنحاء العالم.
وتتابع للأناضول: “كنا نستخدم الحطب في الطهي.. كنا نشعر بالقلق لأننا نقضي على الأشجار بمعدل ينذر بالخطر. الآن استخدم الطاقة الشمسية للطبخ في المنزل وإضاءة المدرسة وري مزارعنا”.
لم تقلل الطاقة الشمسية من تلوث الهواء فحسب، بل أعطت أيضا زخما لمهن جديدة، مثل مقاهي الإنترنت ومحلات الحلاقة، وغيرها.
وتضيف مسامفا أنها تقوم بتشغيل آلات طحن أيضا باستخدام الطاقة الشمسية، لإنتاج الدقيق (الطحين) من الحبوب، كالذرة والقمح.
وتربح النساء اللواتي تشغلن أجهزة تعمل بالطاقة الشمسية أموالا يستخدمنها أيضا في صيانة الألواح الشمسية.
تحسن الأمن
يقول مستشار التعليم الابتدائي في ملاوي، كريسي بوندو، للأناضول، إن الحكومة تدرك أهمية الطاقة المتجددة النظيفة.
ويزيد بوندو بقوله: “لدينا فصولا مسائية بفضل الألواح الشمسية التي تُكمل الجهود الحكومية”.
ويضيف أن الحكومة تخطط لربط جميع المدارس بالشبكة الوطنية للكهرباء.
ويتابع: “أصبح الأطفال قادرون على حمل أجهزة (آي باد) وتعلم الأشياء.. لم تكن الفرصة متاحة لهذا من قبل. تأتيهم التعليمات من المعلمين على الأجهزة، وهي مثيرة للطلاب”.
ويعتقد جورج نيانجو تشاموالا، حاكم المنطقة، أن توفر الكهرباء على مدار الساعة قد حسن أيضا من الأمن في المنطقة.
ووفقا لتقرير البنك الدولي لعام 2019، تحظى مالاوي بإمكانات شمسية غير مستثمرة، بمعدل ثلاثة آلاف ساعة من أشعة الشمس سنويا.
لكن رغم ذلك، تعد مالاوي أقل دول العالم وصولا إلى الكهرباء.