صدر حديثًا عن جمعية البلاغ الثقافية بقطر كتاب ” آداب التعامل مع فتاوى الإنترنت (شبكات التواصل الاجتماعي)”، من تأليف الباحث الشرعي إدريس أبيدمي أحمد. ويعد هذا الكتاب إضافة هامة إلى المكتبة الإسلامية في ظل التحديات الراهنة التي يواجهها المسلمون في التعامل مع الفتاوى المنشورة على الإنترنت. يهدف الكتاب إلى تقديم رؤية متوازنة حول كيفية الاستفادة من هذه الفتاوى دون الوقوع في فخ الفتاوى غير الموثوقة، التي قد تتسبب في تضليل الناس وانحرافهم عن الطريق الصحيح.

يتناول الكتاب قضية الفتوى عبر الإنترنت، التي أصبحت واقعًا لا يمكن تجاهله في عصر التكنولوجيا الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي. يشير المؤلف إلى أن الاعتماد المتزايد على هذه الفتاوى قد يكون محفوفًا بالخطر إذا لم يتم التعاطي معها بحذر ودقة. ويأتي هذا الكتاب ليُسلِّط الضوء على أهمية الفتوى في حياة المسلم وكيفية التعامل مع الفتاوى المتاحة على الإنترنت بشكل صحيح، بما يضمن الوصول إلى الفتاوى السليمة والمعتمدة من أهل العلم الثقات.

يتكون الكتاب من مقدمة وفصلين رئيسيين، يركز كل منهما على جوانب محددة من موضوع الفتاوى على الإنترنت. في مقدمة الكتاب، يُبرِز المؤلف التأثير الإيجابي والسلبي لوسائل الإعلام الحديثة، خاصة الإنترنت، في نشر الفتاوى الشرعية. ويؤكد أن الإنترنت، رغم ما يقدمه من سهولة وسرعة في الوصول إلى المعلومات الدينية، قد يحمل في طياته مخاطر جمة إذا لم يُستخدم بحذر ووعي كافيين. يشير الكتاب إلى أن انتشار الفتاوى عبر شبكات التواصل الاجتماعي قد يؤدي إلى تشويش العقول إذا لم تكن هذه الفتاوى صادرة عن علماء مؤهلين.

الفصل الأول: مقدمة في أهمية الفتوى على الإنترنت

يبدأ الفصل الأول من كتاب ” آداب التعامل مع فتاوى الإنترنت ” بتقديم نظرة عامة حول أهمية الفتوى في الدين الإسلامي، مشيرًا إلى مكانتها كأداة شرعية تُوجِّه المسلم في أمور دينه ودنياه. يناقش المؤلف حكم الإفتاء والاستفتاء في الإسلام، ودور المفتي في توجيه الناس وتبيين الأحكام الشرعية. يوضح الفصل أيضًا آداب طلب الفتوى (الاستفتاء)، مؤكدًا على ضرورة أن يكون المسلم حذرًا في اختيار من يستفتيه، والتأكد من أهلية المفتي في إصدار الأحكام الشرعية.

يُبرز هذا الفصل الدور الحساس الذي تلعبه الفتاوى في توجيه الناس وحمايتهم من الوقوع في الخطأ أو الانحراف. الفتوى ليست مجرد رأي يُطرح، بل هي توجيه شرعي قائم على الكتاب والسنة، ومن هنا تنبع ضرورة التأكد من صحة الفتوى وصوابها قبل العمل بها أو نشرها بين الناس.

الفصل الثاني: وسائل الإفتاء ومواقع التواصل الاجتماعي

يركز الفصل الثاني على تطور وسائل الإفتاء من الزمن القديم إلى العصر الحديث، مع تسليط الضوء على خصائص الإفتاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي. يناقش المؤلف كيف تطورت وسائل نشر الفتاوى من خلال التراث الإسلامي وصولًا إلى العصر الرقمي، ويُشير إلى أن هذه الوسائل، رغم ما توفره من فرص، تحمل مخاطر تستدعي الحذر.

يُعرِّف المؤلف بمخاطر الفتاوى التي تُنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرًا إلى المخاطر المتعلقة بشخصية المفتي وطبيعة الوسائل الإلكترونية المستخدمة. يُبرز الكتاب أن غياب الرقابة الدقيقة على ما يُنشر من فتاوى قد يؤدي إلى انتشار الفتاوى الباطلة، التي قد تضلل المسلمين وتُوقعهم في الخطأ. كما يُنبه إلى أن سرعة انتشار المعلومات عبر الإنترنت يمكن أن تُسهم في تداول فتاوى غير دقيقة أو غير موثوقة.

إضافة إلى ذلك، يُقدّم كتاب ” آداب التعامل مع فتاوى الإنترنت ” مجموعة من الضوابط التي يجب أن يلتزم بها كل من المفتي والمستفتي عند التعامل مع الفتاوى المنشورة على الإنترنت. وتشمل هذه الضوابط التأكد من أهلية المفتي، والتحقق من مصداقية الفتوى، وفهم السياق الذي صدرت فيه. كما يُشير المؤلف إلى ضرورة توخي الحذر في نشر الفتاوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتأكد من أنها تصب في مصلحة المسلمين ولا تُسهم في نشر الفوضى أو الجهل.

الخاتمة والتوصيات

في ختام كتاب ” آداب التعامل مع فتاوى الإنترنت ” ، يقدم إدريس أبيدمي أحمد توصيات هامة لكل من يتعامل مع الفتاوى عبر الإنترنت. يُشدد المؤلف على أهمية الرجوع إلى العلماء الثقات وعدم الاعتماد على الفتاوى المجهولة المصدر. كما يُوصي بنشر الوعي بين المسلمين حول مخاطر الفتاوى غير الموثوقة، والتأكيد على أهمية طلب الفتوى من المصادر المعتمدة فقط.

يُعتبر كتاب “التعامل مع فتاوى الإنترنت (شبكات التواصل الاجتماعي)” مرجعًا قيمًا لكل من يرغب في فهم التحديات التي تفرضها الفتوى في عصر الإنترنت، وكيفية التعامل معها بشكل علمي ومنهجي يضمن الوصول إلى الفتاوى الصحيحة والمعتمدة. إنه دليل عملي للمسلمين في كيفية الاستفادة من الإنترنت بشكل يخدم دينهم ويجنبهم الوقوع في الخطأ أو التضليل.


كتاب: التعامل مع فتاوى الإنترنت (شبكات التواصل الاجتماعي)

 تأليف: إدريس أبيدمي أحمد

 إصدار: جمعية البلاغ الثقافية – قطر، 2024م.