صدر حديثا كتاب جديد بعنوان: “تطور الفكر التربوي .. مقاربات فلسفية” ، من مكتبة الفلاح في دولة الكويت، من تأليف بدر محمد ملك ولطيفة حسين الكندري، وهما يعملان بكلية التربية الأساسية التابعة للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب بالكويت.

يتكون الكتاب من 512 صفحة، واستند إلى مئات من المراجع المتخصصة إضافة إلى حصيلة رحلة شخصية في دراسة الفكر التربوي قام بها الباحثان منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي.

تناول الكتاب دور الحضارات القديمة في رفد المسيرة التعليمية، ويحتوي على ستة أبواب؛ الباب الأول البُنية المفاهيمية ويستعرض مصطلحات ومصادر وقضايا تطور الفكر التربوي، والفكر في القرآن الكريم وعند الفلاسفة ومعوقاته؛ الباب الثاني الحضارات القديمة؛ الباب الثالث تطور الفكر التربوي الإسلامي؛ الباب الرابع: الفكر الغربي من العصور الوسطى إلى العصر الحديث؛ الباب الخامس: مربون من حول العالم؛ الباب السادس: نقوش فكرية والخاتمة وأبرز المراجع العربية والأجنبية.

أكد الباحثان على أن الفكر التربوي يسع جميع الجهود المبذولة في مجتمع من المجتمعات لتحسين نوعية الحياة في ميدان التربية والتعليم لتكوين رؤية أفضل لأنفسنا، ومحيطنا وعلاقاتنا وممارساتنا. وهذا الإنتاج العلمي الجديد حصيلة اجتهادات مكتسبة من معاينة منجزات علماء التربية لسبر غور النسيج التربوي وفهم منظوماته القيمية بغرض إبراز ومعالجة مسائل مهمة من شأنها أن تشكل شخصية المعلم أملا في إعداده إعدادا مهنيا وثقافيا.

يتطرق الكتاب بما فيه من الأصول والتفريعات والاستطرادات والمصطلحات- إلى ملامح تطور الفكر التربوي على نحو يمد القارئ الكريم بالأفكار العامة في هذا المجال لتنمية مساره، وتحسين واقعه، وتحصين مجتمعه، وبناء مستقبله وفق أسس رصينة. ويتضمن هذا الإصدار أيضا مقاربة فلسفية؛ محاولة تحليلية موثقة لتقديم إطلالة تقرب مقاصد التربية الإنسانية واتجاهاتها وحضاراتها وفلاسفتها وتحولاتها العامة. ومن أهداف هذا الكتاب دراسة قبسات ونماذج من مسارات الفكر في ائتلافه واختلافه، والتطرق إلى أبرز الخصائص التربوية للحضارات الإنسانية، والتعريف بتطور العلوم ومؤسسات التنشئة الاجتماعية في بلاد الرافدين واليونان ومصر والهند والصين والرومان مرورا بالعصور الوسطى ثم عصر النهضة والعصر الحديث.

وتحدث الكاتبان عن أبرز سمات التربية العربية في العصر الجاهلي والعصر الحديث، وقدما في نهاية الباب الأول نبذة عن تطور التعليم في دولة الكويت وأهم رواد التربية ونبذة عن النظام الإداري في المدرسة المباركية. وفي هذا السياق تطرق الكتاب إلى عرض منجزات الحضارة الإسلامية، وبيان أهم معاهدها التنويرية وعلومها وفنونها ومدارسها الفكرية ومكتباتها وجامعاتها ومستشفياتها وعطاءات التربية الموسيقية والقيم الكبرى للمعلمين والمتعلمين. أشار الكتاب إلى أبرز مظاهر التربية والتعليم في عدة مدارس فكرية مشهورة وهي:

1- مدرسة الفقهاء والمحدّثين.

2 – مدرسة الأشاعرة وعلماء الكلام.

3- مدرسة الفلاسفة.

4- مدرسة الصوفية.

5- مدرسة الشيعة.

وتناول الكتاب أيضا دراسة أفكار عدد من المربين الأفذاذ من أمثال كونفوشيوس، وأفلاطون وأرسطو وشيشرون وكونتليان، وابن مسكويه، وابن سينا، الغزالي، وابن رشد، وابن خلدون، وأوغسطين، ومارتن لوثر، وإرَازْمِس، وفرنسيس بيكون، وكومنيوس، ويوهان فريدريتش هربارت، وتوماس الأكويني، وجون ستيوارت مل، وجون ديوي، وباولو فريري، وهنري جيرو، وهوارد غاردنر وغيرهم. وتطرق الباحثان إلى تاريخ بناء الجامعات في الغرب والشرق، والحركة اليسوعية، ونهضة العلوم، والصالونات الثقافية، وفلسفة التربية النسوية.

ومن المراجع الرئيسة في بناء صرح هذا الكتاب: كتب الفكر التربوي؛ الموسوعة العربية (السورية) 2011م؛ الموسوعة العربية العالمية (السعودية) 2004م؛ قصة الحضارة للفيلسوف ويل ديورانت، وبعض الموسوعات الأجنبية منها الموسوعة البريطانية (Encyclopædia Britannica)، ومجموعة من الإصدارات التي قام المؤلفان بتأليفهما في الفكر التربوي منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي إلى اليوم. واستند الباحثان أيضا على ثمار عدد من المكتبات الإلكترونية من أبرزها المكتبة الشاملة السعودية، ومكتبة الهنداوي المصرية، ومكتبة كويستيا (Questia) التي تحتوي على مراجع أجنبية عالمية، وقاموس المعاني (مجموعة قواميس)، ومعجم اللغة العربية المعاصرة من تأليف أحمد مختار عمر وآخرون.

أكد الكتاب على أن الإنسان الذي لا يتعلم لا يتطور، والفكر أداة بحث واجتهاد في كل شئون الحياة. ونتيجة لذلك فإن الحياة – في جميع محطاتها الطويلة والقصيرة – رحلة استكشافية أساسها المثابرة لكسب المعرفة والخبرة. ولأن الفكر لا وطن له، ونمو المعرفة الإنسانية حصيلة تطورات لا حصر لها فإن التفاعل مع التراث الإنساني ضرورة حياتية. وعلى هذا المنوال تتأثر المناهج الدراسية وفقا لما نتعلم من تجاربنا الإنسانية فتتبدل فلسفات التربية والتعليم وآلياتها واشتراطات سوق العمل في الطالب الخريج من كليات التربية وغيرها.

إن التربية في جوهرها عملية إنسانية مستمرة لمواكبة الواقع، وتنمية شخصية المتعلم، وتشجيع قدراته على توليد المعاني والأفكار في كافة الميادين ولما فيه الصالح العام. وفي نهاية المطاف فإن الكتاب بكافة فصوله مقاربة توثيقية تحليلية لعدد من الأحداث والشخصيات التي شكلت ملامح التربية الحديثة.