يعد شهر رمضان من الأشهر المباركة في الإسلام، وله مكانة عظيمة في قلوب المسلمين، حيث فرض الله فيه الصيام وجعل فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. ويتباد للذهن سؤال كم مرة ذكر شهر رمضان في القرآن الكريم؟ أو عدد مرات ذكر شهر رمضان في القرآن الكريم. هذه المقالة تسلط الضوء على ورود ذكر رمضان في القرآن مع تفسيره.

كم مرة ذكر شهر رمضان في القرآن؟

لم يذكر شهر رمضان في القرآن الكريم سوى مرة واحدة فقط، وذلك في قوله تعالى: { شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْءَانُ هُدًۭى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٍۢ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍۢ فَعِدَّةٌۭ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا۟ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا۟ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }
(سورة البقرة: 185)

تفسير الآية

جاء في تفسير السعدي : {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}؛ أي: الصوم المفروض عليكم هو شهر رمضان الشهر العظيم الذي قد حصل لكم فيه من الله الفضل العظيم، وهو القرآن الكريم المشتمل على الهداية لمصالحكم الدينية والدنيوية وتبيين الحق بأوضح بيان، والفرقان بين الحق والباطل والهدى والضلال وأهل السعادة وأهل الشقاوة، فحقيق بشهر هذا فضله، وهذا إحسان الله عليكم فيه، أن يكون موسماً للعباد مفروضاً فيه الصيام، فلما قرره وبين فضيلته وحكمة الله تعالى في تخصيصه قال: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}؛ هذا فيه تعيين الصيام على القادر الصحيح الحاضر، ولما كان النسخ للتخيير بين الصيام والفداء خاصة، أعاد الرخصة للمريض والمسافر لئلا يتوهم أن الرخصة أيضاً منسوخة فقال: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}؛ أي: يريد الله تعالى أن ييسر عليكم الطرق الموصلة إلى رضوانه أعظم تيسير ويسهلها أبلغ تسهيل، ولهذا كان جميع ما أمر الله به عباده في غاية السهولة في أصله، وإذا حصلت بعض العوارض الموجبة لثقله؛ سهله تسهيلاً آخر إما بإسقاطه أو تخفيفه بأنواع التخفيفات، وهذه جملة لا يمكن تفصيلها، لأن تفاصيلها جميع الشرعيات، ويدخل فيها جميع الرخص والتخفيفات. {ولتكملوا العدة}؛ وهذا والله أعلم لئلا يتوهم متوهم أن صيام رمضان يحصل المقصود منه ببعضه، دفع هذا الوهم بالأمر بتكميل عدته، ويشكر الله تعالى عند إتمامه على توفيقه وتسهيله وتبيينه لعباده وبالتكبير عند انقضائه، ويدخل في ذلك التكبير عند رؤية هلال شوال إلى فراغ خطبة العيد.

يُلاحظ أن هذه الآية الوحيدة التي ذكر شهر رمضان في القرآن الكريم ، لكنها تحمل معاني عظيمة تتعلق بالصيام ونزول القرآن وهداية الناس.

لماذا لم يذكر رمضان أكثر من مرة؟

رغم أهمية شهر رمضان في الإسلام، إلا أن ذكره مرة واحدة فقط في القرآن الكريم يحمل دلالات عميقة، منها:

  • التأكيد على الهدف الأسمى: لم يكن الهدف من ذكر رمضان تعديد فضائله بذكره المتكرر، بل تسليط الضوء على الغاية الأساسية منه، وهي نزول القرآن وفرض الصيام.
  • ورود ذكر الصيام في مواضع أخرى: رغم أن رمضان لم يذكر إلا مرة، إلا أن الصيام ذُكر في عدة آيات، مثل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (سورة البقرة: 183)

فضائل رمضان من السنة النبوية

بينت السنة النبوية فضل رمضان في العديد من الأحاديث، ومنها:

  • مغفرة الذنوب: قال رسول الله : “من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه” (متفق عليه).
  • ليلة القدر: جاء في الحديث “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه” (البخاري ومسلم).
  • استجابة الدعاء: قال النبي : “إن لله تعالى عتقاء في كل يوم وليلة، لكل عبد منهم دعوة مستجابة” (رواه أحمد).

خاتمة

على الرغم من أن شهر رمضان ذُكر في القرآن مرة واحدة فقط، إلا أن هذه الآية حملت معاني عظيمة تتعلق بنزول القرآن، وفرضية الصيام، وتيسير الله لعباده. كما أكدت السنة النبوية مكانة هذا الشهر الفضيل من خلال بيان فضائله الكثيرة. إن رمضان ليس مجرد شهر في التقويم الإسلامي، بل هو موسم للتقرب إلى الله، وفرصة لغفران الذنوب، والتزود بالتقوى.