شهر رمضان هو وقت للتوقف عن الملذات الدنيوية وتركيز على النفس وروحها الداخلية، وهي بمثابة محطة تذكير لمن هم أقل حظا فى هذه الحياة. وعملية الصوم عملية لها فوائد روحية وفوائد جسدية كثيرة، ولكن هل يفيد الصوم صحة الدماغ مثلا؟
الصوم هو القاسم المشترك بين جميع الأديان في العالم وتمارس طقوسه لأسباب مختلفة، وفي أوقات وأيام مختلفة.
المسلمون يصومون شهر رمضان والهندوس يمارسون الصيام أسبوعياً أو في أيام معينة من السنة، بينما تستمر فترة الصيام في الديانة المسيحية إلى حوالي ستة أسابيع والذي يعرف بـ ” الصوم الكبير”.
كذلك الأديان الأخرى مثل البوذية والطاوية واليهودية تعرف الصوم وتمارسه.
الأسباب الروحية للصيام هي نفسها إلى حد كبير – لتكون أقرب إلى الله – لكن الآثار المادية من الصوم ماثلة للعيان، حيث أظهر العلم أنه يجب أن يكون جزءا من حياتنا اليومية، كما أثبتت دراسات عديدة فائدة الصوم لأجسادنا.
فوفقا لـ لأيورفيدا – منظومة طبية عشبية – فإن الجهاز الهضمي يكون في حالة راحة أثناء الصوم لعدم وجود أي طعام للهضم، فتقوم المعدة بحرق السموم. فكيف بهذه الطريقة يفيد الصوم في صحة الدماغ؟
يقول مارك ماتسون، الرئيس الحالي لمختبر العلوم العصبية في المعهد الوطني للشيخوخة بالولايات المتحدة ، إن الصيام أو فكرة الوجبات الغذائية المقيدة لديها فوائد جمة على الدماغ، فالصيام يحسن الوظيفة الإدراكية، ويقاوم الإجهاد، ويقلل من الإلتهاب.
ومن فوائد الصوم أيضاً:
– الصوم يماثل ممارسة الرياضة البدنية
يتناول الفرد ثلاث وجبات كاملة في اليوم، وأحيانا وجبات خفيفة منتصف اليوم. أثناء الصيام، يدرك الدماغ نقص الغذاء في وقت معين ويعتبر ذلك تحديا ويقوم بالتالي بالتغلب على ذلك عن طريق التكيف مع مسارات الاستجابة للضغط النفسي (التي تساعد الجسم على التعامل مع التوتر والمخاطر)، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة في إنتاج البروتين في الجسم والذي بدوره يساعد في نمو الخلايا العصبية وهذه السلسلة من ردود الفعل تشبه تجارب الجسم بعد ممارسة الرياضة البدنية المنتظمة.
– الصوم يحسن الذاكرة
الصوم يحسن قدرة الخلايا العصبية لدينا على إصلاح الحمض النووي. لكن لماذا يحتاج الحمض النووي للإصلاح؟
لأن الأشعة فوق البنفسجية وأنواع مختلفة من الإشعاع تؤثر سلبا على الحمض النووي. ونتيجة لتحسن الحمض النووي ومع كثرة عدد الخلايا العصبية، تكون المسارات (أو نقاط الاشتباك العصبي كما يطلق عليها) أكثر نشاطا، وبالتالي تؤدي إلى تحسين التعلم و قدرة الذاكرة.
– زيادة مناعة الجسم
خلصت الأبحاث من جامعة جنوب كاليفورنيا بأن الصوم يدفع الخلايا الجذعية لدينا بأن تكون في حالة تجديد ذاتي. الصوم يقتل الخلايا المناعية القديمة والتالفة ويعطي الفرصة لنمو خلايا صحية جديدة.
يحدث هذا لأنه عندما يتلقى الجسم كميات قليلة من الطعام، فإنه يحاول الحفاظ على الطاقة، وأفضل طريقة للقيام بذلك هي تدمير الخلايا التي ليست مفيدة أو تالفة.
– الصوم يساعد في السيطرة على نوبات الصرع ومرض السكري
يتم تقييد الوجبات الغذائية والسعرات الحرارية التى يتناولها بعض المرضى مما يساعد في التقليل من الإشارات المؤدية إلى النوبات. وخلصت دراسة من ولاية يوتا عام 2008، بأن الصوم يمكن أن يخفض مستويات الكولسترول غير الصحية وفي بدء التغيرات الأيضية، وبالتالي تقليل فرصة حدوث الكثير من الأمراض المرتبطة بالقلب بنسبة تقترب من 85٪.
– الصوم يساعد على التخلص من السموم
عملية إزالة السموم تشمل القضاء على السموم التي ينتجها الجسم بسبب وظائفه اليومية. الصوم يساعد على هذه العملية، وعندما لا يكون هناك طعام، يبدأ الجسم فى حرق احتياطيات الدهون والتي تحتوي على السموم المشار إليها للحصول على الطاقة وبالتالي فإن الجسم يطهر نفسه.
ويشير ماتسون إلى أن جسم الإنسان لا ينبغى عليه استهلاك الكثير من المواد الغذائية كما هو حاصل هذه الأيام.
الرجل البدائي، لم يكن يتخم معدته بالطعام وهذا ما أعطاه القدرة على البقاء.
إن حقيقة أن لدينا “فائض” من الدهون هو دليل على أننا نستهلك الكثير من الطعام، لذا فإن الصيام بجانب فوائده الروحية فإن لديه فوائد صحية كثيرة.