انتشرت حركات التنصير في أفريقيا بشكل واسع في العصور المعاصرة وحتى اللحظة الحالية . ولقد ميز المؤرخون بين مفهوم التبشير والتنصير بأن الأول بين الوثنيين والثاني بين المسلمين. لقد تعددت الدوافع التي دفعت للتبشير من دوافع دينية إلى اقتصادية إلى سياسية إلى إنسانية.
لقد كانت أهداف المبشرين المعلنة نشر المسيحية وأنهم جاءوا إلى أفريقيا بدافع ديني وهو نشر المسيحية والدعوة إلى الخلاص المسيحي ولقد تنبه البروتستانت إلى أهمية نشر الدين المسيحي بين وثنىَّ أفريقيا وبدأوا يعدون العدة لذلك وكانت وسيلتهم الكشف أولاً ثم التبشير. وعندما بدأت إنجلترا تتطلع إلى أفريقيا عملت معها الكنيسة الإنجليكانية جنباً إلى جنب بل سبقتها في كثير من الميادين. وفي الفترة الإستعمارية من تاريخ القارة الإفريقية فأن البعثات التبشيرية المسيحية اتخذت من سيادة الوثنية في أفريقيا ذريعة لها تبرر بها تسللها إلى المنطقة فقد كانت هذه البعثات تعلن أن هدفها هو نشر المسيحية. وبذلك فإننا لا نقلل من أهمية العامل الديني من أجل تحقيق أهداف أخرى.
لقد كان للمبشرين أهداف ودوافع اقتصادية حيث كانت أوائل الإرساليات في أفريقيا ذات هدف اقتصادي حيث أنها كانت تحث على التجارة الشرعية بين الأفارقة والأوربيون وهو غرض اقتصادي ولقد دفع المبشرون ما كانوا يتلقوه من هبات وهدايا عينية ما يزيد على نفقاتهم الفعلية وزيادة كبيرة. بالإضافة إلى ما كانوا يكسبون من جراء عمل طلاب مدارس التبشير في النواحي المهنية الزراعية وغيرها فكان التبشير عملية مربحة. ولقد كان يمنح المبشرين الامتيازات في السفر وفى الاستيلاء على الأراضي.
ولقد كان للتبشير أغراض سياسية معاونة للاستعمار حيث اعتمدت الحكومة عليهم أكثر من اعتمادها على القوات العسكرية حيث عملوا على التودد والالتحام بالأفارقة وتنصيرهم وأن يكنزوا أموالهم في السماء ومن الأغراض السياسية للكنيسة التي تقوم بالتبشير العمل على صبغ أهل البلاد بلون من الحضارة أي حضارة الرجل الأبيض بأن تخلق طبقة على قدر من الثقافة لها ارتباطها الروحي والمعنوي بالدولة ذات السيادة ويتعاون أفرادها على دعم السيطرة الاستعمارية.
وليس معنى ذلك أن المبشرون كان هدفهم السيطرة السياسية لأنهم لا يستطيعون القيام بهذه المهمة وحدهم حيث أنهم في حاجة إلى مساعدة خارجية تحميهم من غارات أعدائهم فكان التبشير سن الرمح للاستعمار.
أعلنت البعثات التبشيرية أن هدف التبشير هدف حضاري إنساني يهدف إلى القضاء على الجهل ونشر التعليم وتعليم المواطنين القراءة والكتابة وبعض الحساب ورفع مستوى المعيشة ولقد اعتبرته أنه ضرباً من ضروب التضحية البشرية وإنكار الذات والبطولة. وقد مات فعلاً عدد كبير من أفراد البعثات التبشيرية بالحمى الصفراء والملاريا مما دفعهم إلى إنشاء المستشفيات والمصحات وقام أفرادها بتقديم العلاج للمواطنين. وادعت جمعيات تبشيرية أخرى أن هدفهم العمل على جلب التقدم للأفارقة ونقل الحضارة المسيحية الأوربية إليهم ولقد اتضح ذلك من خلال بعثة النيجر سنة 1841 التي أعلنت أن هدفها تحضير أهالي النيجر وزيادة التجارة ونشر المسيحية ويقول ليفنجستون أن هدف التبشير تحقيق الخير للأفارقة، وكان يعتقد أن الله يساعد الإرساليات التبشيرية مما جعله ينضم إلى جمعية لندن التبشيرية London Missionary Society وأن يعمل كمبشراً للمسيحية تحت لواء هذه الجمعية التبشيرية.
بذلك فقد تعددت دوافع التبشير بين دينية واقتصادية وسياسية وإنسانية وحضارية ورغم الأموال الكثيرة التى تنفق والتى تقوم بها جمعيات تنصيرية أوربية تدعمها حكومات أوربية إلا أن قارة إفريقيا تعرف بالقارة المسلمة، فـ 65 في المئة من سكانها مسلمين، وتضم 25 دولة غالبية أهلها يدينون بالإسلام، وهي ثاني قارة تضم مسلمين .ورغم الجهود الفردية لنشر الإسلام فإنه أسرع عقيدة تنمو لإنها الأقرب للعقل ومنهج حياة لتنظيم حياة الإنسان بجميع نواحيها .