زهير سالم
ويتقرر أمام هذه الآية الكريمة، الفصل المطلق والبينونة الكبرى بين مقامي الألوهية ومقام العبودية، حتى في شخص الرسول الكريم ومقامه ومهمته ودوره .
ليس لك من أمر عبادي شيء؛ أهدي من أشاء، أتوب على من أشاء، أغفر لمن أشاء، أرحم من أشاء، من اختار الضلالة والغواية أعذبه كيف شئت وحين أشاء. وليس لك من الأمر شيء ” إنما أنت مذكر ” ” إنما أنت نذير ” ” إنما أنت منذر ” أنت رسول بشير ونذير ومبلغ وإنما ” عليك البلاغ وعلينا الحساب “. وما أكثر ما تتردد هذه الآيات البينات في سياقات القرآن الكريم.
” ليس لك من الأمر شيء “
وكتاب التكليف واضح بين قاطع فاصل. وأقوال المفسرين في الآية تدير الرؤوس وتذهب بالألباب وكلها تحسم وتوضح وتشتق من هذه الآية الكريمة الأحكام. يجب أن يكون نزول هذه الآية فارقا في تاريخ التشريع الإسلامي بين أحكام وأحكام ما يزال المسلمون يخلطون بينها ليس كما يخلطون في نصوص تحريم الخمر ما قبل وما بعد. ولسنا في وارد تتبع هذه الأحكام في هذا السياق.
أكثر المفسرين ربط الآية بغزوة أحد وما كان فيها، من جرح الرأس الشريف وكسر الرباعية، وبعضهم ربطها بما كان بعد أحد من حادث بئر معونة، ومقتل سبعين من خيار المسلمين في وقعة غدر من بعض أعراب الجاهلية. وقيام الرسول الكريم بعد بالقنوت والدعاء على المشركين أفرادا وأقواما ..بصيغ ” اللهم العن فلانا وفلانا..” “اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف “
ولتبقى أجمل قاعدة قررها علماء الأصول والتفسير: عموم اللفظ لا خصوص السبب، ليطلقوا الآفاق لكلمات الله في الفهم والتنزيل على واقع الناس في كل زمان ومكان..
” ليس لك من الأمر شيء “
آية يحتاج كل مسلم أن يقف كل يوم أمام المرآة فيقرؤها على نفسه مرة بعد مرة ؛ فهذا الخلق ليس خلقه. وهؤلاء الناس ليسوا عباده، وبحبوحة الإسلام ليست داره، والجنة ليست حديقة أبيه أو جده وإن علا، وخزنة جهنم لا يعملون بأمره..!!
” ليس لك من الأمر شيء “
ويمتد الخطاب ليصل إلى كل من زعم أنه يملك سر ” المغفرة ” أو ” الحرم ” أو الجرم ” أو حق “التطويب ” من أدعياء الكهنوت في كل الملل والنحل والأديان والدعوات والرسالات.
ليس لك يا أخي كائنا من كنت.. ومن أي موقع تحدثت..
” قل إن الأمر كله لله “