حواء التي خلقت من ضلع آدم حتى تكون شريكة حياته ولتتكون أقدم علاقة في العالم وهي علاقة الزوج والزوجة.. العلاقة التي سبقت كل العلاقات ودامت حتى اليوم وستدوم حتى قيام الساعة، لأنه بالرغم من شكوى كل الأطراف منها لم يجدوا صيغة أخرى بديلة تربح الإنسان فظل الزواج هو الإطار الشرعي المقبول من كل الملل والنحل والشعوب والقبائل للعلاقة بين الرجل والمرأة… وقبل أي علاقة بين طرفين كان لا بد من حدوث التفاعلات بأشكالها وألوانها الإيجابية والسلبية، ومن هذه التفاعلات مشاكل أهل الزوجين وتأثيرها على الحياة العامة للزوجين.
نحاول في هذه الورقة أن نخوض في هذه العلاقة الطبيعية جدًا، ونتعرض لعدم التفاهم بين الزوجين بصورة المختلفة، سواء كان الشاكي الزوج أو الزوجة، وتتناول صور الخلافات الزوجية التي ربما تصل بالرجل إلى التفكير في الزواج الثاني، وتصل بالمرأة إلى عدم الرضا عن حياتها مع زوجها..سواء كانت مشاكل أهل الزوجين هي السبب، أم أن هناك أسابا أخرى.
مع أو ضد .. تلكم هي المعضلة
والحقيقة ونحن أمام أقدم علاقة في التاريخ البشري، نحاول أن نقف عادلين منصفين غير منحازين لنقول جديدًا، لكن الأمر في غاية الصعوبة، فقد لا يرضَ عنا أي طرف، ويتصور كل طرف أننا ننحاز للطرف الآخر، ولكن ببساطة عند وجود مشكلة في شراكة، فكل الأطراف مشتركون في صنع المشكلة، لا يجب أن نكون مع أو ضد، فالعلاقات الإنسانية أعمق وأعقد من مع أو ضد. والموقف المتميز من قضايا الأسرة، هو يأتي من وراءه ردود أفعال شاكرة وممتنة نصائح وإرشادات تزداد بها مهمة المسئولية وتكبر بها قمة السعادة.
مشاكل أهل الزوجين .. البداية
مشاكل أهل الزوجين مشاكل لا حصر لها، تبدأ عادة بتدخل الأهل سواء أهله أو أهلها، فينمو الكلام الكثير والمتداول بين أصحاب القلوب المريضة مما لا صحة له. يحدث أن المشكلة قد تكون أن أهله – سامحهم الله – يلفظون على زوجتي بكلام وبأقوال يدّعونها وهي بعيدة كل البعد عن ذلك. وعندما يواجهون بالكلام يقولون: إننا لم نقل هذا. تتعب أعصاب الزوجين من كثرة الكلام المتداول، تكبر المشكلة وتتطور لسنوات دون حل، إلى غاية التفكير في الطلاق، فيقف الأبناء عائقا حتى أمام الانفصال.
وللأسف إذا كان هناك نية في الصلح، لا وجود لبوادر نية الصلح، اتهامات واتهامات متبادلة..
مسيرة الحياة الزوجية
الرجل لا يستطيع الاستغناء عن أهله أو مقاطعتهم نهائيًا.. ولكنه يعرف أنهم يفترون على زوجته بكلام غير صحيح، وهي تعرف أنه لا يصدق هذا الكلام.
الزوجة يهمها -فيما يقال عنها- رأي زوجها في ذلك. فإن كان رأي زوجها حسنًا فيها ويكذّب كل ما يقال عنها فماذا يهمها في ذلك؟! خاصة وهي تعرف مصدره وتعرف أن حيلة زوجها في ذلك محدودة، قد يستطيع أن يتخذ موقفًا إيجابيًا بإعلانه رفض هذا الكلام ويبين امتعاضه ممن يقوله، وقد يقلل من زياراته بعض الشيء كنوع من الاحتجاج وإظهار عدم القبول بما يتم.
إن الأمر في النهاية يخصهما معًا. فإذا عذر كل منهما الآخر وقرر أنه يكفيه رضا شريك حياته عنه؛ فإن المشكلة ستنتهي. فلتعذره هي في تحمله لأهله بعض الشيء، وليعذرها هو في عصبيتها في بعض الأحيان عندما تسمع ما يؤذيها. ولكن لا مجال ليفسدا حياتهما. فلتكن هذه المشكلة دعوة إلى المزيد من القرب بينهما.
فليكن ردهما العملي وليس القولي هو أن يرى الجميع أنهما لن يفترقا أبدًا وأن كلامهم عنهما لم يؤثر أبدا بهما، بل زادهما صلابة، وأنهما لا يكترثان بما يقولون؛ عندها سيفقدون متعتهم وشعورهم بالزهو من إحساسهم بتأثير كلامهم عل الزوجين، عندها سيمتنعون لأنهم سيرون أثرًا عكسيًا لكلامهم.
إن مسيرة الحياة الزوجية تتعرض لما هو أصعب من ذلك، وبالرغم من كل العواصف والأنواء تستمر، ليس من أجل الأطفال فقط ولكن من أجل الشجرة الوارفة الظلال التي تعهداها سويًا بالرعاية حتى ضربت بجذورها في حياتهما، فلا يجب أن يسمج الزوجان لأي أحد أن يتصور أنه سينجح في اقتلاعها؛ لأن ذلك سيغريه باستمرار المحاولة. ولكن إذا فقد الأمل ورأى الشجرة شامخة قوية فسيتوقف عن محاولاته.. وتبقى الشجرة معلنة عن السعادة الزوجية.
الكلام الجميل أفضل من الطلاق
عندما تبدأ المشاكل في الاندلاع، يحدث أحيانا أنه لا يمكن السيطرة عليها. خاصة إذا كانت تحت عنوان مشاكل أهل الزوجين، وأن المتسبب فيها لا هي الزوجة ولا هو الزوج. يحدث أن الزوجة مثلا لا تستطيع أن تجمل حديثها وتكذب على زوجها كما يفعل أفراد عائلته ويحصلون منه على كل ما يريدون، فهو لا يحب أن يقول له أحد لا أو ينتقده، ويريد كلاما جميلا لتحصل منه على كل شيء، فماذا تفعل الزوجة إذا كانت انطوائية لا تجيد فن التعامل مع الآخرين وتزيين الكلام؟ حتما ستقطع في مستنقع المقارنات مع أخت الزوج أو زوجة أخيه أو الجيران أو الاقارب..
كل إنسان خلقه الله وهو ميسر لما خلق له، وبعض الزوجات لا تستطيع أن تلون حياتها لكي ترضي حماتها أو حتى زوجها الذي ترى أنه ينساق وراء أمه.
الحقيقة أن الحل لمثل هذه المشاكل قد يكون بسيطا ومفيدا لكل الأطراف. فإذا كانت الزوجة تعتبر الكلام الجميل وتزيين الكلام من فنون التعامل مع الآخرين، فما أسهله من فن وما أفضلها من طريقة لكسب زوجها وحل مشاكلها..
كل إنسان خلقه الله وهو ميسر لما خلق الله، فهل خلق الله الزوجة لتقول الكلام غير الجميل ولا تزين كلامها، وأن يكون ذلك هو سبب مشاكلها المستمرة مع زوجها.
ربما لا تستطيع الزوجة أن تلون حياتها لكي ترضي حماتها وزوجها، ولكن هل ستستطيع تلوين حياتها وهي مطلقة ومعها ثلاثة أولاد مسئولة عنهم مسئولية كاملة، أم ستتعارك معهم، أو تتنصل من مسئوليتهم، أم ماذا ستفعل؟
التغيير في الشخصية أم الطلاق
الأكيد أن زوجة كهذه أن من الأسهل عليها أن تتعلم الكلام الجميل وتلون حياتها حتى ترضي زوجها.. لا يجب أن يصمم الإنسان على طريقته في التعامل مع الآخرين ثم يقول بأنني لا أجيد هذا الفن، ولا أستطيع أن أقول هذا الكلام الجميل، لأن الله قد خلقني هكذا، لو أن الأمر هكذا ما كان هناك داع للأنبياء والرسل، ولقال البشر نحن ميسرون لما نفعله من سلوكيات خاطئة، وما كان هناك داع لتربية الآباء والأمهات لأبنائهم، ولقال الأبناء نحن ميسرون لما خلقنا الله من أجله، وما كان هناك داع للمدرسة السلوكية في الطب النفسي التي تقوم على تغيير السلوك والطبائع من أجل حل المشكلات.
في بعض الأحيان تكون الزوجة هي سبب المشاكل والمعارك، فقط لأنها ترى نفسها مظلومة، ولا ترى سببا يدعوها لتغيير نفسها.
فلتسعى الزوجة لتقول الكلام الجميل، ولتزين كلامها وتلون حياتها من أجل إرضاء زوجها وحماتها ومن أجل أطفالها، ومن أجل الاستمرار في حياتها، فلا يوجد شيء اسمه لا أعرف كيف أتعامل مع الآخرين؛ لأنني ميسرة لما خلقت له، ولكن يوجد أن أعرف موطن الخلل والمشكلة وأحلها بالتدريج وبموضوعية، خاصة أن الذين ربما قد تقارنين بهن يعشن في نفس الظروف، وبذلك تحصل على التقدير.
التغيير في الشخصية أسهل من التغيير في الحياة بالطلاق.