هل ما يعرض يوميا من أفلام سينمائية ومسلسلات وبرامج تلفزيونية لروايات أحداثها واقعية وأشخاصها حقيقيون يمكن أن تكون مقياسا لفهم المشاكل الزوجية ومحاولة علاجها؟ من بين هذه المشاكل أو المنغصات مسألة موت الأنوثة أو عندما تصبح الحياة الزوجية بلا طعم.
على الرغم من أن ما تقدمه العديد من البرامج التلفزيونية الخاصة بتحليل الحياة الزوجية، والكم الهائل من الأطباء النفسيين والمختصين الاجتماعيين، إلا أننا ندرك للوهلة الأولى أن الحياة أثرى بكثير من خيال أي مبدع أو روائي، لأنها من إبداع الخالق عز وجل، فالحياة الإنسانية مليئة بكل ما يخطر وما لا يخطر على بال بشر.. وتجربة واحدة منها كفيلة بأن تكشف لنا عن براعة الإنسان في تعذيب أخيه الإنسان دون أن يقصد أحيانا، وقد يكون هذا الإنسان أعز من لديه كأن يكون ولده أو ابنته أو زوجه.
في هذا المجال، نورد قصة يحكي عن قصته مع زوجته ويقول “زوجتي.. تمقت الأنوثة وتخاف الرجل”. في هذه القصة نقرأ عدة مشكلات في مشكلة واحدة لزوج يحب زوجته، لكنه يشكو منها برغم أنها ليس لها ذنب. والحقيقة أن المشكلة بالفعل معقدة ومتفرعة، فلنتعرف على أصل الحكاية لعلنا نخرج بنتيجة تفيد أزواجا آخرين يعانون من نفس الأمر.
حب وشكوى
يشكو الزوج من زوجته الخجولة المتمردة على أنوثتها والكارهة لها فيقول: “زوجتي لا تتزين لي قط إلا بعد طلبات كثيرة، تلميحا وتصريحا، أحيانا أفلح في استجلاب أنوثتها لثوانٍ معدودة، لكن سرعان ما تنطوي مجددا إلى أفكارها وكأن شيئا يمنعها، أتعبني هذا جدا جدا، وذلك بعد أن اكتشفت في ليلة الزواج أنها تخاف من الجنس خوفها من الموت.
ولكن ترى ما السبب الذي يجعل فتاة لا تحب كونها أنثى، وتخاف هذا الخوف الشديد عند اقتراب زوجها منها؟! ربما العيب في الزوجة أو أنها ضعيفة أو مريضة، ولكن الزوج يؤكد أن زوجته ممتازة في كل شيء، فهي متديّنة، خلوقة، على قدر من الجمال، نشيطة في البيت الذي تملؤه السعادة والحب.
البيئة وموت الأنوثة
يفسر الزوج سبب “عقدة” زوجته، ويتحدث عن البيئة التي نشأت فيها وسمات أهلها فيقول: “نشأت زوجتي في بيئة متخلّفة من ناحية معاملتهم للنساء، طيلة عمرها وبنات أهلها وأمها يحذرنها من الرجال، فهم هؤلاء الشريرون الذين لا يريدون لها إلا الشر!! حذار ثم حذار أن يحدث مكروه لك!! والجنس شيء مقرف، لا فيه حب ولا شيء، وليلة الدخلة هي ليلة المصير وميزان الشرف”!!
يومًا بعد يوم اكتشف الزوج أن بيئة حبيبته قتلت أنوثتها.. فهي لا تهتم بما تهتم به بنات أقرانها، حاول دائما أن يطمئنها ويكون معها، لكنها أتعبته نفسيا وأضرت بثقته بنفسه.
فتنة الزوج
مضى على الزواج خمس سنوات تقريبا ولم تتحسن الزوجة ولم ترتقي الحياة الزوجية إلى المكانة التي يجب أن تكون عليها، بل استعصت على الزوج وأتعبته، فأصبح لا يستطيع القيام بعمله أو بأعمال الدعوة التي كان متعودا عليها، وتتأزم المشكلة وتظهر الحبكة الإنسانية عندما نعرف أن الزوج يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية مع كل أنواع الفتن والتفنن في الإغراء، والتي يقول عنها إنها مجرد أحلام وأوهام بالنسبة له مع زوجته.
وهنا بدأت تهون همة الزوج وتزداد نفسيته سوءا، حتى وهن التزامه، وأصبح لا يذهب للمسجد إلا نادرا، ثم صاحب جماعة من كثيري اللهو غير الملتزمين، وأصبح كثير التوهمات والتخيلات الجنسية، ثم اعتاد عادات سيئة، وأصبح سريع التلهف وراء صور الحرام، وعلى حد قوله فهو يجد نفسه على مرمى حجر من الوقوع في الزنا.
ظلم الزوجة
من الطبيعي أن ينعكس كل ما حدث للزوج أو بعضه على علاقته بزوجته، وتتحول معاملته لها، فبعد أن كان الزوج الطيب الحنون الذي حاول بكل الطرق أن يهدئ من روعها ويأخذ بيدها، أصبح يظلمها وينهرها فيشتكي من نفسه قائلا: “أرسلتها إلى أهلها مرات عديدة في العام الماضي، أغضب منها ولا أستطيع احتمال كلمة سوء منها، أصبحت سريع الغضب، أنهرها كل يوم، ثم يتفطر قلبي لها، ثم لا أكلمها دة شهر كامل.
ويتساءل الزوج ماذا يمكنه أن يفعل لمساعدة زوجته؟ وكيف يمكنه تحصين نفسه؟
ترقب وعلاج
لم تنتهِ أحداث هذا الفيلم الواقعي بعد، حيث تؤكد د. فيروز -الطبيبة والمستشارة الاجتماعية والنفسية- أن الطريق ما زال في أوله، وأن هناك فرصة وأملا في العلاج، وتؤكد أن حالة الزوجة من الوضوح للدرجة التي جعلت زوجها يشخصها بنفسه، وهي “تشوه لصورة الرجل بداخلها مع تراجع معنى الأنوثة بل موت الأنوثة بكل نواحيها”.
وهذه الحالة -في بعض الأحيان- تزول بعد الزواج بالتدريج، وخاصة عندما يكون الزوج لطيفا رومانسيا وصبورا، ولكنها في أحوال أخرى تحتاج لتدخل اختصاصي نفسي، وذلك من خلال جلسات علاجية قد تمتد لشهور.
وتكمل الدكتورة قائلة: أتصور أن هذا هو الحل، وأن الفرصة لم تضع، وخاصة أنهما مازالا في بداية حياتهما، كما أن الزوج ذكر أنه “أحيانا يُفلح في استجلاب أنوثتها لثوان معدودة”، وهذا معناه أن موت الأنونثة كلام سابق لأوانه، وأن “الأنثى” بداخلها ما زالت على قيد الحياة، ولكنها ربما تحتاج الدخول إلى “العناية المركزة” بعض الوقت لإنقاذها.
وتنصح الدكتورة فيروز الزوج بأن يكون أكثر لطفًا مع زوجته حتى لا يشوه صورة الرجل أكثر بداخلها ويكمل ما جناه عليها أهلها، فهي فعلا لا ذنب لها، وهي في أمس الحاجة للعلاقة الزوجية، ولكن احتياجها مدفون في عقلها الباطن، يؤلمها دون أن تدرك أو تعي مصدر الألم.
ترى، هل في هذا العصر الغارق في وسائل التواصل الاجتماعي ما زالت هناك مجتمعات تزرع الشوك داخل أبنائها بهذا الشكل أم أن الأهل أصبحوا واعين وناضجين في كل مكان؟! هل بالفعل لكي يحمى الأهل بناتهم من الوقوع في الخطأ والمحافظة عليهن عليهم أن يزرعوا داخلهن كره ذواتهن كفتيات وإناث وتتحول الفتاة إلى جسد بلا روح وحياة بلا مشاعر؟!.
ليلى حلاوة5>