هذه نبذة مختصرة في علم تخريج الحديث ، مفيدة لمن أراد دراسة هذا العلم الشريف ، منتخبة من مراجع شتى ، أسأل الله تعالى أن ينفع بها كاتبها وقارئها ، إنه سميع الدعاء.
التخريج لغة :
من معانيه في اللغة : الاستنباط , قال في القاموس : والاستخراج والإخراج : (الاستنباط ) .
ومن معانيه : الإبراز والإظهار , ومنه قول المحدثين : أخرجه البخاري , أي : أبرزه للناس , وأظهره لهم .
أما اصطلاحا : فقال السخاوي في فتح المغيث : والتخريج : إخراج المحدث الأحاديث من بطون الأجزاء والمشيحات والكتب ونحوها , وسياقها من مرويات نفسه أو بعض شيوخه أو أقرانه أو نحو ذلك , والكلام عليها وعزوها لمن رواها من أصحاب الكتب والدواوين (2/ 338) (1) .
طرق التخريج
للتخريج خمسة طرق هي :
أولا : التخريج عن طريق راوي الحديث من الصحابة : وهذه الطريقة يلجأ إليها عندما يكون اسم الصحابي مذكورا في الحديث .
ويستعان لذلك بثلاثة أنواع من المصنفات :
1-المسانيد.
2-المعاجم .
3-كتب الأطراف ( ككتاب تحفة الأشراف ) للحافظ المزي .
ثانيا : التخريج عن معرفة أول الحديث :
ونلجأ إلى هذه الطريقة عندما نكون متأكدين من أول كلمة في الحديث , لأن عدم التأكد يسبب لنا ضياعا للوقت والجهد دون فائدة .
ويستعان بالكتب التالية :
أ- الكتب المصنفة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة , مثل : ” المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة ” للحافظ السخاوي , و” كشف الخفاء ومزيل الإلباس مما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس ” لإسماعيل بن محمد العجلوني ( ت 1162) و ” الشذرة في الأحاديث المشتهرة ” للأحمد بن طولون الصالحي ( ت 953 ) .
ب- الكتب التي رتبت أحاديثها على حروف المعجم , مثل : ” الجامع الصغير من حديث البشير النذير ” للسيوطي , والذي قام شيخنا العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله بتحقيقه , وقسمه إلى صحيح وضعيف .
ج- المفاتيح والفهارس : مثل الفهارس التي وضعها محمد فؤاد عبد الباقي لأحاديث كل من : صحيح مسلم , موطأ الإمام مالك , سنن ابن ماجة , وغيرها من الفهارس الملحقة بالكتب التي حققها وغيرها من الكتب المحققة .
ثالثا : التخريج عن طريق معرفة كلمة من أي جزء من الحديث :
ويستعان لهذه الطريقة بكتاب ” المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي ” والذي وضعه لفيف من المستشرقين (2) .
رابعا : التخريج عن طريق معرفة موضوع الحديث :
ويلجأ إلى هذه الطريقة من مارس الحديث النبوي قراءة واطلاعا وكتابة وفقها , بحيث يستطيع أن يحدد مكان الحديث النبوي من معرفة موضوعه , ولا يقوى على تحديد موضوعه كل شخص كما قلنا .
ويستعان لهذه الطريقة بالمصنفات الحديثية المرتبة على الأبواب الفقهية وكتبها , وهي كثيرة ويمكن تقسيمها إلى أقسام :
الأول : المصنفات التي شملت أبوابها موضوعاتها جميع أبواب الدين ، مثل :
الجوامع – المستخرجات والمستدركات – المجاميع – الزوائد – كتاب مفتاح كنوز السنة .
الثاني : المصنفات التي شملت أبوابها وموضوعاتها أكثر أبواب الدين ، مثل :
(السنن , والمصنفات , والموطآت , والمستخرجات من السنن ).
ومثلها : كتب التخريج الحديثية التي خرجت الكتب الفقهية , كنصب الراية للحافظ للزيلعي , التلخيص الحبير للحافظ ابن حجر , و ” البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير ” لابن الملقن الشافعي ( ت 804 ) ، إرواء الغليل للعلامة الألباني .
الثالث : المصنفات المختصة بباب من أبواب الدين , أو جانب من جوانبه , وهي أنواع كثيرة مثل : الأجزاء , والترغيب والترهيب , وكالمغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في إحياء علوم الدين من الأخبار , للحافظ زين الدين العراقي .
خامسا : التخريج عن طريق النظر في حال الحديث متنا وسندا :
وذلك عن طريق النظر في أحوال الحديث وصفاته .
1- أما الصفات التي في متن الحديث :
أ- ظهور علامات الوضع على متن الحديث : أما لركاكة ألفاظه , أو فساد معناه , أو مخالفته لصريح القرآن أو غير ذلك , فينظر في كتب ” الموضوعات ” وهي الأحاديث المختلقة المكذوبة .
ب- إذا كان من الأحاديث القدسية : فنبحث عنه في الكتب التي أفردت لجميع الأحاديث القدسية ، مثل : الاتحافات السنية بالأحاديث القدسية لعبد الرؤوف المناوي , فقد جمع فيه (273) حديثا دون أسانيد , ورتبها على الحروف .
2- وأما الصفات التي في الإسناد :
أ- مثل أن يروي الحديث أب عن ابنه , في الكتب التي أفردت لمثل هذه الأحاديث , ككتاب ” رواية الآباء عن الأبناء ” للخطيب البغدادي , أو من روى عن أبيه عن جده , للحافظ القاسم ابن قطلوبغا .
ب- أو يكون الإسناد مسلسلا , فيستعان بالكتب التي جمعت الأحاديث المسلسلة , مثل : ” كتاب المسلسلات الكبرى ” للسيوطي ، وفيه (85) حديثا .
ج- أو يكون الإسناد مرسلا , فنبحث عنه في كتب المراسيل , مثل : كتاب ” المراسيل ” لأبي داود السجستاني , وكتاب ” المراسيل ” لابن أبي حاتم الرازي , ” جامع التحصيل في أحكام المراسيل ” , للعلائي .
د- أو يكون في السند راو ضعيف , فيبحث عنه في كتب الضعفاء مثل ” ميزان الاعتدال ” للذهبي , أو ” المجروحين ” لابن حبان , أو ” الكامل ” لابن عدي وغيرها .
3-أما الصفات التي في المتن والسند معا :
وذلك كالشذوذ والعلة فيبحث عنه في كتب العلل ، مثل : “العلل” لابن أبي حاتم , مرتب على الأبواب الفقهية , أو ” العلل ” للدار قطني وهو أوسعها , ومرتب على المسانيد , أو وجود اسم مبهم في المتن أو الإسناد , فينظر في كتاب ” المستفاد من مبهمات المتن والإسناد ” لأبي زرعة العراقي .
(1) ينظر للتوسع : علم تخريج الأحاديث – د. محمد محمود بكار , التأصيل لأصول التخريج – د. بكر أبو زيد , طرق تخريج حديث رسول الله ﷺ – د. عبد المهدي عبد القادر , كشف اللثام لعبد الموجود عبد اللطيف .
(2) وقد استغرقت طباعته 33 سنة ) وهو فهرس للكتب الستة مع مسند الإمام أحمد وموطأ الإمام مالك وسنن الدارمي , وفيه قصور وإغفال لبعض الألفاظ .