يعرف التثقيف بأنه “النظام المستخدم لإمرار قيم المجتمع وعاداته وحضارته من جيل إلى آخر”. ويعتبر التثقيف الذاتي هو غذاء العقل. ويكون من خلال القراءة أو السفر أو الحوار أو مشاهدة البرامج الوثائقية أو غير ذلك.
ومع أن البعض يعرف التثقيف بأنه “النشاط الممارس على الجهلة في المجتمع من قبل أولئك الذين يظنون أنهم يعلمون أفضل”. وبأنه “عملية تغيير الناس، حيث يعتبر السجن أقصى نوع من أنواع التعليم”. إلا أن التثقيف الصحي عموما هو العملية التي يحصل فيها جميع الأفراد على التعليم، والثقافة، والمهارات المختلفة حول الصحة العامة، بحيث يتشارك فيها كلّ فرد من أفراد الرعاية والعناية، ويمكن أن يتمّ ذلك بشكل رسمي من خلال متابعة الخطط التعليمية المعدة لها سابقاً، بالإضافة إلى التعليم غير الرسمي من خلال اكتساب المهارات عن طريق الاستفادة من تجارب الآخرين غير المخطط لها سواء كانوا من العاملين في المجال الصحي أو المرضى أنفسهم.
وفي ظروف كالتي يعيشها العالم منذ سنة تقريبا، بسبب تفشي فيروس كورونا، فإنه يمكن نشر المعلومات الصحية عن طريق المتخصصين في المجالات الصحية، الذين يتوجب عليهم فهم المهارات التعليمية بشكل جيد بحيث يكون لديهم عمق في مجال خبرتهم، بالإضافة لدورهم في التثقيف الصحي، خاصةً حول القضايا المتعلقة بالصحة والمرض.
أهمية التثقيف الصحي
تكمن أهمية التثقيف الصحي لفي عدّة نقاط، ومنها ما يأتي:
- المساعدة في تنمية معارف الناس ومهاراتهم، ومواقفهم حول الصحة بشكل إيجابي.
- تعليمهم المعلومات المهمة حول الصحة الجسدية، والعاطفية، والاجتماعية.
- تحفيزهم على الحفاظ على صحتهم والحدّ من السلوكيات الخطرة.
- تقليل التعرض للأمور الضارة صحيا.
- المحافظة على النشاط البدني والوقاية من الأمراض المختلفة.
- تعزيز مستويات التعليم لدى الناس، حيث يميل الأصحاء للحصول على الأفضل، ويقومون عادة بأداء معظم الأعمال.
التثقيف ورسائل التخويف
يوجد للتثقيف الصحي الكثير من المهام الأساسية، مثل: إعلام الناس حول أنماط الحياة الجديدة والجيدة، والسلوكيات الحسنة والصحية التي تساعد على الحفاظ على الصحة عند الجميع، وتساهم في منع تعرضهم لمختلف الأمراض أو الأوبئة وإصابتهم بها، وبالتالي يمكن من خلاله التأثير على الشخص ومواقفه وتصرفاته المتعلقة بصحته بصورة إيجابية بهدف الاعتناء بصحته وصحة من حوله، من خلال التركيز على التعليم الوقائي وتحسين طرق التعامل مع المشكلات الطبية.
ولكي تكون رسائل التثقيف الصحي إيجابية لا بد من أن تكون دقيقة ومباشرة. وجد أن شيئاً من التخويف في مثل هذه الرسائل هو حافز إيجابي للمتلقي. فالرسائل ذات الطابع التخويفي القليل لحث الناس على تلقي تطعيم ما تأتي بـ30 في المائة من الاستجابة بينما تتلقى رسائل حثية ذات طابع تخويفي أكثر 60 في المائة من الاستجابة. وعلى النقيض فإن رسائل تثقيفية ذات مستوى تخويفي عالٍ قد تنتج استجابة قليلة، كالقول مثلا لمدخن: “السرطان قد قضى عليك”.
ولأن المعرفة تقود إلى عادة والعادة إلى عزيمة والعزيمة إلى سلوك، يرتكز تغيير العادات غير الصحية إلى صحية كغيرها من أنواع العادات على حافز عاطفي بمستوى مهم. فالناس لا يتطلبون التعليل المنطقي عندما تكون عواطفهم مرتبطة بعمق لعمل ما. وهنا تكمن اللمسة الإنسانية في التثقيف الصحي، تماما مثل صديق ينصح صديقه لأخذ علاج لضغط الدم مبديا له حرصه عليه وعلى صحته. والعامل الروحي يسبق ذلك أهمية، كتذكير المدخنين بحرمة التدخين، ومهملي العلاج بأمر النبي ﷺ.
درهم تثقيف خير من قنطارعلاج
أما بالنسبة لموظفي التثقيف الصحي ففي العادة يتبع عادة وجودهم نظاما متطورا في الدول المتقدمة. بعضهم قد يحمل دبلوما في التثقيف الصحي والبعض الآخر قد يكون ذا خلفية في التمريض أو التدريس الطبي. قد يرافق هؤلاء الموظفين رسامون وخطاطون. ومن أولى مهماتهم إعطاء محاضرات صحية تثقيفية وتوزيع كتيبات في هذا الشأن. ربما في المدارس أو المراكز الصحية أو أماكن تجمع الناس المعنيين بالتثقيف. والحقيقة أن كل من يحمل معلومة صحية أكيدة ومفيدة لشخص ما ويستطيع أن يوصلها إليه بالأسلوب المناسب هو موظف تثقيف صحي غير رسمي بدءا من الطبيب إلى الأخ والصديق.
وهذه أمثلة على التثقيف الصحي:
- تثقيف البشر بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتوخي الحذر في الإصابة بوباء أو فيروس يهدد البشرية
- تثقيف النساء بأهمية الفحص الذاتي للثديين في الوقاية من سرطان الثدي وكيفية القيام بذلك.
- تثقيف الطلاب بخطورة التدخين على الصحة قبل فوات الأوان.
- تثقيف الناس بماهية الأكل الصحي وأهمية الرياضة.
- تثقيف مربي الماشية بأهمية غلي الحليب قبل شربه وطرق الوقاية من الأمراض التي تصيب ماشيتهم وقد تنتقل إلى الإنسان، كمرض الحمى المالطية.
وعلى الرغم من أن الأولون سبقونا في القول أن الوقاية خير من العلاج، لكننا اليوم نقول أن التثقيف الصحي خير من الوقاية، بل هو الوقاية الأولية والصحة والحياة في حد ذاتها، فما لا تعرفه قد يقتلك.