نعيمة لغليمي صالحي زعيمة حزب “العدل والبيان” الإسلامي الجزائري شخصية مثيرة للجدل، طموحها لا حدود له، كيف لا وهي التي خرجت من عباءة الحزب الحاكم ،لتصبح أول امرأة تؤسس حزبا إسلاميا في العالم العربي والإسلامي .من خلال تصريحات خاصة لـ”إسلام أونلاين” ولبعض الصحف والقنوات الجزائرية نكتشف شخصية هذه السيدة التي شغلت الرأي العام الجزائري في المدة الأخيرة من خلال مواقفها وتعليقاتها وتواجدها الإعلامي.
تعتبر صالحي مناضلة بارزة ذات توجه إسلامي واضح وعلى درجة عالية من الجرأة والصراحة، استقالت من حزب السلطة (جبهة التحرير الوطني) وانضمت إلى طرف المعارضة ، وهي لا تخفي أبدا رفضها لممارسات السياسيين والبرلمانيين وتطالب بإعادة النظر في أجورهم وامتيازاتهم . تتكلم بحماسة غير محايدة ومنطق غير منمق ،وتمقت التملق خاصة لدى السياسيين ورجال البرلمان ،تنطلق الكلمات من فمها كأنها رصاصات ،فهي لا تتراجع ولا تستسلم ، شجاعة قوية طموحة ،متجددة في أفكارها ،ولم تخف رغبتها في اعتلاء منصة البرلمان ليس كنائبة بل كرئيسة. تتملكها عفوية أصيلة ،وعندما تتكلم لا تشعر أنها تبحث عن الكلمات المناسبة ،لا تتجنب الحديث عن فترة شبابها ومغامراتها الطفولية ،وهي بتلك الروح تدخل البيوت بدون استئذان ،فتلقى الترحاب من عامة الرجال ،لكنها تلقى اللعنة من أغلبية النساء اللاتي لم ولن يغفرن لها دعواتها المتكررة لتعدد الزوجات ،ومع ذلك فهي تحظي باحترام الكثيرين ،الأنصار منهم والخصوم ،مع فارق كبير في الجرعات .
تدخل البيوت بدون استئذان فتلقى الترحاب من الرجال لكنها تلقى اللعنة من أغلبية النساء اللاتي لم ولن يغفرن لها دعواتها المتكررة لتعدد الزوجات
نعيمة صالحي ،طرقت باب المحظور في فترة من الفترات ،وفتحت نافذة مزعجة وخطا أحمر لدى النساء ،وذلك عندما شنت حملة لتشجيع تعدد الزوجات ،وهي امرأة متزوجة وتدرك أن القضاء الجزائري يُقيد التعدد ويرهنه بشروط معينة . وتقول صالحي في هذا الصدد: “من أكون أنا حتى أمنع حق رجل أعطاه الله إياه” ،ثم تضيف “الله تعالى رخص للرجل الزواج أكثر من مرة لأنه يدري أنه قد يحتاج إلى أكثر من امرأة حفاظا على طهارة المجتمع″ . لهذه الأسباب ولتلك أعلنت نعيمة صالحي على الملأ إنها تسمح لزوجها السياسي والبرلماني السابق محمد صالحي بالزواج مثنى وثلاث ورباع ،فراح البعض يتهمونها برسم خطة تعدد الزوجات لاستمالة الرجال للانضمام إلى حزبها ،لكنها تبرر هذا الموقف بأن التعدد حل لمشاكل كثيرة ، إذ يفتح بيوتا للنساء الأرامل والمطلقات والعوانس ، ويقي من أمراض وظواهر سلبية كثيرة كالأمهات العازبات والزنا والزواج العرفي، كما إنه – كما تقول – بديل جاهز يحد من توجه الرجل لاتخاذ خليلات بالشوارع مما يشوه سمعة العائلة ويعرضها للخطر.
ولأنها من أنصار هذا التوجه فقد رفعت شعار “ضرة أرحم من خليلة” ،وعندما سئلت: هل ترضى نعيمة صالحي أن تكون لها ضرة ؟ أجابت بثقة : “وما يمنع ،أنا امرأة مؤمنة ،إذا رأى زوجي هذا فله ذلك حتى ولو كانت صديقة لي ،بشرط أن تلتزم حدودها ولا تسعى لتفكك أسرتي ، وتكون فقط بينهما منافسة شريفة وقوية”.
جرأة نعيمة صالحي الاجتماعية لا تقل حدة عن جرأتها السياسية ،فقد أعلنت أنها مع فتح الحدود البرية بين الجزائر والمغرب ،مع ما تكتسيه هذه المسألة من حساسية مفرطة في الاوساط السياسية ،كما قادت حزبها لدعم زعيم المعارضة علي بن فليس المرشح الحر والخصم اللدود للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة .وكانت هذه المواقف وغيرها سببا في “تأديبها” – كما تقول- بأن تم طردها من مسكنها بالقوة العسكرية. لكن نعيمة صالحي عادت مرة أخرى لتلتحق بالسلطة ،وتركت المعارضة لأنها ،في نظرها، لا تضيف شيئا سوى سكب الزيت على النار.
تعتبر أن حجابها ديني وليس سياسيا وتقول إن من لا يؤمن به فقط أسقط 6 آيات من القرآن الكريم
كرئيسة لحزب إسلامي ،تسعى صالحي للدفاع عن مقومات الإسلام ، وتعتبر أن حجابها ديني وليس سياسيا ، تعتز به كفرض على المرأة المسلمة ،وتقول إن من لا يؤمن به فقد أسقط 6 آيات من القرآن الكريم. وتحكي ،وهي خريجة جامعة الأمير عبد القادر الإسلامية ،بولاية قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015 ،إن والدها أبرحها ضربا حين أكتشف ذات يوم أنها ذهبت إلى المدرسة مرتدية سروالا ،كما تكشف أن سيدة مرموقة في الدولة الجزائرية طلبت منها أن تخلع حجابها لأنها خجلت بمظهرها المحافظ قبيل زيارة كانتا تنويان القيام بها إلى الخارج. تلك السيدة – تضيف صالحي- قالت لها “أنت امرأة جميلة ذكية متفتحة مثقفة والحجاب سيعيق تقدمك في المجتمع”. لكن صالحي رفضت واعتذرت عن السفر وأكدت لها أن الاحتشام أو العري لا علاقة له بالتطور ،والحضارة والرقي قضية أصول وأخلاق وليست قضية مظهر ولباس ، ضاربة مثلا بسيدات يتقلدن مناصب ثقيلة الوزن في أكبر دول العالم ويحرصن على الظهور بمظهر محتشم على غرار الملكة إليزابيت الثانية و المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
ولم تتوقف مواقف نعيمة صالحي المثيرة عند هذا الحد ،فقد سبق وأن اتهمت أستاذها الجامعي أبو جرة سلطاني وزير الدولة السابق والرئيس السابق لحركة مجتمع السلم (إخوان) بأنه كان يلاحقها في الجامعة ،ويتحين الفرص للاقتراب منها لإهدائها بعض الكتب ومحاولة إقناعها بأفكاره ،و تقول إن هذا – في مفهومه – هو نوع من الدعوة .
تعرضت كثيرا للمغازلة من طرف سياسيين ومسؤولين كبار في الدولة و علمتهم كيف يخاطب المسؤول المرأة الجزائرية الأصيلة
نعيمة صالحي لا تنفي تماما أنها تعرضت كثيرا للمغازلة من طرف العديد من السياسيين ومسؤولين كبار في الدولة ،وتقول إنها في نهاية الأمر علمتهم كيف يخاطب المسؤول المرأة الجزائرية الأصيلة ،وكيف يتعامل معها بكفاءتها وليس بأنوثتها وشكلها أو دورها في البيت.
وفي هذا الشأن تقول صالحي إنها أجادت الطبخ في سن صغير ،لكنها أيضا تجيد تحضير بعض الطبخات السياسية على مستوى عال من الدقة والاتقان والحرفية ، كما لديها خبرة في إعداد وتقديم البرامج التلفزيونية وتحب التمثيل ولطالما تمنت أن تلعب دور ملكة سبأ.
ولما سئلت عما إذا كانت مجرد واجهة لحزبها ،وأن زوجها محمد صالحي هو الزعيم الفعلي للحزب ،لم تتحرج من القول بأن زوجها غير قادر على قيادة حزب ،وأنه مستشار ومحرم في آن واحد ،وإذا أراد أن يتمرد ستحيله إلى لجنة الانضباط للبت في أمره .وقد يكون هذا أحد الأسباب التي جعلت البعض يتهمها بالنشوز ،لكنها ترد وتقول بأنها امرأة مطيعة لزوجها بشكل لا يمكن تصوره ،لكنها في نفس الوقت امرأة قيادية لها شخصيتها وكيانها المستقل خارج البيت .وقد قال لها بوتفليقة ذات يوم : “أنت امرأة جسورة ولا تخافين أبدا” ، فردت عليه “أنا ابنة رجل مجاهد أفنى حياته في خدمة الجزائر”.