كتاب ( نقطة التحول ) للكاتب الكندي ( مالكوم جلادويل ) من أميز الكتب التي انتشرت وحققت تأثيراً كبيراً في العالم.
يعرف جلادويل نقطة التحول بأنها :هي فترة “قصيرة” زمنياً يحدث فيها أن تجتاز فكرة معينة أو سلوك اجتماعي العتبة لتتحول إلى عدوى تنتشر مثل النار.
فكرة الكتاب ( The Tipping Point ) جاءت أثناء تغطية غلادويل لقصة انتشار مرض الإيدز في أوائل الثمانيات لصحيفة واشنطن بوست حيث رافق عدد من علماء الأوبئة الذين بينوا له وجود لحظة انفجار تنقل المرض الفردي إلى وباء عالمي.
ومن هنا بدأ تساءل جلادويل، لما لا يكون لأمور الحياة الأخرى نقطة تحول أيضاً؟ وعمل مقاربة لما حدث من انتشار لمرض الأيدز وانتشار الأفكار والسلوكيات الجديدة وتوصل لقوانين تسبب نقطة التحول.
يستهل جلادويل كتابه بالحديث عن شركة أحذية امريكية كان نتاجها السنوي 30 الف زوج سنوياً و كان هذا بين عامي 94 و 95 . في نهاية سنة 95 وصل إنتاج الشركة لـ 430 الف زوج و كل هذا بسبب ان أحذيتهم مرت بما يسمى بنقطة التحول.
ووفقًا لجلادويل ، هناك ثلاثة متغيرات تحدد ما إذا كان سيتم تحقيق نقطة التحول لمنتج أو فكرة أو ظاهرة ومتى: قانون القلة أو الأقلية ، وعامل الالتصاق ، وقوة السياق.
قانون الأقلية
يجادل جلادويل بأن “نجاح أي نوع من الأوبئة الاجتماعية يعتمد بشكل كبير على مشاركة مجموعة أشخاص يمتلكون حزمة خاصة ونادرة من المواهب الاجتماعية. وقسم هؤلاء الأشخاص إلى ثلاثة أنواع : المخضرمون والموصلون (أصحاب العلاقات الواسعة) والباعة.
المخضرمون أو أصحاب الخبرة هم أفراد ينشرون النفوذ من خلال مشاركة معارفهم مع الأصدقاء والعائلة. يحترم أقرانهم تبنيهم للأفكار والمنتجات كقرارات مستنيرة ، وبالتالي من المرجح جدًا أن يستمع هؤلاء الأقران ويتبنون نفس الآراء. هذا هو الشخص الذي يربط الناس بالسوق ولديه السبق الصحفي الداخلي في السوق. المخضرمون ليس لديهم مهارة الاقناع وبدلا من ذلك ، فإن دافعهم هو التعليم ومساعدة الآخرين.
الموصلون أو أصحاب العلاقات الواسعة . إنهم يكتسبون نفوذهم ليس من خلال الخبرة ، ولكن من خلال موقعهم المرتبط بشكل كبير بشبكات التواصل الاجتماعي المختلفة. هؤلاء هم أفراد يتمتعون بشهرة واسعة ويعرفهم الناس ولديهم قدرة فيروسية على عرض الأفكار والمنتجات والاتجاهات الجديدة والدفاع عنها.
الباعة ( وتشمل المسوقين أو مندوبي المبيعات ) هم أفراد يمتلكون بشكل طبيعي قوة الإقناع. إنهم يتمتعون بشخصية كاريزمية وطاقتهم جاذبة ، لا يبذلون جهدا كبيرا عند محاولتهم إقناع الآخرين – بالاعتقاد بشيء ما أو شراء منتج ما – فهذا يحدث معهم تلقائيا لامتلاكهم المهارة .
عامل الالتصاق
عامل مهم آخر يلعب دورًا في تحديد ما إذا كان الاتجاه سوف يميل نحو نقطة التحول أم لا هو ما يسميه جلادويل “عامل الالتصاق”. مهما كانت قوة الفكرة فإن طريقة عرضها ستتحكم في مدى انتشارها من عدمه و ستحدد هذه الطريقة أسلوب تعلقها أو تذكرها في أذهان الجمهور وبالتالي تأثيرها على سلوكهم . ولتوضيح هذه الفكرة ، ناقش جلادويل تطور تلفاز الأطفال وتأثيره ابتداء من ستينيات القرن الماضي.
قوة السياق
الجانب الهام الثالث الذي يساهم في نقطة تحول اتجاه أو ظاهرة هو ما يسميه جلادويل “قوة السياق”. تشير قوة السياق إلى البيئة أو اللحظة التاريخية التي يتم فيها تقديم الاتجاه. إذا كان السياق غير صحيح ، فمن غير المحتمل أن نصل إلى نقطة التحول.
على سبيل المثال ، يناقش جلادويل معدلات الجريمة في مدينة نيويورك، كانت مدينة نيويورك مرتع للجريمة لدرجة أن حصل فيها 2154 جريمة قتل في سنة واحدة ناهيك عن السرقات و خلافه ، خلال خمس سنوات مرت بعد ذلك انخفضت نسبة جرائم القتل بـ 64 % بينما انخفض عدد الجرائم الاخرى بما يعادل 50 %، و السبب أن الجريمة مرت بنقطة تحول حالت دون ازديادها . ويبرر جلادويل سبب الانخفاض بأن المدينة بدأت في إزالة الكتابة على الجدران من قطارات الأنفاق وتضييق الخناق على التهرب من الأجرة. من خلال تغيير سياق مترو الأنفاق انخفض معدل الجريمة.
مايميز جلادويل في كتابه “نقطة التحول” هو الجمع بين الكتابة الروائية ومزجها بالطرافة والمعلومات والأمثلة والتدليل عليها بالأرقام بالإضافة إلى نقل بعض التجارب الشخصية، والربط فيما بين كل هذه العناصر بأسلوب فريد.