هذه ثلاثة نماذج من أدب أبناء الصحابة أوردها المؤلف: محمد علي محمد إمام في كتابه ( صلاح البيوت) .
سمرة بن جندب رضي الله عنه
قال سمرة بن جندب لقد كنت على عهد رسول الله – ﷺ – غلاماً، فكنت أحفظ عنه، فما يمنعني من القول إلا أن هاهنا رجالاً هم أسن مني، وقد صليت وراء رسول الله – ﷺ – علي امرأة ماتت في نفاسها، فقام عليها رسول الله – ﷺ – في الصلاة وسطها “. رواه مسلم (صحيح مسلم – شرح النووي 1/ 32.)
انظر إلي هذا الأدب الجم عند الأولاد الصغار تجاه الكبار. . ياليت الشباب يعقلون ذلك، ويتأدبون أمام الكبار.
عبد الله بن عباس رضي الله عنه
عن ابن عباس – رضي الله عنهم -، قال: كان عمر – رضي الله عنه – يدخلني مع أشياخ بدر فكأن بعضهم وجد في نفسه فقال: لم يدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟! فقال عمر إنه من حيث علمتم! فدعاني ذات يوم فأدخلني معهم فما رأيت أنه دعاني يومئذ. إلا ليريهم قال: ما تقولون في قول الله تعالى {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} (سورة النصر :1)
فقال بعضهم: أمرنا نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئاً، فقال لي: أكذلك، تقول يا ابن عباس؟ فقلت لا. قال: فما تقول: قلت: هو أجل رسول الله – ﷺ – أعلمه له قال تعالي { إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ” وذلك علامة: {فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنّهُ كَانَ تَوّابَا } ( سورة النصر : 3)
فقال عمر – رضي الله عنه -: ما أعلم منها إلا ما تقول. رواه البخاري. (رياض الصالحين ـ باب الحث علي الازدياد من الخير في أواخر العمر) .
وعن ابن عباس – رضي الله عنهم – قال: أتيت النبي – ﷺ – وهو يصلي في آخر الليل، فقمت وراءه فأخذني، فأقامني حذاءه ـ بجواره ـ فلما أقبل علي صلاته انخنست ( أي: رجعت إلي الوراء.) فلما انصرفت قال:” مالك أقمك حذائي فتخنس “؟ قلت: ما ينبغي لأحد أن يصلي حذاءك وأنت رسول الله، فأعجبه، فدعا الله أن يزيدني فهماً وعلماً. ( رواه الحاكم في المستدرك )
انظر إلي فهمه وأدبه، وهو ما يزال صغيراً في ذلك الوقت دون العاشرة أو أزيد بقليل.
عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
كان عبد الله بن عمر يجلس في مجلس من مجالس النبي ﷺ ، فقال رسول الله ﷺ إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقه وإنها مثل المسلم فحدثوني ما هي؟ فوقع الناس في جر البوادي، قال عبد الله: ووقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت، ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله قال: فقال: ” هي النخلة ” قال: فذكرت ذلك لعمر، قال لأن تكون قلت هي النخلة أحب إليَّ من كذا وكذا. رواه مسلم.
وفي رواية ثانية لمسلم أيضا:عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: ” يوماً لأصحابه أخبروني عن شجرة مثلها مثل المؤمن ” فجعل القوم يذكرون شجراً من شجر البوادي، قال ابن عمر: وألقي في نفسي أو روعي أنها النخلة، فجعلت أريد أن أقولها فإذا أسنان القوم، فأهاب أن أتكلم، فلما سكتوا قال رسول الله – ﷺ -:” هي النخلة .
وفي رواية ثالثة لمسلم أيضا: قال ابن عمر فوقع في نفسي أنها النخلة ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان فكرهت أن أتكلم أو أقول شيئاً، فقال عمر: لأن تكون قلتها أحبَّ إليَّ من كذا وكذا. ( صحيح مسلم شرح النووي 17/ 154.)